2024-11-30 06:42 ص

هزيمة «تنظيم الدولة» في الموصل وتوسعه في إفريقيا

2017-08-26
هل انتهى «تنظيم الدولة» بهزيمته في العراق وسوريا؟ وهل سيؤثر توقف تدفق المجندين إليه على وجوده المستقبلي؟ وما شأن البلدان التي ما زال موجودًا فيها؟ وهل سيستطيع التنظيم إعادة تجميع نفسه مرة أخرى؟

تناولت صحيفة «دايلي مافيرك» هذه الأسئلة في تقريرها الذي سلطت فيه الضوء على توابع هزيمة «تنظيم الدولة»؛ لا سيما على إفريقيا، التي ما زال موجودًا فيها بطريقة مباشرة بأعضائه أو عبر الجماعات التي أعلنت ولاءها إليه مسبقًا.

تدفق المقاتلين

تقول الصحيفة إن تحرير «الموصل» العراقية مؤخرًا يعد نكسات من أخريات شهدها «تنظيم الدولة»، بينما ساهمت الاضطرابات العسكرية والخسائر الإقليمية والضغوط المالية التي تعرض إليها في انخفاض عدد المقاتلين النشطين في التنظيم من 70 ألف مقاتل في 2015 إلى 12 ألفًا فقط، بجانب توقف تدفق المجندين إليه عمليًا.

وبحلول منتصف عام 2017، فقد التنظيم قرابة 60% من أراضيه و80% من إيراداته. وكانت بمثابة ضربة قاضية لـ«الخلافة» التي أعلنها، لكن هذه النكسات من غير المرجح أن تشير إلى نهاية التنظيم قريبًا مع استمرار وجود العوامل التي ساهمت في وجوده.

ويلفت تقرير صدر مؤخرًا عن الأمم المتحدة إلى تهديدات ناشئة عن الوضع المتغير في العراق وسوريا، مسلطًا الضوء على المخاطر المتزايدة للهجمات التي تنفذها «الذائب المنفردة»، لا سيما في أوروبا، ويقول التقرير إنّ «تنظيم الدولة» لديه إمكانية إعادة تجميع نفسه في البلدان المضطربة التي ما زال موجودًا فيها؛ مثل «ليبيا».

ويحاول التنظيم -على نحو متزايد- دعم شبكاته وتعزيز وجوده في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب شرق آسيا، ومن المحتمل أن يستمر المقاتلون الأجانب في الفرار من العراق وسوريا والعودة إلى وطنهم (ربما تحت ستار اللاجئين)، أو محاولة الانضمام إلى الجماعات التابعة لـ«تنظيم الدولة» في مناطق أخرى.

وقالت الصحيفة إن ثمة دينامية أخرى من المرجح أن تؤثر على اتجاه «تنظيم الدولة»، وهي تنافسه مع القاعدة؛ فمنذ عام 2014 وجّه التنظيم حملة دعائية فعّالة أنجحته في ساحات القتال والسيطرة الإقليمية وإعلان الخلافة والازدهار المالي، بجانب تدفق أكثر من 30 ألف مقاتل أجنبي إلى صفوفه منذ عام 2011، بمن فيهم مجندون من القاعدة جذبتهم دعاية التنظيم وصورته التي رسمها عن نفسه، إضافة إلى الجماعات الأخرى المرتبطة بالقاعدة والأفراد في جميع أنحاء العالم الذين تحولوا إليه أو تعهدوا بالولاء إليه.

ومع ذلك، فانتكاسات التنظيم الأخيرة، والزيادة التدريجية لقدرات تنظيم القاعدة، قوّضا آفاق نموه؛ خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث كان للقاعدة موطئ قدم أقوى.

كيف سيؤثر ذلك عليه؟

تقول الصحيفة إن الأهداف والأيديولوجية الأولية لـ«تنظيم الدولة» لم تضع إفريقيا في أولوياته. لكن، منذ عام 2014 وسّع نفوذه داخل القارة؛ عبر شبكات في مناطق غرب إفريقيا وشمالها وشرقها، ومثّل شمال إفريقيا أكثر أهمية للتنظيم، بجانب المجموعات التابعة له في المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر.

