2024-11-30 06:24 م

عجز الاعلام الرسمي وراء انتشار المواقع الاخبارية

2017-09-04
القدس/المنـار/ يلعب الاعلام دورا كبيرا في الدفاع عن قضايا الشعوب وصنع حضارتها ومستقبلها، واذا ما اضطلع بهذه المسؤولية بكفاءة وخطط وتصورات سليمة، فانه يحقق الانجازات، وعكس ذلك، يكون عامل هدم، ويفقد دوره وأهميته، لأنه يتحول الى أداة تضليل وانحراف واشغال، مسائل ثانوية على حساب القضايا المصيرية.
وفي أغلب الأحيان، تقع على المشهد السياسي بدوائره وأجهزته ومؤسساته وقياداته مسؤولية انحراف الاعلام وفشله في أداء دوره الذي يفترض أن يضطلع به، خاصة في المراحل الحرجة والمفصلية، عندما يتكالب الأعداء والخصوم لهضم الحقوق وتصفية القضايا، فالاعلام الناجح هو الموجه والمرشد والمحذر والمدافع عن تطلعات الشعوب وأهدافها.
الاعلام الرسمي في الساحة الفلسطينية، لم يكن يوما مؤثرا... ورغم التحذيرات من خطورة ذلك وتداعياتها السلبية، الا أن هذا الاعلام بقي عاجزا عن أداء الدور الذي يفترض القيام به.
هذا الاعلام، ليس ناصحا، ومرشدا، وبالتالي، تحول الى مضلل، ولهذا أسبابه، فالقيادة السياسية أبقت عليه في دائرة خدمة المصالح والسياسات التي أحيانا تكون مغلوطة وغير سليمة، ومشرفو هذا الاعلام قبلوا على أنفسهم الولوج الى هذه الدائرة، دائرة العجز والتضليل والتقييب والاشتباك الذي لا طائل تحته، المؤدي الى الانشغال والالهاء والتيه وفقدان البوصلة، قد يكون الاعلام الرسمي محكوما بضوابط وتعليمات خاطئة، والصمت على ذلك، وعدم فتح نقاش هادف حول هذه السياسة أصاب السلاح الاعلامي بالصدأ.
مؤخرا أصدرت الجهات المختصة تعليمات بحجب مواقع اعلامية، قيل أنها تسيء الى سياسات وخطوات المشهد السياسي، مع أن هذا الحجب لا يفقد القارىء قدرته على المشاهد والمتابعة، ويزيد من نسبة الاطلاع عليها,
بدون مواربة، نسبة مشاهدة وقراءة وسائل الاعلام الرسمي ضئيلة وفي تناقص، وهذا أحد أسباب انتشار المواقع الاخبارية التي صدرت التعليمات بحقها، فالاعلام الرسمي لم يثبت وجوده، وتم تقييده بضوابط حدت من قدرته وأضعفت دوره، ولم يفتح مساحات للنقاش والانتقاء ولم يطور نفسه، فانحرف عن الدور المفروض الاضطلاع به فأشغل نفسه، وضلل من يفترض أن يخدم سياساتهم، وهذا الأمر دفع المواطن للتوجه الى المواقع الاخبارية المحجوبة والمسوح بها على حد سواء.
وعامل آخر، أبقى على الاعلام عاجزا الى حد الشلل، وهو افتقار الاعلام الرسمي للصدقية والمهنية والكفاءة، واغلاقه الأبواب أمام الانتقادات البناءة، والتهديد السلطوي بالعقوبات من كل الاشكال الى درجة تحوله الى سلاح شخصي، وانشغاله وانخراطه في معارك شخصية كان يفترض أن لا تفتح أصلا بدلا من أن يوقع شعبا بأكمله في تداعيات سلبية خطيرة، معاناتها لم تتوقف، بل أغرق هذا الاعلام مموليه ومستخديه في صحاري من التيه.
ان اعلاما قويا يديره مهنيون أصحاب خبرة وكفاءة وتجربة، كفيل بمواجهة التحديات وهي كثيرة وكبيرة.
والحقيقة التي يجب أن تدركها القيادة السياسية وتعمل على الأخذ بها، رغم مراراتها، والتحرك لمعالجة الموقف، هي أن الاعلام الرسمي ليس مشهودا له، وبات منفرا، ونسبة مشاهدته ومتابعته في تضاؤل وتناقص.
ولو أن هذا الاعلام يعاد تقييمه، وتوفير أسس وقواعد النجاح له، وفي مقدمتها الكفاءة والخبرة، لما كان هناك داع لاصدار اوامر حجب المواقع الاخبارية، التي انتشرت على حساب هذا الاعلام مستغلة عجزه وعدم قدرتهز
المطلوب، هو مراجعة وتقييم أداء كل المؤسسات، وليس الجانب الاعلامي وحده، للخروج من التيه والفوضى ودوائر الفشل المتلاحقة، والانشغال والالهاء على حساب قضايا مركزية هامة.