زينب شاكر السماك
شوط طويل ومخاض عسير مرت به قضية الهجرة الى اوبرا بسبب الاعداد الكبيرة من المهاجرين الذين طلبوا اللجوء الى دول الاتحاد الأوربي في الأعوام الأخيرة فقد شهد الاتحاد الأوروبي وصول نحو 1.6 مليون لاجئ ومهاجر من الشرق الأوسط وأفريقيا وما وراءهما إلى شواطئه بين 2014 و2016.
وحسب احصائيات مكتب الإحصاءات الأوروبي أن "العدد الأكبر من الأشخاص الذين حصلوا على الحماية سجل في ألمانيا" التي شهدت أكبر عدد من طالبي اللجوء، حيث منحت 445210 لاجئا قبولا في 2016 أي "ثلاث مرات أكثر من 2015". ثم تأتي خلفها السويد (69350 قبولاً) وإيطاليا (35450) وفرنسا (35170) والنمسا (31750).
نتيجة لهذه الاعداد الكبيرة من المهاجرين الى دول الاتحاد الأوربي أصدر الاتحاد الأوربي قرارا في العام 2015 هو توزيع الوافدين الجدد على دول الاتحاد الأوروبي مما أثار جدلا وتمت إعادة توطين أقل من 18500 شخص حتى الآن بموجب الخطة التي من المفترض أن تشمل 160 ألفا على مدى عامين.
مضت بعض دول الاتحاد ببطء واستوعبت بعض طالبي اللجوء على مضض لكن بولندا والمجر رفضت استضافة أي لاجئين. لذا قررت المفوضية الأوروبية بفرض عقوبات او إجراءات قانونية صوب الدول التي تتقاعس عن إعادة توطين طالبي اللجوء من ضمن تلك الدول النمسا التي قررت ان تستقبل المهاجرين من إيطاليا حتى لا يقع عليها عقوبات المفوضية الاوربية.
اثرت تدفق الهجرة الكبيرة على الأوضاع داخل البلدان الاوربية المستقبلة الى المهاجرين لذا باتت تلك الدول تتخذ الإجراءات والقوانين الصارمة لإنهاء هذه الهجرة الكبيرة او حتى التقليل منها بعد ان وصلت الى مرحلة يصعب التصدي لها من اجل ذلك قررت بريطانيا الانسحاب من دول الاتحاد الأوربي بعد ان لاقت الحكومة البريطانية فشل كبير في خفض صافي عدد المهاجرين السنوي إلى بريطانيا إلى أقل من 100 ألف.
لكن قرار تصويت البريطانيين في الاستفتاء على مغادرة بلادهم الاتحاد الأوروبي في يونيو حزيران الماضي جعل صافي اعداد المهاجرين ينخفض في عام 2016 إلى أدنى مستوى له في غضون أكثر من عامين ونصف مدفوعا بالأساس بارتفاع عدد مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يغادرون البلاد.
في الوقت الذي وضعت فيه الحكومة البولندية قوانين تسمح باحتجاز طالبي اللجوء في معسكرات غير صالحة للسكن مصنوعة من حاويات السفن على الحدود وذلك تطبيقا لخطة الاتحاد الأوربي في توزيع المهاجرين على دول الاتحاد الأوربي القرار الذي يشكل مخاطر أمنية لبولندا حسب رأي المختصون الامنيون في بولندا.
في حين يقبع مئات الاجانب في مراكز الاحتجاز الايطالية تتقافذهم مشاعر القلق والضجر في وقت ترغب السلطات الايطالية في زيادة عدد المهاجرين المطرودين اربع مرات للتصدي لتدفق آلاف منهم الى أراضيها.
لكن فرنسا اتبعت سياسة اخلاء مخيمات اللاجئين واهمالها امنيا ما ادت الى تسجيل عدة حوادث في المخيمات بسبب الفوضى الكبيرة والاشتباكات المستمرة حيث قامت الشرطة الفرنسية مؤخرا في إخلاء مخيم للاجئين في شمال شرق باريس في الوقت الذي تشير فيه تقارير إعلامية إلى أن الموقع يؤوي نحو ألف مهاجر معظمهم أفارقة وأفغان.
بينما الوضع مختلف مع روما التي تمتلئ بصناديق القمامة على اخرها ومن المشاهد المألوفة القمامة المبعثرة في شوارعها يقوم المهاجرون بكنس الشوارع كطريقة للمحاولة في الاندماج بالمجتمع.
روما: كنس الشوارع للاندماج
تبدو ابتسامة عريضة على وجه كريستيان أوكورو عندما يلقي أحد المارة بقطعة عملة معدنية له وهو يكنس بكل حرص الرصيف في وسط روما ثم يجمع الكناسة في علبة. وعلى قطعة صغيرة من الورق المقوى كتبت عبارة "أحاول الاندماج في مجتمعكم بتنظيف شوارعنا" وإلى جوارها كوب ورقي لتبرعات من يقدرون هذا العمل من أهل روما.
