2024-11-27 06:50 م

معركة دير الزور تحتدم، من سيصل أولاً؟!

2017-08-18
كتب سمير الفزاع
ما هي محاور التقدم نحو دير الزور؟ لماذا تباطأت خطوات الجيش العربي السوري في محيط السخنه؟ ومن سيصل الدير أولاً؟. تحرك الجيش العربي السوري وحلفاؤه في بداية مسعاه إلى ضبط الحدود وتطهير البادية السورية وصولاً إلى فك الحصار عن مدينة الزور في أرياف عدة محافظات: السويداء، حمص، حماه، حلب، الرقة، دير الزور... مؤخراً بات المشهد الميداني على النحو التالي: معركة بإتجاه بلدة حميمة -أحد بوابات دير الزور- في جنوب شرق ريف حمص، محور في ريف حمص الشرقي ومعركته المفصليّة "السخنة"، ومحور شرق السلمية ومعركته الفاصلة في "عقيربات"، ومحور ريف الرقة الجنوبي الغربي ومعركته الحاسمة القادمة "معدان". ورغم تباعد الجبهات، والصعوبات اللوجستية التي قد يثيرها هذا الوضع، مثل طرق الإمداد وحمايتها، العديد البشري اللازم، الغطاء الجوي...إلا أنها تحقق جملة أهداف كبرى مترابطة عسكريّا، منها: خنق الجيب الأمريكي في التنف، تطهير البادية السورية، تأمين المطارات العسكرية القريبة، تطهير أرياف المدن المتصلة بالبادية، إستعادة حقول النفط والغاز وتشغيلها، السيطرة على الطرق السريعة الرابطة بين المحافظات في وسط وشمال شرق سورية، تأمين شريان حلب، منع تقدم واشنطن وأدواتها جنوب-غرب الفرات...وصولاً إلى فك الحصار عن مدينة دير الزور وسكانها وحاميتها. وهذه بعض الأسباب التي أسهمت في إتباع هذه الإستراتيجية في بعض الجبهات المختارة: * ريف الرقة الجنوبي-الغربي: في ريف الرقة الجنوبي-الغربي، يتحرك الجيش العربي السوري بمحاذاة نهر الفرات...هذا التكتيك يحقق جملة من الأهداف: 1- تأمين ميسرة القوات المتقدمة مستفيداً من هذا المانع الطبيعي، نهر الفرات. 2- توفير محطات إستراحة للقوات تتوفر فيها، المياه النظيفة، مساكن للمبيت، موانع طبيعية، بيئة غنية للتمويه والتخفي... . 3- السيطرة على أتوتستراد الرقة-دير الزور، ما يساعد على سرعة نقل القوات والمؤن والآليات... . 4- منع تسلل إرهابيي داعش من الرقة إلى الدير أو نحو السخنه وغيرهما. 5- توفير ذراع مسلح جاهز لمساندة القوات المتقدمة نحو السخنه، لتشتيت قوى داعش، وتمزيق دفاعاتها. * ريف السلمية: تعتبر منطقة "عقيربات" واحدة من أهم قواعد داعش على الإطلاق، ويكفي للتدليل على ذلك بالتذكير بدور هذه القاعدة في إحتلال داعش لمدينة تدمر في المرتين، وفي دورها بتهديد ريف حماه الشرقي، وقطع طريق حلب عبر أثريا-خناصر لعدة مرات... لهذا، يعتبر تحرير هذه المدينة علامة فارق في الحرب على سورية لأسباب، منها: أهمية الخلاص من الجيب الممتد على شكل مستطيل تقريباً من "السخنه" وحتى "حويسيس" ومن جبال القدير "الكدير" وصولاً إلى خط البترول شمال شرق عقيربات: 1- تطهير مساحة تقدر بـ11 ألف كم مربع تقريبا من الوجود الداعشي. 2- القضاء على نخبة من أخطر قادة داعش الأجانب والإقليميين. 3- سحق وتدمير أكثر مواقع داعش ومخازنها ومعسكراتها وقيادتها... تحصينا وخطورة وضخامة. 4- تطهير ريفي حماه وحمص الشمالي-الشرقي بشكل نهائي من الوجود الإرهابي. 