2024-11-26 01:49 م

محرر مذكرات عمرو موسى: أطرافها أحياء وستثير الجدل

2017-09-19
حظي صدور الجزء الأول من مذكرات السياسي المصري عمرو موسى بصدى واسع في الأوساط السياسية والثقافية المصرية.
تحمل المذكرات اسم"كِتابيه" وهو العنوان الذي قال موسى، خلال حفل تدشين الكتاب الأسبوع الماضي، إنه مُستوحى من الآية القرآنية الكريمة: "فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ» (الحاقة: 19). 

المذكرات أصدرتها دار "الشروق" المصرية وتأتي في 3 أجزاء، واستطاعت أن تعيد الدبلوماسي المصري إلى دائرة الضوء من جديد، وتُعَد بمثابة منصة حكائية للدبلوماسي المصري تمر على طفولته ونشأته، والتحاقه بالسلك الدبلوماسي وسنواته الـ10 التي قضاها أمينا عاما لجامعة الدول العربية، وانخراطه في الحياة السياسية المصرية، وترشحه للانتخابات الرئاسية، وصولا إلى ترؤسه لجنة الخمسين لكتابة الدستور المصري عام 2014. 

كِتابيَه
بوابة "العين" الإخبارية تحدثت لمُحرر ومُوثق مذكرات عمرو موسى "كِتابيَه"، وهو الكاتب الصحفي خالد أبو بكر، مدير تحرير صحيفة "الشروق" المصرية، الذي قال إن هذا العمل استغرق 18 شهرا للخروج إلى النور. 

وإلى جانب التوثيق والتحرير جمع أبو بكر شهادات شهود عيان لعدد من الشخصيات التي عملت بالقرب من موسى في محاور مختلفة تتناولها المذكرات. 

وعند سؤاله عن نوعية التحديات التي واجهته في هذا العمل، قال أبو بكر إنها "الخوف من الوقوع في الأخطاء التي توصم كتابة المذكرات في العالم العربي، ذلك أن الأغلبية الكاسحة من كُتّاب المذكرات يعتمدون على الذاكرة فقط، ومعلوم أن الذاكرة البشرية تخضع للكثير من عوامل التعرية منها: الخلط والخطأ والنسيان، فضلا عن جنوح هؤلاء الكتّاب إلى تبرير الأخطاء وتمجيد الذات وتشويه الخصوم". 

ويتابع أبو بكر: "كنت مرعوبا من تجربة الكاتب الصحفي أنيس منصور والدكتور رشاد رشدي في كتابة مذكرات الرئيس السادات، التي امتلأت بعيوب كتابة المذكرات التي أشرت إليها، وكان الواجب عليهما أن يراجعا الرئيس في الكثير من الأمور التي حملت أخطاء تاريخية واضحة جدا، ولا يمكن لها أن تخفى على القارئ، خاصة المرتبط فيها بالفريق سعد الشاذلي، رئيس أركان القوات المسلحة في حرب أكتوبر".

نقاشات
حمل خالد أبو بكر تلك الهواجس المسبقة عند كتابة المذكرات خلال نقاشه الطويل مع عمرو موسى قبل البدء في تسجيل مذكراته، هكذا يقول أبو بكر "وبكل أمانة أقول إنني لمست فيه رغبة أكيدة في تجنب كل هذه الأخطاء؛ لأنه يريد أن يترك كلمته للتاريخ بأعلى درجات الموضوعية، رغم أن ذاته جزء من الموضوع في هذه المذكرات".

"وبعد نقاش طويل توصلنا إلى أنه لتجنب عيوب كتابة المذكرات في الثقافة العربية ينبغي أن تحتوي هذه المذكرات على وثائق رسمية وشهادات مسجلة لشهود عيان أحياء من كبار الدبلوماسيين الذين عملوا مع موسى، تدلل على صحة الوقائع التي تناولتها المذكرات، ذلك أن هذه الوثائق وتلك الشهادات بجانب تصريحاته للصحف وقت وقوع الحدث كلها أمور أبعد ما تكون عن "وصمة الانحياز"؛ لأنه عند صدور هذه الوثائق أو تلك التصريحات لم يكن يعرف أنه سيعود إليها في يوم من الأيام لكتابة مذكراته".

