2024-11-27 03:32 م

رئيسة معهد جنوب آسيا الاستراتيجى: لهذا السبب ظهر القراصنة فى الصومال والإرهاب فى سيناء

2017-11-11
لماذا ظهر القراصنة أمام الصومال وخليج عدن؟ ولماذا ظهرت جماعات الإرهاب والعنف المسلح فى جنوب وغرب آسيا حيث باكستان والهند والدول العربية؟ ولماذا كثفت تلك الجماعات هجماتها ضد مصر فى الأعوام الأخيرة؟
وهل لذلك علاقة بتحولات عالمية تجرى حاليا؟ وماهى علاقة مبادرة «حزام واحد وطريق واحد» (مبادرة الحزام والطريق)، التى أطلقتها الصين منذعام 2013، بذلك الأمر؟

وفى محاولة للوصول إلى إجابة لتلك الأسئلة الملحة تحدثت المستشارة الاستراتيجية الدكتورة ماريا سلطان رئيس ومدير جامعة/معهد جنوب آسيا الاستراتيجى للاستقرار بباكستان وذلك فى ندوة استضافها المنتدى الثقافى المصرى برئاسة السفير أحمد الغمراوى وبمشاركة كل من السفير مشتاق على شاه سفير باكستان لدى القاهرة والسفير فتحى على يوسف رئيس جمعية الصداقة المصرية ــ الباكستانية، وسفير سريلانكا لدى القاهرة، والسفير عبد الفتاح عز الدين ولفيف من الدبلوماسيين المصريين والأجانب والأكاديميين والصحفيين.

قالت الدكتورة ماريا سلطان أن المبادرة الصينية المعروفة بــ «مبادرة الحزام والطريق» تشارك فيها باكستان تحت إسم «الممر الاقتصادى للصين وباكستان» وإنها جاءت إلى القاهرة لتعرض التحولات التى طرأت على بلادها بعد مشاركتها فى المشروع ولتدعو إلى إعادة مستوى التعاون المصرى الباكستانى إلى عهده الذهبي.

وإستهلت المتحدثة محاضرتها بالإشارة إلى أن تلك المبادرة الصينية هى بداية لتحول عالمي.

فاليوم هناك عالم جديد حيث التحولات الرئيسية الجوهرية فى المجالات السياسية والاقتصادية وحركة الشعوب على مستوى العالم ويبرز عنصر التواصل الإقليمى كمفتاح للتنمية. وفى ظل التحولات الجوهرية العالمية الحالية فإن هناك صعودا للدول الآسيوية ومجموعة الدول المجاورة التى تشكل حاليا ما يمثل 78% من النظام الاقتصادى العالمى والتى تشمل دولا مثل باكستان ومصر وسريلانكا بالإضافة إلى الصين التى تعد الدولة القائدة فى ذلك التحول.

وترتكز مبادرة «الحزام والطريق» على مجموعة من الطرق التجارية التى تربط بين الشرق والغرب من كوريا واليابان شرقا وصولا إلى البحر المتوسط غربا وهو ما إستلزم وجود مشروعات متعددة للبنية التحتية ذات طابع إقتصادى وتنموى وشملت الطرق والسكك الحديدية وطرق النقل البحرية والسيبرانية (المتعلقة بالتجارة الإلكترونية).

والطريق البحرى لايربط فقط بين أحواض أنهار كل من: النيل والفرات والسند والنهر الأصفر فى الصين بالموانئ الروسية، بل يوضح أيضا ما سيكون عليه نمو الروابط الجديدة للتجارة الدولية.

وأكدت المتحدثة إن العالم يحارب اليوم لاقتحام ميدان المشاعات العالمية (المنافع والموارد الطبيعية المشتركة) القائم على خطوط الإتصال المتواجدة فى البحر والفضاء الإلكترونى والجو و نقاط الإتصال البرية التى يمكنها زيادة مستوى التواصل التجارى بين الدول.

