يزور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إسرائيل في تموز/يوليو القادم، بمناسبة مرور 25 عامًا على إرساء العلاقات الدبلوماسية بين تل أبيب ونيودلهي، في زيارة يصفها الإعلام الإسرائيلي بـ”التاريخية”.
لكن الضيف الهندي لن يتوقف في رام الله، بحسب تقارير، ما يفتح المجال أمام الحديث عن طبيعة العلاقات الهندية – الفلسطينية في المرحلة الراهنة، وإذا كانت نظرة الأولى للملف الفلسطيني تبدلت ولم تعد تحتل مكانًة أساسيًة في السياسات الهندية الخارجية.
ويتسائل مراقبون عن أسباب عدم شمول تلك الزيارة رام الله، فيما تقول مصادر إن الدعوة التي وجهها مودي للرئيس الفلسطيني محمود عباس “أبو مازن” الشهر الماضي، لزيارة نيودلهي كانت بغية عدم حدوث سوء فهم بشأن الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء الهندي إلى إسرائيل دون أن يمر على محطة رام الله.
ويقول محللون إسرائيليون تحدثوا لقناة “20” العبرية، إن السياسة الهندية القديمة كانت تقوم على إحداث توازنات بشأن علاقاتها بدول المنطقة، وإن دعوة عباس الشهر الماضي جاءت في الإطار ذاته، لا سيما وأن الموقف الهندي طالما أكد دعمه لحل الدولتين، لكنهم يرون أيضًا أن ثم توجهًا للحفاظ على المصالح الهندية ولا سيما الإقتصادية، ومحاولة إخراج الهند من دائرة المواقف الثابتة إزاء قضية بعينها.
صعود اليمين
لفت المحللون إلى أن السنوات العشر الأخيرة شهدت علاقات قويًة نسبيًا بين تل أبيب ونيودلهي، لكن صعود رئيس الوزراء المحافظ الذي يمثل سياسات يمينيًة جعلته أقرب لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ما أدى إلى إعادة تقييم العلاقات بين البلدين، ومن ثم امتنعت الهند عن التصويت على سبيل المثال لصالح قرار أدان إسرائيل بالأمم المتحدة بشان عملية “الرصاص المصبوب” صيف 2014.
وتطورت العلاقات بين البلدين على الصعيد العسكري، ونظرت الهند، بحسب المحللين، للجيش الإسرائيلي كنموذج يمكن أن يستفيد منه الجيش الهندي الحديث، فيما تعمل دوائر هندية إسلامية، بحسب وجهة نظرهم، على معارضة السياسات الهندية الجديدة تجاه الدولة العبرية.
دعم القضية الفلسطينية
نوه الموقع إلى أن الهند كانت الدولة الأولى غير العربية التي اعترفت بالسلطة الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، كما بنت علاقات دبلوماسيًة كاملةً عام 1980 مع الفلسطينيين، أي قبل إرساء علاقات مماثلة مع إسرائيل بقرابة العقد، فيما تم افتتاح مكتب تمثيل دبلوماسي هندي في غزة قبل أن ينقل إلى رام الله عام 2002، وأيدت اتفاقيات أوسلو واتفاق شرم الشيخ عام 1999، وأدانت بناء جدار الفصل.
تخل نسبي
ذهب المحللون إلى الحديث عن التحول الذي تشهده السياسات الخارجية الهندية واهتمامها بالشق الإقتصادي والمصالح الهندية الخارجية، وأشاروا إلى ان العلاقات الهندية الإسرائيلية القوية من جانب، والعلاقات الهندية الفلسطينية من جانب آخر تعطي انطباعًا بأن نيودلهي قادرة على لعب دور الوسيط في مسيرة السلام.