وأوكورو (27 عاما) من ولاية إيبوني في نيجيريا واحد من عدد متزايد من المهاجرين يعملون بكنس الشوارع بدلا من التسول في شوارع العاصمة الإيطالية. وروما تحتاج لهذه الخدمات حيث تمتلئ صناديق القمامة عن آخرها ومن المشاهد المألوفة القمامة المبعثرة في شوارعها. وصل أوكورو إلى إيطاليا في يونيو حزيران الماضي بعد أن دفع لمهربين 1500 دينار ليبي (1073 دولارا) مقابل الرحلة المحفوفة بالخطر في قارب مطاطي. وفق رويترز.
وفي الأسابيع الأخيرة بدأت تظهر في مختلف أنحاء المدينة لافتات مثل لافتة أوكورو وهو يقول إنه قام بتجنيد 20 شابا آخرين من مخيم المهاجرين الذي يعيش فيه في لاتينا القريبة. ويقول أوكورو الذي كان يعمل بناء في نيجيريا "الناس يقولون ‘برافو‘ ويقولون لي اخبر ناسك أن يأتوا وينجزوا هذا العمل". وبوسع الأفارقة القادمين من دول جنوب الصحراء وكذلك مواطني بنجلادش الذين يأتون إلى إيطاليا أن يطلبوا الحصول على الإقامة غير أن هذه العملية تستغرق وقتا يواجهون فيه صعوبات في العثور على عمل في بلد يبلغ معدل التشغيل فيه أقل مستوياته في الاتحاد الأوروبي.
الاتحاد الأوربي: عدم توفر الروح الاوربية
كان قرار الاتحاد في 2015 توزيع الوافدين الجدد على دول الاتحاد الأوروبي أثار جدلا وتمت إعادة توطين أقل من 18500 شخص حتى الآن بموجب الخطة التي من المفترض أن تشمل 160 ألفا على مدى عامين. وفي حين مضت بعض دول الاتحاد ببطء واستوعبت بعض طالبي اللجوء على مضض فقد رفضت بولندا والمجر استضافة أي لاجئين.
وقال ديميتريس أفراموبولوس مفوض شؤون الهجرة في الاتحاد في مؤتمر صحفي "من غير المقبول أنه في الوقت الذي تبذل فيه أغلبية الدول الأعضاء جهودا فعلية بروح أوروبية حقيقية تواصل دول أخرى إبداء عدم التضامن". وأضاف "لهذا أدعو بولندا والمجر، اللتين لم تستقبلا شخصا واحدا ممن يحتاجون الحماية، إلى البدء في فعل هذا الآن".
النمسا: تتعهد باستقبال لاجئين
هذا وقد قالت المفوضية إنها ستقرر ما إذا كانت ستفتح ما يسمى بدعاوى مخالفات تتعلق بإعادة التوطين ضد الدول التي لم تلتزم بتعهداتها. وعلاوة على بولندا والمجر، اللتين أقامتا دعاوى ضد برنامج إعادة التوطين أمام أكبر محكمة في الاتحاد الأوروبي، أشارت المفوضية أيضا إلى جمهورية التشيك وقالت إنها لم تنشط في هذه القضية منذ عام. وفق رويترز
والنمسا أيضا من دول الاتحاد التي لم تستقبل أي شخص بموجب الخطة لكنها تعهدت في الآونة الأخيرة باستقبال طالبي لجوء من إيطاليا. وقالت المفوضية إن على النمسا فعل الأمر نفسه بالنسبة لليونان. وجرى الاتفاق على خطة إعادة التوطين في خضم وصول أعداد قياسية من اللاجئين والمهاجرين من الشرق الأوسط وأفريقيا إلى الاتحاد.
بريطانيا: تراجع عدد المهاجرين
من جهته قال المكتب الوطني البريطاني للإحصاء إن صافي عدد المهاجرين إلى بريطانيا في السنة التي تنتهي في ديسمبر كانون الأول 2016 بلغ 248 ألفا بانخفاض 84 ألفا عن العام الذي سبقه وهو أقل رقم يسجل منذ السنة التي انتهت في مارس آذار 2014. وفق رويترز.
وأكدت رئيسة الوزراء تيريزا ماي، التي دعت إلى انتخابات عامة في الثامن من يونيو حزيران، على الوفاء بتعهد سلفها بالحد من المستوى السنوي لصافي أعداد المهاجرين إلى أقل من 100 ألف لكنها لم تضع جدولا زمنيا لذلك. وقال المكتب إن هذا التغير يرجع إلى ارتفاع عدد المغادرين للبلاد ومعظمهم من الأوروبيين إضافة إلى انخفاض عدد الوافدين إلى بريطانيا.