وقد انتقلت مراكز التواصل المحورية وخطوط النقل البحرى العالمية الرئيسية لتصبح فى شرق آسيا والشرق الأوسط ومنطقة سواحل آسيا والمحيط الهادي. وفيما يتعلق بخريطة الإتصال الجوية الرئيسية على مستوى العالم (وخاصة الطيران التجاري) ظهرت عدة مراكز محورية.

وإستعرضت المتحدثة توزيع القطع البحرية الحربية لدول العالم ـ الولايات المتحدة وروسيا وحلف الناتو وبعض الفاعلين الدوليين ـ فى البحار والمناطق البحرية المطلة على خطوط الإتصال البحرية الرئيسية فى العالم ومن بينها منطقة شرق البحر المتوسط، وأكدت أن تلك الدول تصارع من أجل الحفاظ على نصيبها من»المشاعات العالمية» من خلال حماية خطوط حرة للإتصال والنقل والتجارة.

ونبهت المتحدثة إلى أن الإنتشار المرصود يمثل تحولا سياسيا وعسكريا رئيسيا فى الميدان البحري. فالدول تعدل من توجهاتها ومن أوضاع قطعها البحرية العسكرية لتتماشى مع خريطة تحالفاتها مع شركاء إقليميين وشركاء محتملين. وأكدت أن الهدف من تحركات تلك الدول هو السيطرة على خطوط الإتصال والنقل الحرة.

وأشارت المتحدثة إلى حدوث تغيرات جوهرية فى حجم تجارة الحاويات المنقولة بحرا وحجم التجارة بالموانئ البحرية وهى التغيرات التى تواكبها محاولات للسيطرة على طرق التجارة الدولية. فبعد أن كان تركز تجارة الحاويات فى موانئ أوروبا والولايات المتحدة خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضى أصبح تركز تجارة الحاويات منذ عام 2006 فى المحيط الهندى وآسيا والمحيط الهادي. فأكثر من 17% من التجارة العالمية تمر عبر المحيط الهندى وزاد حجم التجارة الذى يعبر قناة السويس بشكل لافت. كما تظهر خرائط نقل النفط عبر الخطوط البحرية أن التحولات المستقبلية فى التجارة البحرية خاصة فيما يتعلق بنقل النفط وتجارته وتطويره بروز نقاط تركز عالمية رئيسية بكل من قناة السويس بمصر وموانئ المحيط الهندى وموانئ المحيط الهادي.

وأكدت المتحدثة أنه فى حالة دمج الخرائط السابقة جميعها فسنلاحظ أن هناك تحولا فى طرق التجارة العالمية وفى نقاط تركز تلك التجارة والتنمية لتتماشى مع مسارات مبادرة «الحزام والطرق»، وبالتالى سيتصاعد «قلق» الدول التى ستفقد نقاط التركز التجارية العالمية القديمة لأنها ليست من أعضاء مبادرة «الحزام والطريق» ما قد يدفعها إلى وضع عراقيل والقيام بمحاولات تدخل لتغيير البيئة الاجتماعية والسياسية الخاصة بالدول المستفيدة من المبادرة الجديدة.

وضربت المتحدثة مثلا بالاضطرابات الحدودية التى نشبت أخيرا فى ذات المناطق التى سيمر عبرها «الممر الإقتصادى للصين وباكستان»، كما نبهت إلى مسار «مبادرة الحزام والطريق» وخاصة ذلك الجزء الذى يمر عبر قناة السويس فى الطريق إلى شمال أفريقيا وجنوب أوروبا.

وحذرت المتحدثة من أن هناك «قوى منافسة» تضع العراقيل أمام المشروع الطموح حيث أظهرت الخرائط أن أبرز أنشطة القرصنة البحرية تحدث فى المحيط الهندي، وتعرضت سواحل الصومال وجيبوتى لمخاطر أمنية بالتزامن مع صعود خطر تنظيمات مثل تنظيم «داعش». ولكن تم تأمين المنطقة بفضل التعاون الأمنى بين باكستان والصين وروسيا وتقلصت المخاطر الخاصة بهذا الطريق البحري.