لكن هؤلاء المحللين يرون أن الموقع الجغرافي والإقتصادي الهندي أبعدها عن لعب هذا الدور، أو جعله دورًا محدودًا، كما أن الرؤية الأمريكية تجاه الهند بأنها تصلح لتكون شريكًا إستراتيجيًا مهمًا للولايات المتحدة الأمريكية دفع نيودلهي للبحث عن مصالحها على الصعيد الدولي، وأن هذا هو السبب وراء الدعوة التي وجهت لعباس، لكي لا تفسر زيارة رئيس الوزراء الهندي لإسرائيل فقط على أنها تخل كامل عن الملف الفلسطيني.
تغير المزاج العام
زار مستشار الأمن القومي الهندي إسرائيل في آذار/ مارس الماضي للتمهيد للزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء مودي، الشهر القادم، وقالت وسائل إعلام عبرية وقتها إن الزيارة تعد الأولى من نوعها، لا سيما وأن أيًا من رؤساء وزراء الهند لم يقم بزيارة البلاد خلال توليه منصبه، متحدثًة عن تحول جوهري في سياسات نيودلهي، مدللةً بذلك بأن تلك ستكون المرة الأولى التي تفصل الهند فيها بين علاقاتها بإسرائيل وبين علاقاتها بالسلطة الفلسطينية.
وبين خبراء إسرائيليون وقتها أن الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء الهندي تأتي دليلاً على تغير المزاج العام وتدل على أن السياسات الخارجية الهندية ينبغي أن تعكس الوضع المتقدم للهند بين دول العالم، وأن سيتناسب هذا الوضع بشكل كامل مع مصالحها القومية.
وعدا عن كون إسرائيل إحدى 3 دول رئيسية تزود نيودلهي بالسلاح، وتتعاون معها في خطط مكافحة الإرهاب، فقد كانت إسرائيل شريكاً في تطوير الترسانة النووية الهندية، بحسب ما أوردته صحيفة “هندوستان تايمز” الهندية قبل شهرين، زاعمًة أن هذه الحقيقة وحدها تؤكد أن الهند تعتمد على إسرائيل من النواحي الإستراتيجية مقارنًة بأي دولة أخرى في العالم.
والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو نظيره الهندي، خلال قمة المناخ الدولية التي عقدت في باريس، في كانون الأول/ديسمبر 2015، وأكدا أن العلاقات الهندية – الإسرائيلية في أفضل أوضاعها، لدرجة ربما تصل إلى درجة التحالف.
صفقات عسكرية ضخمة
تعد الهند إحدى أكبر الدول الموردة للسلاح في السنوات الأخيرة، وتؤكد تقارير دولية أن إجمالي واردات السلاح الهندي في النصف الأول من العقد الجاري شكلت 10% من إجمالي واردات العالم، حيث تعد روسيا وبريطانيا وإسرائيل المورد الرئيسي للسلاح للهندي، وتشكل الأسلحة الروسية وحدها قرابة 80% منها.
وأفادت تقارير في شباط/فبراير 2016 أن نيودلهي بصدد التوقيع على صفقة أسلحة هي الأكبر على الإطلاق مع إسرائيل، حيث تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار، وتشمل صواريخ متطورًة وقنابل موجهًة بالليزر.
ووقتها تردد أن تلك الصفقة تعد تتويجًا لعلاقات الشراكة الإستراتيجية بين تل أبيب ونيودلهي، وتشكل دفعًة لتطوير تلك العلاقات، لا سيما وأن الهند تعد من بين أبرز الدول التي تحرص على إقتناء التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية.
ولفتت التقارير حينذاك إلى أن إبرام الصفقة التي تقدر بثلاثة مليارات دولار، سوف تضع الصناعات العسكرية الإسرائيلية في مكانة متقدمة للغاية بين شركات السلاح العالمية، وسوف تحسن تصنيف إسرائيل في المجمل بين أكبر 3 دول تزود القوات المسلحة الهندية بالأسلحة والمعدات القتالية، إلى جوار روسيا وبريطانيا.
المصدر: ربيع يحيى - إرم نيوز