في التقدير الإستراتيجيّ الإسرائيليّ الرسميّ أكّدت الأجهزة الأمنيّة المُختلفة في الكيان الاسرائيلي على أنّ حزب الله هو العدّو رقم واحد، يليه الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، فيما احتلّت حركة حماس الفلسطينيّة المرتبة الثالثة. علاوةً على ذلك، وباعتراف أركان تل أبيب، من المؤسستين السياسيّة والأمنيّة، فإنّ المطلوب رقم واحد لأذرع الأمن الإسرائيليّة هو الأمين العّام لحزب الله، السيّد حسن نصر الله، الذي بمحض إرادته توارى عن الأنظار منذ أنْ وضعت حرب لبنان الثانيّة أوزارها في آب (أغسطس) من العام 2006، لعلمه ويقينه التامّين بأنّ كيان الاحتلال يبحث عن تصفيته.
اليوم، وبعد مرور 11 عامًا على الحرب المذكورة، والتي انتهت بفشلٍ إسرائيليٍّ مدّوٍ، طبعًا باعتراف قادة تل أبيب، تُحاول الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة التستّر على فشلها في اغتيال نصر الله زاعمةً أنّه لم يبقَ على رأس قائمة المطلوبين، وهو الادعاء، الذي على ما يبدو، طفا على السطح، بعد أنْ كشف سيّد المُقاومة في خطابه الأخير بأنّه توجّه إلى دمشق والتقى هناك بالرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد، للحصول على موافقة سوريّة في قضية إبرام الاتفاق بين حزب الله وتنظيم “داعش”.
وهذا الكشف، ربمّا أحرج قادة الأجهزة الأمنيّة في تل أبيب، وفي مُقدّمتها جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة)، التي لم تتمكّن من رصد تحرّك السيّد نصر الله، الذي سافر بالسيارة لمدّة ساعةٍ ونصف الساعة حتى العاصمة السوريّة.
وبما أنّ الإعلام الصهيوني بدون استثناء هو إعلام متطوّع لصالح ما يُطلق عليه الإجماع القوميّ الصهيونيّ، فإنّ المصادر الأمنيّة في تل أبيب، اختارت صحيفة (يديعوت أحرونوت)، وهي من أوسع الصحف الصهيونية انتشارًا في كيان الاحتلال الاسرائيلي لتبرير فشلها الذريع.
وفي هذا السياق زعمت اليوم الأحد، المُستشرقة سمدار بيري، وهي مُحللة شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة، نقلاً عن مصادر أمنيّة وصفتها بأنّها رفيعة المُستوى، زعمت أنّ "إسرائيل" كانت على علمٍ وعلى درايةٍ بسفر السيّد نصر إلى دمشق، متسائلةً بخبثٍ معهودٍ: لماذا كانت هناك حاجة للسفر؟ ألم يتمكّن نصر الله في محادثة هاتفيّة مع الأسد من الحصول على موافقةٍ على الصفقة مع “داعش”؟.
المصادر الأمنيّة الإسرائيليّة زعمت أيضًا أنّ نصر الله ولدى خروجه من المخبأ السريّ، يقوم بلبس بدلة شبيهة جدًا لبدلات رجال الأعمال، وعندما توصّل إلى قناعةٍ بأنّ الاستخبارات الإسرائيليّة توقّفت عن الاهتمام به، بات يخشى من أنْ يقوم أعداؤه في لبنان بتصفيته عن طريق إطلاق النار عليه أوْ بواسطة سيارّةٍ مفخخةٍ، ولذلك، تابعت المصادر عينها، بات حريصًا أكثر على نفسه من أعداء الداخل، وهم كثر، على حدّ تعبيرها.
وزعمت المصادر ذاتها أيضًا أنّ يعرف أنّه في مرمى المخابرات الإسرائيليّة، ومع ذلك فإنّه عندما يضجر من المخبأ الذي يتواجد فيه، فإنّه ينتقل إلى مخبأ آخر، علمًا أنّ ثلاثة مخابئ توجد في الضاحية الجنوبيّة في العاصمة اللبنانيّة بيروت.
بالإضافة إلى ذلك، تابعت المصادر الإسرائيليّة قائلةً إنّ تل أبيب تعمدّت توصيل رسالة إلى نصر الله مفادها أنّ زياراته السريّة إلى كلٍّ من طهران ودمشق يتّم رصدها من قبل المخابرات الإسرائيليّة، ولكنّ الأخيرة لا تهدف لاغتياله، ولم تقُم بإرسال خليةٍ من الموساد لتصفيته في بيروت، على حدّ قول المصادر.
بناءً على ما تقدّم، أضافت المُحللة بيري، نقلاً عن مصادرها المطلعة في تل أبيب، أنّ إعلانه عن سفره إلى دمشق لم يُلق أحدًا في تل أبيب ولم يهتّم لذلك أيّ مسؤولٍ، لا من المُستوى السياسيّ ولا من المُستوى الأمنيّ.
كما ادعّت المصادر عينها، أنّ نصر الله لبس البدلة الملائمة، وكان برفقته عددٍ كبيرٍ من الحراس والسيارّات، ومن الضاحية الجنوبيّة انطلق إلى دمشق.
* زهير أندراوس - راي اليوم