وُلِد البروفيسور “ماني” في الخليل لعائلة يهودية من أصل عراقي. وفق وسائل الإعلام الإسرائيلية، فقد سُمي بهذا الاسم تيمنا بأحد أبناء الحاخام، الذي تعلم الطب في جامعة سوربون وعمل طبيبا لسلطان المغرب. يبدو أنه كان من نصيب ماني أن يعمل طبيبا لزعماء الدول العربيّة.
ولقد حظي بذلك العمل بمحض الصدفة. فقد بدأ تعليمه في المسار الجامعي العادي، درس الطب، وأصبح رئيسا لقسم المسالك البولية في مستشفى “تل هشومير”.
في أحد الأيام وصل إليه ملف طبي سري، يعود إلى ابن عم الشاه، العقيد في الجيش الإيراني. كان العقيد يعاني فشلا كلويا ورأى أطباؤه استحالة علاجه.
ولكن البروفيسور “ماني” اعتقد أن في وسعه إنقاذ حياته بعد إجراء عملية جراحية له. فنُقِل العقيد جوا إلى إسرائيل، وأجرى له البروفيسور عملية جراحية مُنقذة للحياة.
وغيّرت هذه العملية حياة البروفيسور ماني. لقد دعاه العقيد لزيارة إيران، وفي نهاية الزيارة دعاه إلى قصر الشاه الإيراني. قال ماني قبل أربع سنوات في مقابلة معه: “أحبَ الشاه الفرنسيّة جدا وكنت أجيدها أنا أيضا. وهكذا تطورت علاقة بيننا حتى هاجر بلاده”.
وكما طلب الشاه المساعدة الطبية من البروفيسور ماني الذي قال: “كان الشاه يعاني من سرطان الدم، وكانت إصابته بمثابة سر دفين. لقد خططنا علاجه وعزمنا على إعطائه في طهران. لهذا سافرت إلى طهران في بعض الأحيان بعد تلقي إذن. كان يرسل الشاه طائرة لنقلي لأفحص أن كل شيء على ما يرام لديه وللتستر على حالته لئلا يُعرَف أنه يعاني من مرض غير قابل للشفاء وقد نجح ذلك. وبعد مرور عدة سنوات من وفاة الشاه تحدث معي مراسل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) في تل أبيب وأخبرني أنه يبدو أن الشاه كان مريضا طيلة ثماني سنوات وأني قدمت له العلاج. فأكدت أقواله، وتفاجأ أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) لم تشتبه بالقضية أبدا”.
وبدأ يسطع اسم ماني كطبيب ناجح لدى مسؤولين كبار آخرين في الخليج، بناء على هذا استدعته شخصيات هامة أخرى لتقديم العلاج – العاهل السعودي، فهد بن عبد العزيز آل سعود. قال ماني عنه بمودة: “كان العاهل السعودي يعاني من داء السكري ولكنه تناول كل ما كان يُحظر عليه تناوله”.
واعترف ماني أنه عالج الأعراض الصحية التي عانى منها العاهل السعودي إزاء داء السكري وفق مجال اختصاصه. “كان السعوديون يرسلون لي طائرة إلى قبرص، وكنت أسافر من قبرص إلى المملكة العربية السعودية بطائرة خاصة، وقال ماني إن ذلك حدث بين عامي 1968-1970.
وهناك حاكم آخر اعترف ماني أنه كانت لديه علاقة معه، وهو حاكم السودان، جعفر النميري. في الثمانينيات، قُبَيل “حملة موشي” التي هرّبت فيها إسرائيل يهود إثيوبيا إلى أراضيها، التقى ماني النميري بوساطة زميله عدنان خشوجي، التاجر السعودي. جرى اللقاء في أوروبا ودام لبضعة أيام”.
ونجح ماني في تحقيق هدفه بعد أن اقتنع النميري بأن يخصص جزءا من مطار الخرطوم الدولي من أجل “الموساد” مقابل دفع 40 مليون دولار. “كانت تهبط طائرات إسرائيلية بعد ساعات المساء، في جزء من المطار الذي كان يعمل فيه جنود سودانيون لم يعرفوا ما كان يجري فيه حقا. بعد هبوط الطائرات، كانت تجمع يهود إثيوبيا الذين اجتازوا الحدود مشيا على الأقدام ووصلوا مباشرة إلى المطار، ونقلتهم إلى إسرائيل جوا. هكذا نجحنا في نقل 15 ألف أثيوبي”.
وقال البروفيسور ماني حول علاقاته مع التاجر السعودي: “عاش خشوجي نمط حياة غريب. لقد سافرت معه إلى الريفيرا الفرنسية، لندن، إسبانيا، والمغرب. رفضت السفر معه إلى سوريا والعراق فقط. لقد كانت لدي علاقات جيدة مع كل ضيوف خشوجي الذين وصلوا إلى الريفيرا لقضاء الوقت”.
وعمل ماني طبيبا أيضا في الوقت الذي قضى أوقات مميّزة وسرية. تجاهلت إدارة المستشفى غياب ماني المتكرر بعد أن أرسل رئيس الحكومة الإسرائيلي، مناحم بيجن، رسالة طلب فيها منها السماح لماني التغيّب عن عمله دون طرح أسئلة.
ويبدو أن هناك تجارب أخرى مر بها البروفيسور ماني ولم يتحدث عنها. لقد كان ماني معروفا في إسرائيل بصفته طبيبا مشهورا، ولم يفكر أحد أنه يُنجز عمليات سرية أيضًا، حتى كُشف عنها في السنوات الأخيرة من حياته. في مقابلة أجراها ماني قبل وفاته بعامين قال: “نجحت في إقامة علاقات كثيرة مع شخصيات هامة في العالم العربي في هذه الفترة، وقدمت المساعدة في كل مرة وفق الحاجة. أنا فرح بهذا، لأن هناك الكثير من الأشخاص الذين لم يحققوا هذا في حياتهم”.