2024-11-27 12:42 م

سدود حوض النيل بين التنمية والضغط السياسي

2017-08-21
تعتبر السدود المائية ضرورة حياتية وتنموية لدول حوض النيل، حيث يعتمد حوالي 50% من ري الأراضي الزراعية في دول الحوض على السدود، كما تعد مصدرا رئيسيا في مجال الطاقة الكهرومائية، والأهم أنها مصدرا منتظما لمياه الشرب النقية، لكن لها تداعيات اجتماعية وسياسية خطيرة تصل إلى النزاعات المسلحة داخليا أو الحروب بين دول حوض النيل.
وقال موقع أوول أفريكا: “تشترك في مياه النيل إحدى عشرة دولة، هي: إثيوبيا، كينيا، أوغندا، تنزانيا، رواندا، بوروندي، الكونغو الديمقراطية، إريتريا، السودان، جنوب السودان، مصر، ويمتد حوض النيل من الجنوب إلى الشمال، عبر ما يزيد على 35 درجة عَرضية، ما أسهم في تفرد النهرِ وحوضه من الناحية الإيكولوجية، لما اشتمله من أنماط بيئية متنوعة، ومناطق مناخية ونباتية متعدّدة”.
وأضاف الموقع: “حاولت كل دولة مطلة على الحوض استغلال الهبة الربانية، فأنشأوا العديد من المشروعات، أهمها سد أوين، جبل الأولياء، الروصيرص، سنار، خشم القرب، وخزان أسوان والسد العالي، الذي يعتبر أكبر مشروع مائي على النهر، وتم افتتاحه عام 1971، وبلغ عدد المشروعات المقترحة بحوض النهر 27، تتوزع بواقع 8 مشروعات في إثيوبيا، و7 في السودان وجنوب السودان، و6 في أوغندا، و4 في كينيا ورواندا، وواحد في الكونغو، وآخر لصالح رواندا وتنزانيا وبوروندي”.
وتابع “أوول أفريكا”: “تفاوتت معدلات الاستهلاك السنوي للموارد المائية بين دول حوض النيل، ما نتج عنه توزيع غير عادل، خاصة أن دول المنبع تعد المتحكمة في المياه، ثم تحول الوضع بعد الاستعمار لدخول مسألة نهر النيل قضية سياسية، وأصبحت المشروعات التنموية التي تتبناها دول حوض النيل مجالا للتأويل السياسي، بل تم استغلالها كسلاح سياسي، حتى في صراع المعارضة مع حكوماتها، بدعم عودة الاستعمار الخارجي، خاصة مع الدول التي ترتبط معها بمصالح وعلاقة كبيرة مثل إثيوبيا وإسرائيل”.
وأشار الموقع إلى إحدى وثائق ويكيليكس المسربة، التي تؤكد أن المستعمر على وعي تام بأهمية المنابع كورقة للضغط والمساومة السياسية، ويقول فيها المهندس الإنجليزي، صاموئيل بيكر: “كل حاكم يسيطر على بحيرة فيكتوريا، يمتلك بيده زمام الحياة لمصر”، كما كشفت الوثائق المسربة في نهاية القرن التاسع عشر، أن الخطر الذي ينتظر القاهرة لن يستطيع الاقتراب منها، إلا في حالة ترك السودان؛ لأن أي حاكم للأخيرة يستطيع تحويل مجرى النهر ويبعثر مياهه في الصحراء، ما يؤدي إلى الهلاك المحقق.
وذكر “أوول أفريكا” أن بريطانيا فرضت على مصر اتفاقية مياه النيل سنة 1929م، التي تضمنت إجحافا واضحا وإضرارا بمصالح مصر، ومثلت ضغطا حادا عليها، وأعطت بريطانيا مزيدا من التحكم في مياه النيل، فعمدت قبل تركها “أوغندا، كينيا، تنزانيا” إلى تأليبها على مصر مائيا؛ للمطالبة بحصص في مياه النيل، الأمر الذي ظهر جليا في عملية تمويل السد العالي، فكانت إحدى الذرائع التي تعلل بها الغرب “الولايات المتحدة وبريطانيا” لسحب عرض قَرض تمويل السد، أنه يضر ببعض الدول الواقعة في حوض النيل.
وأكد الموقع أن تأجيج الصراع على مياه النيل بين دول الحوض لم ينتهِ بانتهاء الاستعمار، أو توقف عند المصالح الغربية بالمنطقة، إنما واصلته إسرائيل كوكيل استعماري؛ بتوسيع تحالفاتها في منطقة المنابع للضغط على مصر منذ بداية السبعينيات، حتى انتهى الأمر بدعم سد النهضة الإثيوبي، ليكون أكبر سد مائي على نهر النيل للإضرار بمصلحة مصر المائية، خاصة أن كبر حجمه لن يكون مضرا للقاهرة فحسب، بل لن تحقق إثيوبيا الكفاءة المطلوبة منه، لكن لأن الهدف يكمن في جر مصر إلى حرب وجفاف نيلها وإعطاء أديس أبابا سيطرة أكبر على تدفق إمدادات النهر، خصوصا في ظل استيعاب السد الذي يصل إلى 1.3، كما أنه لن يكون السد الأخير على النيل الأزرق أو على غيره؛ لأن الهدف استعماري بحت، فلم يتم النظر للقضايا الهندسية المهمة التي سوف يضر تجاهلها بالجميع.