2024-11-27 09:31 م

عملية "الأقصى".. تداعيات خطيرة تؤشر لمرحلة جديدة من الصراع

2017-07-15
القدس/المنـار/ الأحداث التي شهدتها ساحة المسجد الاقصى تؤشر لمرحلة جديدة، هي الأخطر في ملف الصراع المستمر منذ أكثر من قرن.. وفي الوقت ذاته تفرض جدية في الخطوات وصدق في التحركات واستيعاب حقيقي من جانب قوى التأثير الاقليمي والدولية وحاملي لواء رعاية جهود السلام لتداعيات هذه الاحداث والتطور الجديد في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
ما شهدته باحات الاقصى من أحداث تتحمل مسؤوليتها اسرائيل المصرة على مواقف التعنت ورفض السلام، التي تواصل مخططا اجراميا لتهويد الأماكن المقدسة، وتغيير معالمها، والسيطرة عليها، والامعان في المس بجزء عزيز غال من العقيدة الاسلامية، وحكومة بنيامين نتنياهو وغالبية الاحزاب في اسرائيل التي جعلت من هذه الاماكن مادة للتنافس والصراع الاسرائيلي، هي التي تدفع نحو مرحلة هي الأخطر .. "الصراع الديني"، وكل المؤشرات دالة على اقتراب هذه المرحلة، بعد أن حولت القيادات الاسرائيلية المتنافسة على مواقع الحكم الساحة الفلسطينية والدم الفلسطيني والمسجد الاقصى الى ميدان لتمرير برامجهم وجميعها تستهدف تصفية قضايا الصراع الجوهرية وفي مقدمتها تهويد القدس ومقدساتها.
الذين يدعون رعاية عملية السلام، والبحث عن حلول الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وفي مقدمتهم الولايات المتحدة ومحور النظام التكفيري السعودي، عليهم مواجهة الحقائق وعدم القفز عنها، بعيدا عن ممارسة الضغوط وتوجيه التهديدات وفرض المطالب على الفلسطينيين، ومسلسل الاذلال والاهانة والحصار ضد الشعب الفلسطيني وقيادته، فأحداث الاقصى الأخيرة يفترض أن تهزهم بعنف، وتدفع بهم الى أن يسلكوا المسار السليم الصحيح، لتفادي حرب دينية لا تبقي ولا تذر، فموقع الاحداث يجب أن تدرس أسباب اختياره بحذر، ومن أين جاء منفذو رد الفعل على انتهاكات اسرائيل للاماكن المقدسة وخطوات تهويدها المتلاحقة، وأن يسارعوا بعد ذلك الى حمل اسرائيل على التوقف عن تنفيذ مخططات تصعيد الصراع والمس بالاماكن المقدسة، والتهديد بالسيطرة عليها، ففي تعنتها وتواصله نذر حرب دينية دموية شرسة.
أما بالنسبة للعملة التي وقعت في ساحة الاقصى، ونفذها ثلاثة شبان من مدينة ام الفحم العربية في الاراضي المحتلة عام 1948 ويحملون الجنسية الاسرائيلية، لها ابعادها، وتستوجب دراستها بعناية ودقة، هوية منفذين "جغرافيا"، وموقعا وتوقيتا وأجواء، وقصورا أمنيا اسرائيليا رغم كثافة التواجد العسكري الامني الاسرائيلي في موقع الحدث.
وفي ظل القصور والعربي وضعف السلطة الفلسطينية وضعف تأثير المشرف على الاماكن المقدسة بالقدس، ما يخشى منه أن تستغل سلطات الاحتلال الحدث، لتمرير وتكريس مخططات وبرامج تهويد معدة سلفا، ويتم تنفيذها في تسارع واضح خاصة في السنوات الأخيرة.
والعملية يجب أن تدرس بعناية من جانب ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب التي تطالب بالمزيد من خطوات التنازل من القيادة الفلسطينية، دون أن تمارس أية ضغوط على اسرائيل، ولم تضع امامها أية مطالب كالتوقف عن الانتهاكات في الاماكن المقدسة.
ومجرد هراء أن يتركز النقاش على الجهة التي تقف وراء العملية، والانشغال بهذه المسألة، فأيا كانت هذه الجهة، فان الاسباب متوفرة والاجواء موجودة ويبقى المسؤول عما حدث، هو اسرائيل وممارساتها وانتهاكاتها، وأمر طبيعي أن تقع مثل هذه العمليات، وفي أكثر المواقع حساسية، ولن تستطيع اسرائيل أن تمنع حدوثها، فكثيرة هي الاحداث التي اثبتت عجز وفشل وسقوط نظرية الامن الاسرائيلية، وعدم القدرة على مواجهة هذه العمليات.
تداعيات عملية المسجد الاقصى، بالغة الخطورة، وما دامت حكومة اسرائيل متمسكة بمفاهيم بالية، فان هناك قلقا كبيرا من ردود فعل قادمة من جانب المستوطنين، ففي الاراضي الفلسطينية اكثر من نصف مليون مستوطن، مدججين بأحدث الاسلحة والبنادق الرشاشة، لديهم من عوامل ومسائل التحفيز والتشجيع من جانب حكومتهم الكثير.
وبالمقابل، مثل هذه العملية التي شهدتها باحة المسجد الاقصى لن تكون الاخيرة، وربما أصعب وأكثر ايلاما، وكل الاماكن والمواقع مفتوحة، لأبناء شعب فقدوا الصبر، في محيط عربي عاجز وسلطة ضعيفة، وليس أمامهم الا أن يعتمدوا على أنفسهم.