أثار تقرير للجنة الاممية الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “اسكوا” جدلا واسعا بعدما وصف ولأول مرة النظام الاسرائيلي بالعنصري والتمييزي تجاه الفلسطينيين، ما دفع الولايات المتحدة إلى المطالبة بسحب التقرير.
وخلص تقرير اللجنة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، والتي تتخذ من العاصمة اللبنانية بيروت مقرا لها، إلى أن “إسرائيل أسست نظام أبارتيد يهيمن على الشعب الفلسطيني بأكمله”.
وقالت السكرتيرة التنفيذية لإسكوا، ريما خلف، في تصريحات صحفية إن التقرير هو “الأول من نوعه الذي يصدر عن إحدى هيئات الأمم المتحدة ويخلص بوضوح وصراحة إلى أن إسرائيل دولة عنصرية، أنشأت نظام أبارتايد يضطهد الشعب الفلسطيني”.
وكانت خلف، وهي وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، تتحدث أثناء فعالية لتدشين التقرير في مقر اللجنة في بيروت.
ووفقا لموقع اللجنة على الإنترنت، فإنها تضم 18 دولة عربية في غرب آسيا وتهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأعضاء. وقالت خلف إن التقرير جرى إعداده بطلب من دول أعضاء.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، للصحفيين في نيويورك، إن التقرير نشر دون أي تشاور مسبق مع أمانة الأمم المتحدة، مضيفا “التقرير بشكله الحالي لا يعكس وجهات نظر الأمين العام (أنطونيو غوتيريس) والتقرير نفسه يشير إلى أنه يعكس وجهات نظر مؤلفيه”.
وسارعت الولايات المتحدة إلى انتقاد التقرير. وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، في بيان “أمانة الأمم المتحدة محقة في النأي بنفسها عن هذا التقرير، لكن يجب عليها أن تذهب إلى مدى أبعد وتسحب التقرير برمته”.
أما المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، إيمانويل نحشون، فقد أشار أيضا إلى أن التقرير لم يؤيده الأمين العام للأمم المتحدة.
وقال التقرير إنه ثبت على أساس “تحقيق علمي وأدلة لا ترقى إلى الشك أن إسرائيل مذنبة بجريمة الأبارتيد”، مضيفا “لكن صدور حكم من محكمة دولية بذلك المعنى هو فقط الذي سيجعل بحق مثل هذا التقييم موثوقا به”.
ومما جاء في التقرير “تمارس إسرائيل “الهندسة الديمغرافية” بغرض الحفاظ على إسرائيل دولة يهودية.” ومثال ذلك قانون العودة الذي يمنح اليهود أيا كان بلدهم الأصلي حق التجنس.
وجاء فيه أيضا “يسمح القانون الاسرائيلي لازواج الاسرائيليين بالانتقال إلى اسرائيل ولكنه يستثني الفلسطينيين من الأرض المحتلة أو خارجها من هذا الاجراء”، مضيفا “منذ عام 1967 يعيش الشعب الفلسطيني في 4 “فضاءات” يعامل فيها الفلسطينيون معاملة مختلفة في الظاهر لكنهم يتشاركون اضطهادا عنصريا في ظل نظام الابارتايد”.
وأشار إلى أن “إستراتيجية تفتيت الشعب الفلسطيني هي الأسلوب الرئيسي الذي تفرض به إسرائيل الأبارتيد” بتقسيم الفلسطينيين إلى أربع مجموعات تتعرض للقمع من خلال “قوانين وسياسات وممارسات تتسم بالتمييز”.
وحدد المجموعات الأربع بأنها: الفلسطينيون الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، والفلسطينيون في القدس الشرقية، والفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة، والفلسطينيون الذين يعيشون في الخارج إما كلاجئين أو منفيين.
ووضع التقرير ريتشارد فولك، وهو محقق سابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية ورئيس مجلس أمناء المرصد الأورومتوسطي، وفرجينيا تيلي، وهي أستاذة في العلوم السياسية بجامعة ساذرن إيلينوي.
وقبل أن يغادر منصبه مقررا خاصا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية في 2014، قال فولك إن السياسات الإسرائيلية تنطوي على سمات غير مقبولة من الاستعمار والفصل العنصري والتطهير العرقي.
من جانبه، رحب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، بتقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “إسكوا” والذي بينت فيه أن إسرائيل تفرض نظام “أبارتايد” على الفلسطينيين، عبر استخدامها لسياسة الفصل والتمييز العنصري ضد الفلسطينيين، معتبرًا التقرير وثيقة مهمة لمساءلة إسرائيل دوليًا.
وأكد الأورومتوسطي في بيان صحفي وصلت لـ “رأي اليوم” نسخة منه، “على ضرورة عدم التساوق مع الوقائع التي تحاول إسرائيل فرضها على أرض الواقع، داعيًا “المجتمع الدولي للعمل الجاد لوقف الحالة التي تتصرف فيها إسرائيل كدولة فوق القانون، من خلال استخدامها التمييز ضد الفلسطينيين”.
ووصف المرصد التقرير الأممي بأنه إنجاز لصالح حقوق الفلسطينيين المشروعة التي صادرتها إسرائيل على مدار السنوات الماضية.
وأشار التقرير في متنه إلى أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي والمتعلقة في جانب “الأبارتايد” جاءت مخالفة لمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان مثل : الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، وميثاق الأمم المتحدة عام 1945 والاتفاقية الدولية للقضاء على التميز العنصري بكافة أشكاله 1965.
وخلص تقرير “إسكوا” إلى أن إسرائيل أسست لنظام قائم على الفصل العنصري والذي يهيمن على الفلسطينيين بأكملهم، حيث ذهب معدو هذا التقرير من خلال الوقائع والأدلة التي قاموا بالبحث فيها، أن السلطات الإسرائيلية مذنبة بارتكاب جريمة الفصل العنصري.
ودعت “إسكوا” في تقريرها، الدول والحكومات ومؤسسات المجتمع المدني إلى دعم مبادرات مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها بهدف إسقاط نظام الـ”أبارتايد”.