عندما تتكلم الأرقام تسكت الحروف الهجائية .. ويسكت المشعوذون والدجالون .. ويسكت الفقهاء وعلماء الفتوى .. فالأرقام ليست مثل الحروف حمالة أوجه .. بل هي حاسمة قاطعة .. وقد لفت نظر جميع من تابع الصفقة الاميريكة السعودية أن أرقامها تفوق الخيال .. حتى الأميريكون فاجأتهم غزوة البقرة الحلوب كما فاجأ تهاون السادات وقبوله السريع بشروط اتفاقية السلام الوفد الاسرائيلي بقيادة مناحيم بيغين .. ولابأس أمام هذا النصر لترامب في غزوة البقرة الحلوب من ان نستعين هنا بمصطلح..أم المعارك .. وبدلا من تسمية صفقة سلمان وترامب بغزوة البقرة الحلوب يمكن ان نقول بارتياح أنها "معركة أم الأبقار" .. وبالعودة الى الرقم الفلكي للصفقة السعودية نجد أنها أخذت صفة الرشوة للتخفيف والتغطية على الوصف الحقيقي لها لأنها جزية في الحقيقة دفعها "ملك المسلمين لهرقل ملك الروم" لأول مرة منذ معركة اليرموك .. وقيمة هذه الجزية عمليا تفوق مجموع كل الجزيات التي جمعها المسلمون من الديار التي فتحوها في كل تاريخهم .. ولكن الصدمة لاتتوقف هنا .. فالأرقام تشير الى حقيقة أن من دفع المال ليس الأمراء ولاالأسرة المالكة السعودية .. فلم تكلف هذه الصفقة أي أمير وأي فرد من الأسرة المالكة ريالا واحدا .. بل تم جمع هذه الجزية من شعب نجد والحجاز (الذي يسمونه الشعب السعودي) بالمليم والريال .. فقد اشاعت الاسرة المالكة منذ أشهر أن البلاد تمر بعجز مالي وانها مقبلة على الافلاس وأنها تقترض و تشد الأحزمة على البطون وتخفض الرواتب والعلاوات والأجور ووو .. وكان وزير المالية السعودي منذ أشهر يقول بمرارة وصراحة ملفتة للنظر بأن على المواطن السعودي الذي اعتاد السكن في دار كبيرة أن ينسى هذه الرفاهية وأن يسكن في دار صغيرة وأن من اعتاد ركوب سيارات فارهة أن يبحث عن سيارات التوفير الاقتصادي .. وتبين أن كل هذه الحملة الدعائية والتهويل من الافلاس لتبرير سحب الأموال والاقتطاعات لم تكن لانقاذ الاقتصاد السعودي بل لتقديم جزية هائلة للأميريكيين دفعها كل المواطنين .. ويجب أن تسمى "أم الجزيات" .. وصار كل ريال يوفره المواطن في المملكة يعرف أنه (جزية ترامب) تماما كما عرفت اوروبا ماكان يعرف بـ (عشر صلاح الدين) وهو الضريبة التي فرضها البابا على الأوروبيين لتمويل حروب الصليبيين لاسترداد القدس بعد تحريرها .. مايلفت النظر هو تطابق تقديرات العجز السعودي مع مبلغ الصفقة الرهيبة .. مما لايدع مجالا للشك أن الشعب وحده هو الي دفع الجزية وأن القصر الملكي كان يحضر لهذه الصفقة ليسددها الشعب من لحمه ورفاهيته .. وأبقى الأمراء أموالهم بالحفظ والصون .. والكارثة أن هذا أول الغيث وهذه أول الجزيات .. فكل رئيس سيحدد رقم جزيته .. وكل جزية ستبز ماقبلها .. عندما تسقط هذه المملكة يوما سينبش الشعب كل الأسرار ويكتشف أنه لم يسبقه في التاريخ شعب تمت سرقته بها الشكل الأسطوري الذي لم تحك عنه الحكايا .. وحده التاريخ سيحكي عن العرب الحكايا ..
غزوة البقرة الحلوب وأسرار الأرقام .. من الذي دفع الجزية لترامب؟؟...
2017-05-27
بقلم:نارام سرجون