2024-11-25 07:58 م

من شنجهاي إلى كوالالمبور.. ماليزيا وِجهة أثرياء الصين

2017-04-18
بالرغم من تنبؤ البنك الدولي، عام 2014، أن تتربع الصين على عرش الاقتصاد العالمي، بحلول عام 2019، إلا أن ذلك لا يعكس تحسناً في مستويات الرفاهية لديها، خصوصاً بالنسبة للطبقات الثرية، التي أفرزتها القفزة الاقتصادية الصينية، في العقود القليلة الماضية.

فمنذ إطلاق الحكومة الماليزية، عام 2002، برنامج "ماليزيا بيتي الثاني"، لجذب الراغبين بالهجرة من ذوي المستويات الاجتماعية والمادية المرتفعة من مختلف دول العالم، تصدر الصينيون قائمة المتقدمين، ولا يزالون، خصوصاً القادمين من مدينة شنجهاي (شرق)، أكبر مدن البلاد وأكثرها ثراءً.

دفع ذلك صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج"، في مارس الماضي، لوصف ما يجري بـ"الموجة الثالثة" للهجرة من شنجهاي إلى كوالالمبور، كبرى مدن ماليزيا وعاصمتها السابقة، وذلك في إشارة إلى موجتي هجرة سابقتين، حدثتا في القرنين الخامس عشر والتاسع عشر.

وبالأرقام، فخلال السنوات الـ14 الماضية، وافقت الحكومة الماليزية على أكثر من 31 ألف طلب هجرة في إطار برنامج "ماليزيا بيتي الثاني"، وذلك من 126 بلداً، شكلت الطلبات القادمة من الصين وحدها أكثر من 25% منها، وفق ما نقلت صحيفة "فري ماليزيا توداي" عن وزير السياحة والثقافة الماليزي، نازري عزيز، الشهر الماضي.

دوافع الهجرة

ونقلت صحيفة "ماليزيا كورنيكال"، نهاية مارس الماضي، عن عدد من الصينيين المستفيدين من البرنامج الماليزي، الخاص بالأثرياء والميسورين مادياً، أن البحث عن بيئة نظيفة لتربية أبنائهم واستكمال ما تبقى من حياتهم هو أهم ما يدفعهم للانتقال إلى ماليزيا.

فمن يريد العيش منهم في مدن تمتلك خدمات جيدة في الصين، سيواجه مشكلة تلوث الهواء وازدحام الشوارع وقلة أسباب الرفاهية، أو اقتصارها على دوائر اجتماعية ضيقة جداً.

ونقلت الصحيفة عن أحد المستفيدين من البرنامج، واسمه "بول يينغ تشيان" (32 عامًا)، ويقيم في ماليزيا منذ عام 2009، أن أفضل ما يميز ماليزيا هو جودة التعليم، وسهولة الانخراط في الثقافة، بالإضافة إلى قربها من بلده الأم الصين.

ويقول الشاب الصيني، الذي أنجب طفليه بعد حصوله على الإقامة الدائمة في ماليزيا، أن الطقس كان سببًا آخر لانتقاله من الصين، ويضيف: "أشعر بأن ماليزيا مكان جيد للجيل القادم، فهي تشهد التنمية مع الاحتفاظ بطابعها التقليدي، كما أن مناخها جيد مقارنة بالصين، حيث الصيف الحار جدًا والشتاء مثلج".

ووفق شروط "بيتي الثاني"، لا يتم منح الحاصلين على الإقامة ترخيص بالعمل، وهو ما دفع "بول" لاستثمار أمواله في قطاع الفنادق الماليزية لتوفير دخل مادي له ولأسرته، فيما لا يزال يحتفظ باستثمارات تجارية وعقارية في الصين، وهو ما يسر عليه بالأساس الحصول على إقامة في كوالالمبور.


كما أن عدداً كبيراً من المتقدمين للاستفادة من البرنامج هم من المتقاعدين، حيث قال الستيني "هو شياو" للصحيفة الماليزية، أنه قدم من شنغهاي لأنه وجد ماليزيا بلداً جيداً ومناسباً للحياة، يسهل فيها الانسجام مع شعبها، "كما أنها هادئة ورخيصة مقارنة بمدينتي شانغهاي".

ويتلو الصينيين في الإقبال على الهجرة إلى ماليزيا، في إطار "بيتي الثاني"، مواطنو كل من اليابان وبنجلاديش وبريطانيا وإيران، على الترتيب.

ومنذ إطلاقه، عاد ضخ ذلك البرنامج ملايين الدولارات في الاقتصاد الماليزي، ولم يتسبب بمنافسة المهاجرين على الوظائف، حيث يمنعهم من الحصول على أذون عمل، بل إنه وفر المئات من الوظائف للمواطنين من خلال استثمار أولئك المهاجرين الأثرياء أموالهم في عدة قطاعات حيوية.

ووفق وزير السياحة الماليزي، فإن طلبات الهجرة وتجديد التأشيرات، أدخلت أكثر من 660 مليون دولار للبلاد بشكل مباشر، حيث تحدد شروط القبول في "بيتي الثاني" أن يثبت المتقدم الشاب (أصغر من خمسين عامًا) إيداعه مبلغ 150 ألف رينغيت ماليزي (أكثر من 34 ألف دولار)، على الأقل، في إحدى المؤسسات المالية في ماليزيا، وأن يكون له دخل من بلده الأصلي، لا يقل عن ألف و700 دولاراً، لغير المتزوج، وألفين و270 دولاراً للمتزوج.

أما إذا كان المتقدم قد تجاوز الخمسين عاماً فتصبح شروط القبول في البرنامج أقل تعقيداً، وتقتصر على تلبية أحد الشرطين فقط، أي المبلغ الثابت أو الدخل الشهري.