2024-11-30 01:54 ص

حماس.. قيادة جديدة تنطلق من البستان الفلسطيني

2017-10-01
القدس/المنـار/ شهدت حركة حماس في الأعوام الثلاثة الأخيرة مخاضا، ما كان ليحدث لولا تراجع شعبيتها، وخطورة الأوضاع التي آل اليهالا حكمها في قطاع غزة، بفعل الانقلاب الذي نفذته، قبل أكثر من عشرة أعوام.. عاشتها الحركة "منتظرة" و "متمنية" تغيرات في المنطقة، تجلب حلولا لمشاكلها، وتفتح لها مسارات الزحف نحو الضفة الغربية خاصة في ضوء المواقف السلبية من جانب أنظمة سعت وما تزال لإقصاء الشرعية الفلسطينية وإسقاط المشهد السياسي الفلسطيني الذي يرأسه محمود عباس.
في السنوات الثلاث الأخيرة، تعمق ارتباط حماس بأنظمة لها أجندات مشبوهة ، بل وجدت نفسها أداة في خدمتها، وفكت الارتباط بحلفائها سوريا وايران وحزب الله، وخالفت قاعدتها الشعبية، وتدخلت في الشأن الداخلي لدول عربية، كسوريا ومصر، واستمرت في المناورة والمماطلة بخصوص المصالحة، هذا الحال الذي وصلت اليه حركة حماس أثار انتقادات في صفوفها، وبدا واضحا وجود شرخ يتعمق في القاعدة والقمة، وتذمر بين مواطني القطاع.. شكل انذارا باقتراب ثوران بركان الغضب، وشحت مداخيل الحركة الشرعية وغير الشرعية.
لكن، انتخابات المكتب السياسي جاءت بقيادات جديدة، لها مواقفها وتطلعاتها غير المنطلقة من بساتين الآخرين.. قيادات غير راضية عن تحالفات المكتب السابقة مع قطر تركيا، ورافضة الامتثال لتعليمات التنظيم الدولي لجماعة الاخوان، ووجدت أن اصطفاف الحركة في العهد السابق جلب لها الويلات والمآزق، وبالتالي تفرغت القيادات الجديدة لاصلاح الاخطاء والسياسات، وصولا الى مواقف وسياسات تأخذ في الحسبان أن حماس حركة مقاومة ولها ظروفها الخاصة وعليها أن تكون بعيدة كل البعد عن توجهات جماعة الاخوان وارتباطاتها وتحالفاتها وسياساتها، وهذا ما حدث بالفعل، وما نراه ونلمسه من خطوات في الفترة الاخيرة، تقدم عليها قيادة الحركة، هو تأكيد على "صوابية" ما ذهبت اليه، وما وضعته من قواعد لسياسة جديدة مغايرة تماما لما انتهجته القيادة السابقة.
القيادة السابقة لحماس ربطت الحركة بتحالفات منبوذة في الساحة العربية، فقدت حماس الكثير من قاعدتها الشعبية، قيادة التزمت بأجندات غريبة، وضعت مقاومتها ومصلحة شعبها في آخر درجات سلم الأولويات، فكان على القيادة الجديدة الذي يعتبر يحيى السنوار أحد أبرز عناصرها، أن تتجه وفق برنامج مدروس بدقة، وخطة سليمة الى مراجعة كل السياسات السابقة، واعادة ربط الخيوط مع الحلفاء الطبيعيين، كايران وسوريا وحزب الله، وفي ذات الوقت التوجه الجاد لانهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والتركيز على المصالحة الوطنية ووضعها فوق كل اعتبار، والتوقف الفوري عن التدخل في الشأن الداخلي لهذه الدولة أو تلك، وهذا ما نرى ترجمته على أرض الواقع في العلاقة المتطورة بين الحركة والقاهرة، وردت الاخيرة على ذلك برعاية جهود المصالحة في الساحة الفلسطينية، وتقديم كل الاسناد لقطاع غزة مع تعزيز لوحدة الشعب مواجهة للتحديات والتهديدات.
انه تغير كبير تشهده حركة حماس، على الصعيدين الداخلي والخارجي، مؤكدة بهذا التغير خطأ القيادة السابقة للحركة التي تبنت أجندات غريبة، وأبقت على الانقسام في الساحة الفلسطينية، تغير سوف يعكس أثارا ايجابية كبيرة داخل هذه الساحة، بعد سنوات طويلة من الويلات التي تسبب بها الانقسام المؤلم.. تغير حقيقي رسمت خطوطه وعناصره قيادة جديدة عانت داخل السجون، وتحت حصار الاحتلال، هي الاقرب للشارع الفلسطيني، الذي يئن تحت أوضاع صعبة بالغة الخطورة تسببت بها القيادة السابقة، التي آثرت انتظار ما قد تجلبه لها مؤامرة الربيع العربي وبرامج جماعة الاخوان من ثمار، لن تتحقق أبدا.
القيادة الجديدة لحركة حماس أدركت سلامة موقف القيادة الشرعية، ومصر أيضا لم تجد  ما يمكن ان يدين سياسة هذه القيادة، فكانت الانطلاقة الجادة لانجاز المصالحة وعودة القطاع الى حضن الشرعية وعودته تعني ايضا حماية الامن القومي المصري، الذي يتعرض لانتهاك من مجموعات ارهابة تمولها جهات مشبوهة أٌخضعت حماس لتعليماتها وسياساتها، وجلب للحركة المآزق والاخطار.
هذا التغير الواضح في مواقف وسياسة قيادة حماس الجديدة، يبعد عنها نهائيا شبح ملاحقة الحركة أو وصفها بتنظيم ارهابي، ويدخلها رقما قويا في المعادلة الفلسطينية، بقبولها الانضواء تحت جناح ولواء الشرعية، في موقف واحد لمواجهة التحديات والاحتلال في مقدمتها، وفي ذات الوقت تعود صورة الفلسطيني قوية في الساحتين الاقليمية والدولية.