2024-11-24 09:23 م

من رابين حتى نتنياهو... سقوط حر في الفساد

2017-08-06
أعلنت النيابة الإسرائيلية العامة رسمياً،   أنه "تمّ التوقيع على اتفاق رسمي مع إريك هارو"، والذي شغل في الماضي منصب المدير العام لديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ثم كان رئيساً لطاقم ديوان نتنياهو. وبموجب هذا الاتفاق، بات هارو "شاهداً ملكياً" في قضايا الفساد التي تهدد مصير رئيس الحكومة وبقاءه في الحكم. مع ذلك بدا وكأن نتنياهو مصرّ على تجاهل كل التحقيقات الجارية ضده ومتشبث بالاستمرار في منصبه. مع العلم أن الشرطة الإسرائيلية كشفت بشكل رسمي، للمرة الأولى منذ بدء التحقيقات، أنها تشتبه بارتكاب نتنياهو مخالفات تتصل بـ"تلقي الرشاوى، وخيانة الأمانة العامة، والاحتيال، وحجم التغييرات التي طرأت في الثقافة السياسية، وتحديد ثقافة أصول السياسة العامة والاشتغال بها في إسرائيل". تشكّل "ثقافة أصول السياسة العامة والاشتغال بها في إسرائيل"، وفقاً للاعتقاد الإسرائيلي، الركيزة الثانية التي تقوم عليها منظومة "طهارة المعايير للمجتمع الإسرائيلي في السياق المدني" بعد "طهارة السلاح الإسرائيلي".

في هذا السياق، حصل في الماضي أنه في مارس/ آذار 1977، نشر الصحافي دان مرجليت خبراً عن امتلاك إسحاق رابين، والذي كان يومها رئيساً للحكومة، وزوجته ليئا، حساباً بالدولار الأميركي في مصرف "ناشونال بنك" الأميركي. وتمّت مواصلة إدارة هذا الحساب خلافاً للتعليمات الصارمة التي كانت مفروضة في إسرائيل في تلك الفترة، على استخدام وفتح حسابات بالعملة الصعبة، إذ كان يفترض برابين وزوجته إغلاق الحساب المذكور الذي كان مسموحاً لهما بإدارته، عندما كان رابين سفيراً لتل أبيب في واشنطن، حتى نهاية مهمته هناك في عام 1973..
كان الخبر كافياً وقتها لإثارة عاصفة في إسرائيل، بنى عليها اليمين الإسرائيلي، تحت قيادة مناحيم بيغن في حينه، مساراً سياسياً، مستغلاً الأزمة الوزارية والائتلافية في حكومة رابين. واضطر رابين، في ظل موقف صارم من المستشار القضائي للحكومة، آنذاك، أهرون براك، إلى الإعلان بعد شهر واحد فقط من نشر الخبر، عن استقالته من رئاسة الحكومة (مع أنه كان رئيس حكومة انتقالية) والالتزام بعدم الترشح على رأس قائمة حزب العمل (الذي كان معروفاً باسم المعراخ) وانتقال القيادة لشمعون بيرس الذي خسر لظروف عدة، بينها الأزمة بين المعراخ والأحزاب الدينية، والتي فضّلت التحالف بعد الانتخابات مع الليكود بقيادة بيغن. كذلك تعاظم اليأس والغضب الشعبي على سياسات المعراخ والفساد في أروقة الحكم، ما أدى في نهاية المطاف لحدوث الانقلاب الأكبر في السياسة الإسرائيلية كلها وصعود اليمين للحكم وقدوم مناحيم بيغن.