وأوضح المكتب أن صافي عدد المهاجرين من مواطني الاتحاد الأوروبي انخفضت على أساس سنوي بواقع 51 ألفا إلى 133 ألفا بعد انخفاض أعداد الوافدين من ما يسمى تكتل دول الاتحاد الأوروبي الثمانية وهي جمهورية التشيك واستونيا والمجر ولاتفيا وليتوانيا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا.
فرنسا: اخلاء المخيمات
أيضا قالت الشرطة الفرنسية إن السلطات تعمل لإخلاء مخيم للاجئين في شمال شرق باريس في الوقت الذي تشير فيه تقارير إعلامية إلى أن الموقع يؤوي نحو ألف مهاجر معظمهم أفارقة وأفغان. وأضافت الشرطة أن نحو 350 فردا من قوة الشرطة يشاركون في العملية في منطقة بورت دو لا شابيل. وكانت عملية مماثلة وقعت في نوفمبر تشرين الثاني عندما أجلت السلطات آلاف المهاجرين من مخيم في العاصمة والذي زاد حجمه إلى المثلين بعد إغلاق ما يعرف بمخيم "الغابة" للاجئين في كاليه بشمال فرنسا. وفق رويترز
وقال مسؤول إقليمي كبير بالحكومة الفرنسية إن حريقا دمر معظم أنحاء مخيم جراند سانت للمهاجرين قرب ميناء دونكيرك في شمال فرنسا وذلك في أعقاب اشتباكات بين سكان المخيم أسفرت عن وقوع إصابات. ويؤوي المخيم، الذي أقيم قبل أكثر من عام والمزود بأكواخ خشبية وصرف صحي، نحو 1500 شخص أغلبهم من الأكراد.
بولندا: احتجاز اللاجئين
بينما قال وزير الداخلية البولندي ماريوش بلوشتشوك إن بلاده تعمل على وضع قوانين تسمح باحتجاز طالبي اللجوء في معسكرات على الحدود مضيفا أن مثل هذه السياسة التي انتقدتها الأمم المتحدة خدمت المجر بشكل جيد. وتعارض بولندا والمجر وغيرهما من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في وسط أوروبا خطة المفوضية الأوروبية لتوزيع المهاجرين القادمين من أفريقيا والشرق الأوسط على دول الاتحاد.
وعلى النقيض من المجر لم تشهد بولندا، التي أصدرت أكثر من مليون تصريح عمل لمواطنين من أوكرانيا المجاورة العام الماضي، تدفق آلاف المهاجرين من أفريقيا والشرق الأوسط على حدودها. وقال بلوشتشوك للتلفزيون الرسمي "مهمتي هي ضمان سلامة البولنديين. علينا أيضا أن نكون مستعدين لهذا السيناريو السيئ الذي آمل ألا يحدث." وأضاف أن "السيناريو السيئ هو موجة هجرة تجتاح بولندا." وفق فرانس برس.
وردا على سؤال من (راديو زد.إي.تي) عما إذا كان سيضع المهاجرين في معسكرات تصنع من حاويات سفن وتحيط بها أسوار شائكة قال بلوشتشوك "هذه فكرة (لمواجهة) موقف طارئ أفادت المجر بشكل جيد." وأكد وزير الداخلية البولندي أن قبول المهاجرين وفق خطة الاتحاد الأوروبي لتوزيعهم ربما يشكل مخاطر أمنية لبولندا.
إيطاليا: مراكز احتجاز لتسريع الترحيل
على صعيد متصل سوف تفتتح إيطاليا مراكز احتجاز جديدة في مختلف أرجاء البلاد خلال الأشهر القليلة المقبلة في إطار سعيها لتسريع ترحيل المهاجرين غير الشرعيين برغم قول المعارضين إن هذه المراكز غير إنسانية ولا تحقق الغاية المرجوة منها. كانت الاحتجاجات العنيفة والصعوبة في التعرف على هوية المهاجرين قد أدت إلى إغلاق مراكز مماثلة في السنوات الماضية لكن وزارة الداخلية طلبت من الحكومات المحلية توفير 1600 سرير في هذه المراكز.
ويقول وزير الداخلية ماركو مينيتي إنه يجب احتجاز المهاجرين لمنعهم من الفرار قبل ترحيلهم. وتشمل الخطة إعادة فتح مركز احتجاز للرجال في بونتي جاليريا على مشارف روما حيث قام مهاجرون بخياطة أفواههم احتجاجا قبل أن يدمره سكانه في عام 2015. وما زال قسم النساء بمركز بونتي جاليريا مفتوحا. وفق رويترز.
ويزيد المهاجرون الوافدون بحرا الضغط على إيطاليا حيث ارتفعت أعدادهم بنحو 40 بالمئة حتى الآن هذا العام بعد وصول عدد قياسي بلغ 181 ألفا في 2016 ويجري استضافة 175 ألفا في ملاجئ مخصصة لطالبي اللجوء. وجرى ترحيل قرابة 4000 شخص في 2015 لكن لا توجد أعداد رسمية حتى الآن بشأن العام 2016.