2024-11-30 06:22 م

ترامب يطمح لصفقة فلسطينية - إسرائيلية على إيقاع بناء الـ"ناتو" الإقليمي

2017-05-26
واشنطن ــ فكتور شلهوب
أكثر ما لفت في تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال زيارته للقدس وبيت لحم، تصريحه بأن "الكثير من الأمور التي يمكن أن تحصل الآن، لم تكن واردة في الحسبان سابقاً". 
عبارة محمّلة بالتلميحات إلى خطة مثلثة، تطمح إدارته إلى اعتمادها، كحجر أساس لسياستها في المنطقة "كسر الممنوعات" بين العرب وإسرائيل، وتحقيق "صفقة" بين الفلسطينيين وتل أبيب، ثم بناء التحالف العريض الأميركي- الإسرائيلي- العربي ضد إيران والإرهاب، وهي ملامح خطة كانت متداولة في واشنطن حتى قبل جولة الرئيس في المنطقة. 
أنصار إسرائيل وجماعاتها النافذة في واشنطن عملوا، منذ البداية، على الترويج للبند الأول، بزعم أنه المفتاح والمدخل لتحقيق المطلوب. 
من حيثيات هذا الزعم أن القضية الفلسطينية "لم تعد أولوية عربية"، وأن الظروف "لم تنضج بعد" لسلام فلسطيني– إسرائيلي، في ظل "غياب القيادة القادرة من الطرفين"، بالإضافة إلى "اتساع الهوة" حالياً بينهما؛ فضلاً عن حدة "التنابذ والنفور الشخصي" بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
تعليل ورد سابقاً على لسان جهات مطلعة على الأجواء الإسرائيلية، من بينها آرون ميللر، نائب رئيس مؤسسة وودرو ويلسون للبحوث في واشنطن، وعضو الفريق الأميركي في المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، في عهد الرئيس بيل كلينتون.

ومن أبرز ما قيل في هذا السياق، هو أن "العرب الآن في حالة من الاستماتة" والحاجة القصوى لأميركا للاستقواء بها في وجه إيران، على حدّ تعبير دانيس روس، أحد كبار المنظرين لهذا الترويج، هو و"مؤسسة الشرق الأدنى للسياسات الأميركية"، التي ينتمي إليها، والتي تتولى التسويق للسياسات الإسرائيلية في واشنطن. 
بحسب هذا الطرح، على إدارة الرئيس ترامب أن تغتنم ظروف الجانب العربي الصعبة، خاصة السعودية، لتطالبها باتخاذ مواقف وخطوات انفتاحية باتجاه إسرائيل، وبعد ذلك يأتي وقت للعودة إلى موضوع السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. 
عشية زيارة ترامب، كتب روس: "ألم يحن الوقت لمطالبة قيادات عربية يلتقيها الرئيس في الرياض، بالاعتراف بالقدس الغربية كجزء دائم من إسرائيل، حتى ولو طالبوا بالقدس الشرقية للفلسطينيين؟". 
طلب مفخخ، المراد منه انتزاع مثل هذا الاعتراف، كخطوة أولى، تفتح الباب أمام مطالبة الجانب العربي بخطوت تالية، كما من شأنه تسهيل نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
البيت الأبيض يتحدث بلغة شبه واثقة عن صفقة "ليست بالصعوبة التي يراها الآخرون"، ويعوّل ترامب على ما يملكه من "قدرة على الإقناع والتفاوض"؛ فضلاً عن توظيفه لرصيد صهره في إسرائيل. 
لكنْ وراء هذه العموميات عامل آخر مستجد يستند إليه ترامب، وهو لم يكن متوفراً في السابق، إذ تردد أنه تجدد الحديث في الرياض، عن مبادرة السلام العربية، والفرصة السانحة حالياً للاستعانة ببعض عناصرها في نسج مشروع لتسوية شاملة فلسطينية- إسرائيلية- عربية. 
ويبدو أن الإدارة تراهن، مثل إسرائيل، على معادلة أن السلام الفلسطيني– الإسرائيلي يمر عبر البوابة العربية، "المهم الآن تظهير العلاقات المتكونة وراء الستار"، كما نسب إلى مسؤول أميركي قوله. 
لكن الاعتقاد أن مثل هذا التمرير غير ميسور، خاصة أن تجربة أوسلو تؤكد أن إسرائيل تأخذ، لتستمر في طلباتها، وليس للرد بالمثل. 
المخرج الممكن مبدئياً، وفق بعض التقديرات، أن تضع واشنطن خطة تكفل تزامن ولادة الصفقة، مع هذا التظهير وعلى إيقاعاته، غير أن كل ذلك مبني على قراءة موقف الإدارة في ضوء تلميحاتها. 
الواضح أن إدارة ترامب لا تملك خطة لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، إذ حذفت عبارة الدولة الفلسطينية من خطابه، وتتحدث عن صفقة ضبابية، مفتوحة بطبيعتها على التلغيم الإسرائيلي. وحتى مثل هذه الصيغة مهددة بأن لا تبصر النور، فقد تنهمك الإدارة، وإلى حين، في أزمتها الروسية، إن لم تغرق في مستنقعها.
"العربي الجديد"