ظلت الاستقالة التي أقدم عليها رابين، وإعلانه تحمله تبعات احتفاظ زوجته بالحساب المصرفي المذكور، سابقة في تاريخ السياسة الحزبية الإسرائيلية وموقفها من مظاهر الفساد والرشاوى حتى بعد ثبوتها. وكان موقف رابين نابعاً من معايير متشددة لرجل عسكري، كان وزيراً للأمن، ورئيس أركان جيش، وقضى حياته "محارباً" مقابل نهج التملص والتهرب من تحمل المسؤولية الذي أبداه وتمسك به ساسة إسرائيليون حامت حولهم شبهات بالفساد وتلقي الرشاوى، في فترات لاحقة، بل إن بعضهم بحث عن كبش فداء يتحمل العقوبة عنه (آرييل شارون مثلاً).
والواقع أن مظاهر الفساد وطغيان المال السياسي، واختفاء الحدود بين المال والسياسة في إسرائيل، كانت نتيجة حتمية لانتقال إسرائيل من نظام اقتصادي تتحكم به الدولة كلياً، من خلال تحكمها وفق المنظور الاشتراكي الديمقراطي الذي حمله وطبقته الحركة العمالية حتى عام 1977 إلى نظام "المبادرة الحرة"، وتراجع تدخل الدولة في الاقتصاد وبدء عمليات خصخصة الشركات القومية والوطنية التي أطلقها الليكود منذ توليه الحكم عام 1977، وسُجّل بيع شركة "تنوفا" للأجبان في العام الماضي للصين، آخر تجليات هذه السياسة.

وعلى مدار سنوات حكم بيغن إلى حين اعتزاله الحكم بعد الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، ومن ثم حكم إسحاق شامير الذي استمر حتى عام 1992، كانت إسرائيل تخطو بخطوات واثقة نحو اقتصاد ليبرالي ورأسمالي بكل ما تعنيه الكلمة من تكوّن لمراكز قوى اقتصادية، ورجال أعمال وأرباب مصالح اقتصادية كبرى. وكان "طبيعياً في هذا الصدد أن يرافق الأمر ظهور "وسطاء" لإتمام صفقات هائلة داخل إسرائيل وخارجها، ولكن مع المحافظة على الأقل في الخطاب العام على "أصول طهارة المعايير" وعدم التربح على حساب مصالح الدولة أو المال العام، لا سيما أن الحركة العمالية كانت لا تزال تتحكم بالدولة العميقة، على الرغم من انتقال الحكم السياسي لليمين.
وقع أول تغيير جوهري في النظرة للفساد لجهة إصرار المتهمين على البراءة، مع تفجر أول قضية، ونشر تقارير عن شبهات فساد وزير الداخلية الحالي، أريه درعي، وكان يومها وزيراً للداخلية (ولم يكن قد تجاوز الثلاثين من عمره) أيضاً، واتهامه ثم إدانته بتلقي الرشاوى والسرقة وتحويل أموال لجمعيات تابعة لحزبه "شاس" في الأول من يونيو/ حزيران 1990. كسر رد الفعل الذي جاء من أريه درعي كل التوقعات وكل "التفاهمات الضمنية" المعمول بها في إسرائيل، ورفض الاستقالة من منصبه، أو حتى الاعتراف بالذنب والتهم، مع إصراره على الاحتفاظ على مدار ثلاث سنوات على حق الصمت في غرف التحقيق والاحتفاظ بمنصبه وزيراً للداخلية، حتى أصدرت المحكمة الإسرائيلية أمراً في 8 سبتمبر/ أيلول 1993 بأنه "لا يمكن لدرعي أن يبقى في منصبه وقد قدمت ضده لوائح اتهام".

حظي درعي المعروف بشخصيته الكاريزماتية بتأييد هائل من الأب الروحي لحركة "شاس"، الحاخام عوفاديا يوسف، والذي أطلق شعار "هو زكاي"، أي (البريء). وأدار على إيقاع هذا الشعار محكمته على مدار سنين طويلة، وسط تأجيج مشاعر الغبن عند "الحريديم الشرقيين" وتوظيف ذلك في تعزيز قوة الحركة، فيما امتدت المحكمة على مدار خمس سنوات من عام 1994 وحتى عام 1999، أدين درعي على أثرها ودخل السجن.

 


بعد قضية درعي تواصلت قضايا الفساد والرشاوى في إسرائيل، بعد أن بدا أن السد الأخير أمام الفساد في الحكم قد انهار كلياً. وتوالت قائمة المتهمين والمدانين لتشمل وزراء، من حركة "شاس"، وآخرين من الليكود، وصولاً إلى شارون.