وقال موسى إن من مزايا الحصول على هذه الشهادات الآن أنني لست في منصب رسمي يمكنني من خلاله أن أنفع أو أضر.

ووفقا لهذا المنهج الذي تم الاستقرار عليه في توثيق المذكرات، يعتبر أبو بكر أن "مذكرات السيد عمرو موسى تقدم منهجا جديدا في كتابة المذكرات في العالم العربي" على حد تعبيره.

فصاحة
يتابع أبو بكر أن من التحديات التي واجهته كذلك هي أنه يكتب مذكرات رجل "الكثير من رأسماله لدى الشعب المصري والعربي يتمثل في فصاحته، وبالتالي فإن الوصول إلى صياغة محكمة ترضيه كانت مسألة احتاجت مني إلى جهد مضاعف".  

يستطرد محرر المذكرات: "من التحديات أيضا كثرة الحوادث التي يمكن الحديث عنها في حياة عمرو موسى، لدرجة أن الجزء الأول وصل إلى نحو 1000 صفحة، واختصرته إلى أن وصل القاري في 654، وهو عدد صفحات كبير أيضا، احتاج مني إلى تركيز شديد واختزال مدروس كي لا يشعر القارئ بالملل في أثناء القراءة، ومن يقرأ النص أعتقد أنه سيجده إنسيابيا رغم احتوائه على وثائق رسمية وشهادات حية، ناهيك عن احتوائه على موضوعات تبدو صعبة على القاري العادي في السياسة الخارجية المصرية والعلاقات الدولية".
أجزاء
يتناول الجزء الأول من المذكرات مسيرة حياة عمرو موسى من النشأة مرورا بالتحاقه بالسلك الدبلوماسي سنة 1958 والمناصب الكثيرة التي تقلدها، ومنها سفير مصر في الهند (1983 - 1986)، والمندوب المصري الدائم لمصر في الأمم المتحدة (1990 - 1991) وصولا إلى السنوات الـ10 التي قضاها في منصب وزير الخارجية.

فيما يتناول الجزء الثاني السنوات الـ10 التي قضاها أمينا عاما لجامعة الدول العربية، والتي شهد فيها العالم العربي الكثير من الأحداث الساخنة، سواء في العراق أو فلسطين أو لبنان والسودان وغيرها من الأقطار.

أما الجزء الثالث فهو معني بالفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وانخراطه في الحياة السياسية المصرية، وترشحه للانتخابات الرئاسية، وصولا إلى ترؤسه لجنة الخمسين لكتابة الدستور المصري عام 2014.

جدل 
وحول سؤاله عن الأجزاء التي يتوقع أن تثير جدلا يقول أبو بكر "أعتقد أن الأجزاء كلها ستثير الكثير من الجدل بالنظر إلى أنها تتناول فترات تاريخية آنية، ومعظم أطراف الحوادث والوقائع التي تتناولها ما زالوا على قيد الحياة، وبإمكانهم الرد أو التعقيب أو حتى الاعتراض على ما سيرد فيها، سواء كان ذلك على المصري الداخلي أو على مستوى العالم العربي أو في المحيط الدولي الذي يضم أطرافا متداخلة في معظم قضايانا السياسية".

ويعتبر الكاتب خالد أبو بكر أن السير الذاتية من الألوان التي يقبل عليها الناس، ويزيد ذلك تبعا لاسم صاحب السيرة، فكلما توقع الجمهور أن صاحب السيرة لديه الكثير من الأسرار والكواليس التي سيفرج عنها ويبوح بها سيقبلون عليها بشدة، يتساوى في ذلك سير كبار السياسيين مع سير الفنانين.