2024-11-27 07:52 م

الأخطار التي تتهدد فلسطين والأردن فرضت لقاء العاهل الاردني والرئيس الفلسطيني

2017-08-07
القدس/المنـار/ شهدت العلاقات الاردنية الفلسطينية في العامين الاخيرين فتورا، لم يستطع أي من الطرفين اخفاءه، والردود والاجابات "الدبلوماسية" حول هذا الفتور لم تنجح في تغطية هذه الحقيقة.
ويعود هذا الفتور الى عوامل عدة فالتوجس يلازم الجانبين، مما يسهل لاطراف اخرى في الاقليم اللعب على وتر "تلبد الغيوم" في سماء العلاقات بين رام الله وعمان بالغيوم، ومن هذه العوامل، الصورة المتكونة لدى الاردن بأن القيادة الفلسطينية تحرك بما يتعلق بالعملية السياسية بعيدا عن التنسيق مع العاصمة الاردنية، حيث تخشى الاردن حلولا للقضية الفلسطينية على حسابها، وتتخوف من فوضى في الساحة الفلسطينية، وبالتالي، ترى في التنسيق الجاد المتواصل مع الجانب الفلسطيني أمرا ضروريا لمنفعة الجانبين، خاصة وأن هناك جهات معنية بضرب العلاقة الفلسطينية الاردنية، لتحقيق مصالح ذاتية تخدم توجهات تحالفات تتشكل من حين الى اخر، تستبعد الاردن تارة، وتتجاهل الجانب الفلسطيني في أغلب الأحيان، حيث ترى في هذا الجانب "دافع الثمن" لتحقيق أجندات مشبوهة، هي دوما في صالح المخططات الاسرائيلية.

الزيارة الخامسة للعاهل الاردني
هذه هي الزيارة الخامسة التي يقوم بها العاهل الاردني عبدالله الثاني الى رام الله، الأولى التقى فيها الرئيس الراحل ياسر عرفات، والزيارة الثالثة فرضتها ظروف خطيرة عديدة، تهدد الجانبين، وتستهدف اسقاطهما من معادلة المنطقة، وبالتالي، الزيارة جاءت في توقيتها الصحيح، وهذه الظروف والتحديات تفرض عليهما التلاقي والتنسيق الجاد، فمسار التحالفات الجديدة التي تتقدمها المملكة الوهابية السعودية، تتجاهل الاردن وفلسطين، وتحديدا فيما يتعلق بجهود التسوية ومبادرات الحلول وترتيبات الاراضي بشأن الاقصى وهذا يعني أن اسرائيل تدعم هذا المسار الوهابي السعودي بقوة، مما يشكل خطورة على الشعبين الأردني والفلسطيني وقيادتيهما، فالرياض تعمل بكل الوسائل للامساك بمقود الاشراف على القدس والمقدسات وكف يد الاردن عنها، وهذا ليس في صالح عمان ورام الله.
وقدوم العاهل الاردني الى رام الله ولقائه الرئيس محمود عباس هو استشعار لخطر زاحف، سيؤثر سلبا على العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية، ويفسح المجال لقوى التحالف الجديد برئاسة النظام الوهابي السعودي لأن يتصدر عملية البحث حلول للصراع الفلسطيني بمباركة أمريكية، حلول تفتح أبواب التطبيع الخليجي السعودي على حساب القضية الفلسطينية، وهذ اضرار بالاردن وفلسطين، ويفتح ساحتيهما لاخطار وتحديات مدروسة، لذلك، فان لقاء الزعيمين سيتركز بعمق على خطوات التحرك القادم سياسيا وباتجاه الادارة الامريكية، واغلاق كل الطرق في وجه الحلول المشوهة والعرجاء حتى يتفادى الاردن مخطط حل المشكلة الفلسطينية على حساب سيادته وطموحاته، وهذا يتطلب تنسيقا مشتركا يعزز العلاقة المتميزة بين الشعبين الاردن والفلسطيني، وفي ذات الوقت يمنع حدوث فوضى في الاراضي الفلسطينية.
وهنا، سيطرح العاهل الاردني، خطوات يراها ضرورية للوصول الى الهدف المشترك، في مقدمتها توحيد الساحة الفلسطينية، وعدم السماح لتمرير المشاريع المشبوهة وأنصاف الحلول، مع التوجه الى الهيئة الدولية لترجمة قرارات متخذة، أو استصدار قرارات جديدة تمهد لخطوات تقارب أكبر بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، من الممكن أن تؤدي الى اعلان الكونفدرالية بينهما، وكذلك التحذير من الانزلاق نحو تحالفات معروفة ومكشوفة الأهداف، بنت مصالحها على أساس عبور الجسر الفلسطيني، نحو بوابة التطبيع مع اسرائيل.
وزيارة العاهل الاردني، تأتي في ظل الحديث عن الوضع الصحي، للرئيس الفلسطيني، وما تسربه وسائل الاعلام والدوائر السياسية المعادية من انباء عن هذه المسألة، وبالتالي، معني بالاطمئنان على صحة الرئيس محمود عباس، الشريك الافضل والاقرب للعاهل الاردني، حيث بلديهما وشعبيهما هما المستهدفان من تحركات مريبة، تقوم بها عواصم في الاقليم قد تشتد شراسة في حال لم يتحرك الجانبان الفلسطيني والاردني على عجل وبحذر شديد وتنسيق عميق، لصد هذه التحركات ومنعها من تحقيق أهدافها الخبيثة التي تمس بشعبي الاردن وفلسطين.
لذلك، هذه الزيارة بالغة الأهمية، ومقلقة لاسرائيل ومزعجة لعواصم في المنطقة، خاصة في ضوء موقف القيادة الاسرائيلية من الجانبين، وامعانها في التحدي والبجاحة والمراهنة على توتير العلاقات بين رام الله وعمان، وما تقوم به من تسريب للاكاذيب عن الجانبين، مما يستدعي لقاءات أردنية فلسطينية مستمرة وعلى أعلى المستويات، لافشال رهانات تل ابيب، واسقاط حسابات قوى عدة في الاقليم.
وبوضوح، ما يجب الحذر منه، هو أن لا تنجح القوى المعادية وفي مقدمتها اسرائيل وأمريكا، في زرع أسافين الخلاف والوقيعة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، ولا شك أن الزعيمين الاردني والفلسطيني يدركان ذلك، كأحد التحديات التي فرضت عليهما التلاقي في أكثر المراحل خطورة.
الانظمة العربية مشغولة والحروب العدوانية التي تقودها السعودية ما زالت مشتعلة، والصغار بكل الوسائل الشريرة يحاولون الخروج من دائرة الصغار الى نادي الكبار، والصدع الامريكي يتسع والامريكان مشغولون في ذلك، هل يبقى ترامب أم يدفع الى الاستقالة وربما الطرد، والفساد ينخر في عظام القيادات الاسرائيلية، والتنافس بين الاحزاب الصهيونية على الضفة والقدس يتسارع ويشتد، والتخوف من التهجير باتجاه الاردن في ازدياد، وتبقى فلسطين والاردن في الميدان وحدهما، فاما أن تقودا معا خطة واستراتيجية متفق عليها ومدروسة بعناية، للنجاة، وصد كل هذه التحديات، واما ان الخراب والدمار قادمان.
هذه هي بعض التحديات على طاولة اللقاء بين الزعيمين الفلسطيني والاردني، لقاء بالغ الاهمية، ولأنه كذلك، لا بد من قرارات تنقذ من الغرق والضياع، حيث الانتظار والوهم والتمني لا يبني مركب نجاة.