لا يزال قسم لا يستهان به من مستوطني قطاع غزة والمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، يتمسكون بالقول إن "شارون نفذ عملية الانسحاب من قطاع غزة وتفكيك المستوطنات فيها عام 2005، لا لشيء سوى لمحاولة لفت الأنظار عن التحقيقات التي رافقته وولده عمري لضلوعه في ملفات فساد وتربح غير شرعية وخطيرة، بعضها يتعلق بتلقي رشاوى من رجل الأعمال النمساوي، مارتن شلاف، أحد مالكي (أوزيسيس في أريحا) وبعض آخر بالحصول على أموال لنجله عمري تحت ستار توظيفه كمستشار في شركة رجل الأعمال دافيد آبل، لتغطية مصاريف الحملة الانتخابية الداخلية لشارون داخل الليكود عام 2001، وتلقي أموال بصورة غير شرعية من أحد أصدقاء شارون منذ أيام حرب النكبة، ويدعى سيريل كيرن".

وخلافاً لرابين، وعلى الرغم من أوجه الشبه بينهما، أنكر شارون كل التهم والشبهات المتعلقة به وبنشاطه، وألقى بالملف كله على كاهل مساعده الشخصي في تلك السنوات نجله عمري شارون، والذي حمل الملف في نهاية المطاف وحكم عليه بعد صفقة مع النيابة العامة بالسجن في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 بعد أقل من عام على موت والده.
من رابين حتى نتنياهو... سقوط حر في الفساد
القدس المحتلة ــ نضال محمد وتد
أعلنت النيابة الإسرائيلية العامة رسمياً، أمس الجمعة، أنه "تمّ التوقيع على اتفاق رسمي مع إريك هارو"، والذي شغل في الماضي منصب المدير العام لديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ثم كان رئيساً لطاقم ديوان نتنياهو. وبموجب هذا الاتفاق، بات هارو "شاهداً ملكياً" في قضايا الفساد التي تهدد مصير رئيس الحكومة وبقاءه في الحكم. مع ذلك بدا وكأن نتنياهو مصرّ على تجاهل كل التحقيقات الجارية ضده ومتشبث بالاستمرار في منصبه. مع العلم أن الشرطة الإسرائيلية كشفت بشكل رسمي، للمرة الأولى منذ بدء التحقيقات، أنها تشتبه بارتكاب نتنياهو مخالفات تتصل بـ"تلقي الرشاوى، وخيانة الأمانة العامة، والاحتيال، وحجم التغييرات التي طرأت في الثقافة السياسية، وتحديد ثقافة أصول السياسة العامة والاشتغال بها في إسرائيل". تشكّل "ثقافة أصول السياسة العامة والاشتغال بها في إسرائيل"، وفقاً للاعتقاد الإسرائيلي، الركيزة الثانية التي تقوم عليها منظومة "طهارة المعايير للمجتمع الإسرائيلي في السياق المدني" بعد "طهارة السلاح الإسرائيلي".

في هذا السياق، حصل في الماضي أنه في مارس/ آذار 1977، نشر الصحافي دان مرجليت خبراً عن امتلاك إسحاق رابين، والذي كان يومها رئيساً للحكومة، وزوجته ليئا، حساباً بالدولار الأميركي في مصرف "ناشونال بنك" الأميركي. وتمّت مواصلة إدارة هذا الحساب خلافاً للتعليمات الصارمة التي كانت مفروضة في إسرائيل في تلك الفترة، على استخدام وفتح حسابات بالعملة الصعبة، إذ كان يفترض برابين وزوجته إغلاق الحساب المذكور الذي كان مسموحاً لهما بإدارته، عندما كان رابين سفيراً لتل أبيب في واشنطن، حتى نهاية مهمته هناك في عام 1973.
كان الخبر كافياً وقتها لإثارة عاصفة في إسرائيل، بنى عليها اليمين الإسرائيلي، تحت قيادة مناحيم بيغن في حينه، مساراً سياسياً، مستغلاً الأزمة الوزارية والائتلافية في حكومة رابين. واضطر رابين، في ظل موقف صارم من المستشار القضائي للحكومة، آنذاك، أهرون براك، إلى الإعلان بعد شهر واحد فقط من نشر الخبر، عن استقالته من رئاسة الحكومة (مع أنه كان رئيس حكومة انتقالية) والالتزام بعدم الترشح على رأس قائمة حزب العمل (الذي كان معروفاً باسم المعراخ) وانتقال القيادة لشمعون بيرس الذي خسر لظروف عدة، بينها الأزمة بين المعراخ والأحزاب الدينية، والتي فضّلت التحالف بعد الانتخابات مع الليكود بقيادة بيغن. كذلك تعاظم اليأس والغضب الشعبي على سياسات المعراخ والفساد في أروقة الحكم، ما أدى في نهاية المطاف لحدوث الانقلاب الأكبر في السياسة الإسرائيلية كلها وصعود اليمين للحكم وقدوم مناحيم بيغن.

