بقلم: تسفي برئيل
لم تكن ولن تكون فرصة كهذه. حتى بنيامين نتنياهو، للمرة الاولى في حياته، شعر بملاطفة الفرصة أمامه. هناك أمر كبير سيحدث في الشرق الاوسط، السلام بين اسرائيل والفلسطينيين قريب مثل اصبع الله، التي تلمس تقريبا يد شخص في “خلق الانسان” لميخائيل انجيلو.
الله، أي دونالد ترامب، سيمد اصبعه ويُحدث المعجزة. السعودية ستقيم سفارة في القدس، ودول الخليج ستقوم ببناء شقق يمكن الحصول عليها لآلاف الازواج الشابة الاسرائيليين، الفلسطينيون سيتنازلون عن حق العودة وعن شرقي القدس، الكتل الاستيطانية ستُضم الى اسرائيل، عشرات آلاف المستوطنين سيتم اخلاءهم من الوطن واعادتهم الى الدولة اليهودية ومحمود عباس سيكون ملك فلسطين. كم هي الصعوبة في تحقق حلم ترامب وحلم السلام لنتنياهو؟
والآن الى الكابوس، أي الواقع. كم من الوقت احتاجت حكومة اسرائيل من اجل اخلاء عمونة؟ فتات صغير لمستوطنة قامت بسرقة الاراضي، أوقفت الدولة على قدميها، ووضعت الجيش في حالة تأهب للحرب. لمن بالضبط سيتبع حائط المبكى، في الوقت الذي رفض فيه ترامب نفسه اعطاء اسرائيل ملكيته؟ لم يتم سماع أي كلمة من رئيس الحكومة عن حقيقة أن ترامب يتبنى الموقف الدولي القائل بأن الاراضي المقدسة التي بني عليها الحائط غير تابعة لدولة اسرائيل.
هل سيقرر ترامب ايضا أين ستمر الحدود بين اسرائيل وفلسطين، بعد قولهم إنه بالنسبة له “دولة واحدة أو دولتان” لا فرق بينهما؟ يقولون هنا إن الرئيس الامريكي قد تعلم فصلا في التاريخ اليهودي، ولا سيما في السياسة الاسرائيلية والسياسة الفلسطينية. وهو يدرك ما هو الممكن وما هو غير الممكن. ولكن هنا بالضبط يكمن اللغم: عندما يعرفون ذلك، ويعرفون ايضا أن الحلم ليس فقط مجرد حلم. جون كيري وبراك اوباما وهنري كيسنجر وريتشارد نكسون وورن كريستوفر وبيل كلينتون فهموا بسرعة ما هو غير الممكن ايضا. ما هو الحل الذي اخترعه ترامب وتلرسون، الذي يمكنه تجاوز جدار التمترس الذي اتسع مع مرور السنين؟.
يحتمل أن ملك السعودية سلمان وزعيم الامارات قد أعطيا ترامب سببا للاعتقاد بأنهما على استعداد لاعطاء شيك مؤجل ثمنا للبضاعة التي سيحصلون عليها من اسرائيل. التطبيع الجزئي والسماح بالطيران في سمائهما وتأشيرات الدخول لرجال الاعمال. هذا ممكن، لأنه باستثناء “وول ستريت جورنال” لم تظهر أي اشارة على ذلك من أي طرف. ويحتمل أن محمود عباس على استعداد للالتقاء مع نتنياهو من اجل التفاوض بفضل تراخيص البناء في المنطقة ج التي سيحصل عليها، أو توسيع المنطقة الصناعية في ترقوميا، التي توجد فيها أصلا مصانع اسرائيلية. إلا أنه حول ذلك لا توجد أي اشارة.
كان يمكن التوقع أنه بعد اسابيع من التنسيق واللقاءات مع الزعماء العرب والمواقف المكتوبة التي انتقلت من جهة الى جهة، وبعد اربعة ايام من ضجة الزيارة في الشرق الاوسط، ستحظى القلوب بشيء من الحلوى، هنا وفي الطرف الثاني. أي الفتات أو خطة سياسية باستثناء الاحاديث عن التعطش للسلام. ولكن يفضل في هذه المرحلة القول إن ما يُرى هو ما سيتم الحصول عليه. الجمهور الاسرائيلي لا يوجد له في هذه الاثناء ما يجعله يعتقد أن نتنياهو قد تغير، وأن استقرار الائتلاف لم يعد يقلقه، وأن اليمين المتطرف لم يعد الجمهور الذي يريد الوصول اليه، وأن بقاء حكمه أقل أهمية من “السلام والأمن الاقليمي”.
إن الأمل بأنه من بين جميع الصراعات في العالم سيتسلق ترامب قمة افرست لعملية السلام، هو أمل يحتاج الى الاثبات. نتنياهو وترامب زعيمان عالقان على دواسة الفرامل، وهما مشتبه فيهما ويتم التحقيق معهما، وكرسيهما يتأرجحان، والمصداقية ليست شعارهما التجاري. الآن بالتحديد، لا يمكن التعامل معهما بجدية، لكن كما هو معروف، المعجزات تحدث. فالمسيح سار فوق المياه، وأمنا سارة أنجبت في سن التسعين.
هآرتس 25/5/2017