آنا نيكولاو من ماكلين ـ فيرجينيا
قضت عائلة مارس أكثر من قرن في بناء إمبراطوريتها بهدوء. ابتداءً من إعداد الشوكولاتة في مطبخ في عام 1911، صنعت العائلة علامة تجارية اسمها على كل لسان، وتوسّعت في جميع أنحاء العالم، لتسيطر على نحو نصف مبيعات الشوكولاتة في الصين، وتجعل عائلة مارس من بين أغنى العائلات في أمريكا ـ كل ذلك في سرية نسبية.
يقول الرئيس التنفيذي، جرانت ريد، ساخراً: "كما وجدتَ عندما وصلتَ إلينا، نحن لا نزال شركة خاصة جداً"، وذلك خلال مقابلة في مبنى فيرجينيا غير المعروف الذي هو المقر الرئيس العالمي لأكبر شركة لصناعة الشوكولاتة في العالم.
لكن هذا العام، في الوقت الذي ابتعد فيه مزيد من المتسوّقين المهتمين بالصحة عن الأطعمة السكرية وحديث الحكومات عن "حرب على السكر" - ونظراً لقدرة المستهلكين غير المسبوقة على نشر آرائهم على موقع تويتر وأماكن أخرى - الشركة المعروفة بكونها سرية بشكل كبير أصبحت أقل انعزالا. يقول ريد: "كونها سرية كان ميزة كبيرة لعدة أعوام. لم يكن أحد يعرف حقا ما كنّا نفعله، وتوسعنا في جميع أنحاء العالم". لكن الآن "مع وسائل الإعلام الاجتماعية (...) بإمكانك البحث على جوجل عن كل شيء تقريباً. إذا لم تروِ القصة الخاصة بك، شخص آخر سيفعل".
بنت "مارس" إمبراطورتيها على الشوكولاتة، لكنها تتحوّل الآن. توقف نمو مبيعات الشوكولاتة في الأعوام القليلة الماضية، وفي الوقت نفسه أقدمت "مارس" على بعض الرهانات الكبيرة.
في عام 2015، استثمرت العلامة التجارية التي وراء "إم آند إمز" M&Ms و"سنيكرز"، 100 مليون دولار في أول مصنع لها للحلويات في الولايات المتحدة منذ 35 عاماً. وزادت أيضا منً إعلاناتها.
وفي كانون الثاني (يناير) هذا العام اشترت "في سي آيه"، شركة الخدمات البيطرية، مقابل 9.1 مليار دولار، لتدخل أكثر في مجال أعمال رعاية الحيوانات الأليفة سريعة النمو. وهي تملك بالفعل علامات تجارية لأطعمة الحيوانات الأليفة، بما في ذلك "بيديجري"، و"يسكاس" و"شيبا". وبعد شهرين أدخلت "مالتيزرز" وكانت أول علامة تجارية لها للشكولاتة في الولايات المتحدة منذ 20 عاماً.
"مارس تعود"، كما يقول محللو "يو بي إس"، بعد أن تراجعت لمصلحة منافستها "هيرشي" في الولايات المتحدة. "مارس" التي تُحقق نحو 35 مليار دولار من المبيعات سنوياً، خسرت أكثر من نقطة مئوية واحدة من الحصة السوقية الأمريكية بين عامي 2011 و2016، لتُصبح حصتها بحسب "يورومونيتر"، 27.3 في المائة، مقابل 31.6 في المائة لشركة هيرشي.
"مارس"، مثل المنافسين في صناعة المواد الغذائية، تضررت من اتجاه المستهلكين للبحث عن الخيارات الصحية. ويتوقع "يو بي إس" أن مبيعات الشوكولاتة في العالم المتقدم، الذي يُشكّل ثُلثي السوق، ستتباطأ في العام المالي 2017/2018، من نمو طويل الأجل بنسبة 2 في المائة إلى 3 في المائة سنوياً. وتمثل أكبر خمس شركات في القطاع ـ بما فيها "مارس" و"مونديليز" و"نستله" ـ أكثر من 65 في المائة من إجمالي مبيعات الحلويات. وخلال ذروتها في السبعينيات والثمانينيات كانت "مارس" معروفة بإعلانها: "لوح مارس يومياً يُساعدك على العمل، والاسترخاء، واللعب". لكن الآن الحكومات في أنحاء العالم كافة تنصح المستهلكين بالحد من الحصة اليومية ومن إطلاق العنان للنفس في المأكولات اللذيذة، مثل ألواح الشوكولاتة، لمكافحة معدلات السُمنة المتنامية.