ظلت الاستقالة التي أقدم عليها رابين، وإعلانه تحمله تبعات احتفاظ زوجته بالحساب المصرفي المذكور، سابقة في تاريخ السياسة الحزبية الإسرائيلية وموقفها من مظاهر الفساد والرشاوى حتى بعد ثبوتها. وكان موقف رابين نابعاً من معايير متشددة لرجل عسكري، كان وزيراً للأمن، ورئيس أركان جيش، وقضى حياته "محارباً" مقابل نهج التملص والتهرب من تحمل المسؤولية الذي أبداه وتمسك به ساسة إسرائيليون حامت حولهم شبهات بالفساد وتلقي الرشاوى، في فترات لاحقة، بل إن بعضهم بحث عن كبش فداء يتحمل العقوبة عنه (آرييل شارون مثلاً).
والواقع أن مظاهر الفساد وطغيان المال السياسي، واختفاء الحدود بين المال والسياسة في إسرائيل، كانت نتيجة حتمية لانتقال إسرائيل من نظام اقتصادي تتحكم به الدولة كلياً، من خلال تحكمها وفق المنظور الاشتراكي الديمقراطي الذي حمله وطبقته الحركة العمالية حتى عام 1977 إلى نظام "المبادرة الحرة"، وتراجع تدخل الدولة في الاقتصاد وبدء عمليات خصخصة الشركات القومية والوطنية التي أطلقها الليكود منذ توليه الحكم عام 1977، وسُجّل بيع شركة "تنوفا" للأجبان في العام الماضي للصين، آخر تجليات هذه السياسة.

وعلى مدار سنوات حكم بيغن إلى حين اعتزاله الحكم بعد الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، ومن ثم حكم إسحاق شامير الذي استمر حتى عام 1992، كانت إسرائيل تخطو بخطوات واثقة نحو اقتصاد ليبرالي ورأسمالي بكل ما تعنيه الكلمة من تكوّن لمراكز قوى اقتصادية، ورجال أعمال وأرباب مصالح اقتصادية كبرى. وكان "طبيعياً في هذا الصدد أن يرافق الأمر ظهور "وسطاء" لإتمام صفقات هائلة داخل إسرائيل وخارجها، ولكن مع المحافظة على الأقل في الخطاب العام على "أصول طهارة المعايير" وعدم التربح على حساب مصالح الدولة أو المال العام، لا سيما أن الحركة العمالية كانت لا تزال تتحكم بالدولة العميقة، على الرغم من انتقال الحكم السياسي لليمين.
وقع أول تغيير جوهري في النظرة للفساد لجهة إصرار المتهمين على البراءة، مع تفجر أول قضية، ونشر تقارير عن شبهات فساد وزير الداخلية الحالي، أريه درعي، وكان يومها وزيراً للداخلية (ولم يكن قد تجاوز الثلاثين من عمره) أيضاً، واتهامه ثم إدانته بتلقي الرشاوى والسرقة وتحويل أموال لجمعيات تابعة لحزبه "شاس" في الأول من يونيو/ حزيران 1990. كسر رد الفعل الذي جاء من أريه درعي كل التوقعات وكل "التفاهمات الضمنية" المعمول بها في إسرائيل، ورفض الاستقالة من منصبه، أو حتى الاعتراف بالذنب والتهم، مع إصراره على الاحتفاظ على مدار ثلاث سنوات على حق الصمت في غرف التحقيق والاحتفاظ بمنصبه وزيراً للداخلية، حتى أصدرت المحكمة الإسرائيلية أمراً في 8 سبتمبر/ أيلول 1993 بأنه "لا يمكن لدرعي أن يبقى في منصبه وقد قدمت ضده لوائح اتهام".