وتقول تقارير إن هذه المناطق ساهمت بأكبر عدد من المقاتلين، قُدّر بقرابة عشرة آلاف شخص؛ ومن الواضح أن رسالة «تنظيم الدولة» راقت لكثيرين في شمال إفريقيا، مضيفة أن التنظيم سيركز اهتمامه عليها؛ سواء من حيث إعادة التجميع أو توسيع قدراته التشغيلية.

لكنّ التنظيم لم يتمكن من تثبيت نفسه في مناطق أخرى؛ ويرجع أحد العوامل المؤثرة المتسببة في ذلك إلى التناقض بين محفزات التوظيف في إفريقيا، التي تتمحور في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والمظالم السياسية المحلية، وإلى التركيز الأيديولوجي للتنظيم على الخلافة الإسلامية.

أما في غرب إفريقيا، فأعلنت جماعة «بوكو حرام» ولاءها لتنظيم الدولة عام 2015. لكنها لا تعتمد عليه بشأن الموارد أو الدعم التشغيلي، ولا تزال قاعدة تجنيد بوكو حرام تنبع أساسًا من شمال شرق نيجيريا وبلدان منطقة بحيرة تشاد وفي منطقة الساحل الغربي، وجنّد التنظيم مجموعة منشقة عن القاعدة؛ لكنّ وجودها في هذه المنطقة لا يزال هامشيًا.

وفي شرق إفريقيا، أعلنت جماعة منشقة من حركة الشباب ولاءها لتنظيم الدولة في عام 2015؛ لكنها لم تنجح في إقامة نفسها في الصومال، بينما ظلت الرؤية التشغيلية للتنظيم غائبة في إفريقيا الوسطى والجنوبية.

وفي مواجهة الضغوط في العراق وسوريا، يمكن أن ينفذ التنظيم سيناريوهات؛ يتمثل أحدها في أن يضع التنظيم تطلعه لبناء دولة الخلافة جانبًا، ويعود إلى استراتيجيات مقاتلة أكثر تقليدية، تعمل تحت الأرض، كما سبق وقال «أبو محمد العدناني»، رئيس الهجمات الخارجية للتنظيم الذي قتل العام الماضي.

إضافة إلى ذلك، وفي أعقاب الهزيمة في الموصل، دعا زعيم التنظيم «أبو بكر البغدادي» المؤيدين إلى الامتناع عن السفر إلى العراق، والتركيز على تعزيز شبكة التنظيم في أماكن أخرى. ولذلك؛ قد يحاول تنظيم الدولة إعادة تجميع المنظمات والحركات التي تعهّدت بالولاء في إفريقيا وجنوب شرق آسيا.

وأخيرًا، دعت قيادات التنظيم إلى تنفيذ هجمات صغيرة في بلدانهم الأصلية، على غرار هجمات «الذئاب المنفردة»؛ وتمكّن «تنظيم الدولة» من إرساء وجود قوي عن طريق أيديولوجيته، على الرغم من فشل مشروع الخلافة؛ وظلّت هذه الأيديولوجية مصدر إلهام لكثيريين.

وعلى الرغم من أن الأهداف الغربية هي أولوية «تنظيم الدولة»، هناك مخاطر كبرى على إفريقيا. وقالت الصحيفة إنّ صُنّاع السياسات في القارة يجب أن يركزوا جهوهم على ثلاثة عوامل للخطر:

الأول: يجب أن تكون هناك جهود عالمية منسقة لمنع التنظيم من إعادة التجمع والحصول على موطئ قدم أقوى في شمال إفريقيا، بجانب ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي في غرب إفريقيا وشمالها لمنعه من توسيع نفوذه.

والأهم من ذلك أنّ صناع السياسات الأفارقة ينبغي أن يكونوا متيقظين بشأن الديناميات السببية المرتبطة بالتطرف العنيف والإرهاب؛ إذ تساهم عوامل مثل الفساد وضعف سيادة القانون وانتهاكات حقوق الإنسان والتمييز والإجراءات القمعية ضد الطوائف الإثنية والدينية في وجود أوجه قصور يمكن أن يستغلها تنظيم الدولة.

وقالت في نهاية تقريرها إنهم يجب أن يتصرفوا بحزم لمعالجة هذه التهديدات.