رداً على ذلك، يقول ريد: "نحن نفعل كل الأشياء التي تتوقعون منا فعلها". خفّضت "مارس" وزن لوح الشوكولاتة القياسي إلى 51 جراما، مقارنة بـ 65 جراما في التسعينيات، لذلك فإن ألواح الشوكولاتة التي تصنعها لا تحتوي على أكثر من 250 سعرة حرارية. ويضيف: "كلما كان بإمكانك إزالة الملح، والسكر، والدهون، كان ذلك أفضل"، مشيرا إلى أن "مارس" تعمل أيضاً على الوجبات الخفيفة الصحية، مثل "جودنيس نوز"، وهو عبارة عن لوح فواكه ومكسرات تدخل فيه الشوكولاتة الداكنة، وألواح الشوكولاتة الصغيرة، التي تنمو عشر مرات أسرع من سوق الشوكولاتة الأمريكية ككل.
وتتطلّع "مارس" أيضاً إلى اللحاق بركب الشعبية المتزايدة لمُصنّعي الشوكولاتة "البارعة" المحليين. وعلى الرغم من الخسائر في وطنها، حافظت "مارس" على حصتها السوقية العالمية من خلال الأسواق الناشئة مثل الصين. وتستفيد أيضاً من المُلكية الخاصة، ما يعزل الشركة من الضغوط لخفض التكاليف التي أضرت كثيرا بمجموعات الأغذية الاستهلاكية خلال العقد الماضي.
كشفت "هيرشي" هذا العام عن برنامج لخفض التكاليف يستهدف 22 إلى 23 في المائة من هوامش الأرباح، بعد رفض عرض استحواذ من "مونديليز".
قد تُركّز "مارس" أيضاً أكثر على أكبر أقسامها: رعاية الحيوانات الأليفة. الإنفاق على أطعمة الحيوانات الأليفة في الولايات المتحدة يتفوّق على فئات الأغذية الأخرى، إذ ارتفع 4.1 في المائة إلى 62.8 مليار دولار العام الماضي، وذلك وفقاً لرابطة منتجات الحيوانات الأليفة الأمريكية.
"مارس" هي منذ الآن ثاني أكبر بائع لأطعمة ومنتجات الحيوانات الأليفة في الولايات المتحدة، بعد نستله، ودفعت علاوة بنسبة 41 في المائة على سعر أسهم "في سي آيه" لشراء الشركة. وعلى الرغم من التحديات، إلا أن الشوكولاتة لا تزال تبيع أفضل من معظم فئات الأغذية الأخرى، كما يقول ريد. في الولايات المتحدة ارتفع إجمالي مبيعات الشوكولاتة 3.5 في المائة إلى 18.8 مليار دولار العام الماضي، وذلك وفقاً لبيانات يورومونيتور.
وكانت الشوكولاتة أيضاً محمية حتى الآن من وطأة التعطيل من التجارة الإلكترونية. لكن في الوقت الذي تتطلع فيه الصناعة إلى مستقبل التسوق، يقول محللون إن هذا يُمكن أن يتغير.
بريتاني وايزمان، المحللة في "إدوارد جونز"، تُشير إلى أن الناس يقضون وقتاً أقل في متاجر المواد الغذائية، مع عروضها الكبيرة من الشوكولاتة والحلويات. تقول: "كثير من الحلوى والشوكولاتة يغلب عليها أن تكون عملية شراء من وحي اللحظة عند خط الخروج. كيف يُمكننا تكرار ذلك على الإنترنت؟".