حظي درعي المعروف بشخصيته الكاريزماتية بتأييد هائل من الأب الروحي لحركة "شاس"، الحاخام عوفاديا يوسف، والذي أطلق شعار "هو زكاي"، أي (البريء). وأدار على إيقاع هذا الشعار محكمته على مدار سنين طويلة، وسط تأجيج مشاعر الغبن عند "الحريديم الشرقيين" وتوظيف ذلك في تعزيز قوة الحركة، فيما امتدت المحكمة على مدار خمس سنوات من عام 1994 وحتى عام 1999، أدين درعي على أثرها ودخل السجن.
بعد قضية درعي تواصلت قضايا الفساد والرشاوى في إسرائيل، بعد أن بدا أن السد الأخير أمام الفساد في الحكم قد انهار كلياً. وتوالت قائمة المتهمين والمدانين لتشمل وزراء، من حركة "شاس"، وآخرين من الليكود، وصولاً إلى شارون.

لا يزال قسم لا يستهان به من مستوطني قطاع غزة والمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، يتمسكون بالقول إن "شارون نفذ عملية الانسحاب من قطاع غزة وتفكيك المستوطنات فيها عام 2005، لا لشيء سوى لمحاولة لفت الأنظار عن التحقيقات التي رافقته وولده عمري لضلوعه في ملفات فساد وتربح غير شرعية وخطيرة، بعضها يتعلق بتلقي رشاوى من رجل الأعمال النمساوي، مارتن شلاف، أحد مالكي (أوزيسيس في أريحا) وبعض آخر بالحصول على أموال لنجله عمري تحت ستار توظيفه كمستشار في شركة رجل الأعمال دافيد آبل، لتغطية مصاريف الحملة الانتخابية الداخلية لشارون داخل الليكود عام 2001، وتلقي أموال بصورة غير شرعية من أحد أصدقاء شارون منذ أيام حرب النكبة، ويدعى سيريل كيرن".

وخلافاً لرابين، وعلى الرغم من أوجه الشبه بينهما، أنكر شارون كل التهم والشبهات المتعلقة به وبنشاطه، وألقى بالملف كله على كاهل مساعده الشخصي في تلك السنوات نجله عمري شارون، والذي حمل الملف في نهاية المطاف وحكم عليه بعد صفقة مع النيابة العامة بالسجن في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 بعد أقل من عام على موت والده.
في عام 2006 تولّى إيهود أولمرت رئاسة الوزراء، وهو المتحدر كنتنياهو من أسرة مؤسسة لليكود والحركة التنقيحية بقيادة زئيف جابوتينسكي. تورّط أولمرت هو الآخر بقضايا فساد تعود بداياتها لعام 1995، عندما كان رئيساً لبلدية الاحتلال في القدس المحتلة، ووزيراً للتجارة والصناعة في حكومة نتنياهو الأولى (1996 ـ 1999).

ظهر أولمرت في المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي منذ حكومة مناحيم بيغن الثانية عام 1981، وكان إلى جانب مجموعة أخرى من النواب الشبان يمثلون ما اصطلح على تسميته بـ"أمراء الليكود"، لأن أهاليهم كانوا أعضاء تاريخيين في حركة جابوتينسكي. وانضم لهذه المجموعة أشخاص مثل دان مريدور، وبني بيغن، وتسيبي ليفني، وروني ميلو.

لكن أولمرت، كما تسيبي ليفني، بلغا أوج نشاطهما السياسي في حزب شارون "كديما" الذي انشق عن الليكود. وقد اضطر أولمرت بعد ثلاث سنوات من توليه رئاسة الحكومة إلى الاستقالة من منصبه، مع بدء التحقيق في ملف تلقيه مبالغ مالية من الثري الأسترالي، موشيه تالينسكي. وقد خاض أولمرت محاكم ضارية في عدد من ملفات الفساد الأخرى، بينها الاشتباه بتلقيه رشاوى من رجال أعمال مقابل المصادقة على مشروع إسكاني هائل في القدس يدعى هولي لاند. أدين أولمرت في نهاية المطاف بعد أن شهدت مساعدته شولا زاكين ضده وأثبتت التهم، وحكم عليه بالسجن الفعلي عام 2016، وأطلق سراحه في يونيو/ حزيران الماضي.
 المصدر: العربي الجديد