5- تأمين أبار النفط والغاز وخطوط نقلها ومحطات ضخها الموجودة في المنطقة. 6- إراحة الجيش العربي السوري وحلفائه من أعباء الإنتشار الممتد على طول خطوط المواجهة لهذا الجيب. 7- توفير قدرات وقطاعات عسكرية هائلة ستساهم في دير الزور وما خلفها. 8- السيطرة على عقد الطُرق، وتأمين الطرق الرئيسية... مثل طريق الرصافة-أثريا- السلمية في محافظة حماة، وطريق حلب-الرقة، والأهم طريق تدمر-السخنه-دير الزور. 9- إنهاء مقولة سورية المفيدة، وربط الساحل بالداخل السوري... وكان الفصل بينهما أحد أهم أهداف حلف الحرب على سورية. * من خلفيات التريث حول السخنه: 1- في كل مرة يتقدم فيها الجيش العربي السوري لتحرير الأراضي التي تسيطر عليها داعش، يقاتل إرهابيو داعش بشكل مستميت، لا يشبه مقاومته لآخرين، ولست في مقام من يدير لداعش إستراتيجيتها الارهابية، وإنما للتأكيد على الهدف والغاية من صناعة هذا التنظيم: إستنزاف الجيش العربي السوري، وقتاله حتى آخر رمق. وهذا ما حصل، ليس في السخنه، ولا في الجيب الممتد حتى ريف السلمية الشرقي كما يشبه التابوت؛ بل وفي كل نقطة تواجدت فيها داعش. 2- كان هناك نقاش حول الطريقة الأمثل لتصفية الوجود الداعشي الممتد من السخنة وحتى عقيربات: هل نبدأ من عقيربات ونترك السخنة كمنفذ وحيد أم نغلق طريق إمداد داعش نحو عقيربات والذي يبدأ بالسخنه إلى "الشيخ هلال" وصولاً إلى عقيربات؟. مع العلم بأن لكل خيار إيجابياته وسيئاته. إستناداً لظروف الميدان، وتصرفات داعش، ومستقبل مدينة دير الزور... يبدو بأنه تقرر إغلاق الجيب على داعش، والدخول معها في معركة تصفية. بدأت هذه المعركة بمحاولة السيطرة على سلسلة من الجبال شمال السخنه –نهاية سلسلة الجبال التدمرية- وتلك التي تقع جنوب البلدة وغربها، وصولاً إلى جبل الطنطور والضاحك... لتصبح محاصرة من ثلاث جهات، وبعد أن يتم تحرير البلدة تماماً، وإحكام السيطرة على جبال "الكوم" و"الطيبة" سنحقق جملة أهداف دفعة واحدة، منها: تأمين ميمنة القوات المتقدمة نحو دير الزور، وفتح جبهة واسعة ضد داعش تمتد من نهر الفرات وحتى شمال-شرق التنف، وإغلاق "النعش" على داعش في البادية حتى ريف السلمية. 3- إنتظار جلاء الموقف بخصوص مناطق خفض التصعيد في الجبهة الجنوبية-الغربية من جهة، والسيطرة على الحدود السورية-الأردنية في ريف السويداء الشرقي من جهة ثانية. ختاماً: إستعادة السخنة ستعزل داعش في البادية ضمن جيب سيكون مقبرة لهم، خصوصاً إذا إكتمل الطوق بسيطرة القوات المتقدمة من شمال مدينة السخنة على المرتفعات والتلال والقرى المتبقية... وستوفر الأمان لظهر القوات المتقدمة إلى دير الزور، وستربط جبهات الجيش في محاوره الثلاث: محور عندان وحميمه والسخنه... وبالرغم من أن العميد سهيل الحسن شارك بنفسه في عملية الإنزال الليلي المميزة والناجحة بمنطقة الكدير، ليفتح المجال واسعاً نحو إستراتيجية جديدة تساهم في فك الحصار عن "الدير"، وتحويله من جبهة تدافع عن بقائها إلى جبهة تساهم بالتحرير... إلا أن الرجل يبدو بأنه ما زال مصراً على فك الحصار عن الدير، ودخول المدينة مشياً على الأقدام.