2024-11-28 05:38 ص

فليطمئن أعراب الجامعة... الأسد لن يمنحهم هذا الشرف

2017-03-11
مَن يسمع كلام أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي ثارت حفيظته بعد كلام وزير خارجية العراق إبراهيم الجعفري الذي طالب بعودة سوريا الى الجامعة العربية، يتخيّل لوهلة أنه ينتفض من أجل كرامة فلسطين والقدس بوجه الغطرسة الصهيونية، وربما تخيّل له أنّ دمشق تتسكّع من أبو الغيط ومَن يقف خلفه من أجل العودة الى هذه الجامعة المزعومة، والتي لا يوجد فيها ما يجمع بل على العكس لم تكن إلا خنجراً في خاصرة الدول العربية، وما حصل من خلال تعليق عضوية سوريا قبل سنوات يكشف حقيقة هذه الجامعة ودورها، التي لفحتها رياح «الربيع العربي» المزعوم فباتت شريكاً أساسياً في تهديد أمن دولها الأعضاء وسلامتها، بدلاً من أن تكون المظلة الحامية وفقاً لدستور الجامعة التي كانت سورية من بين الدول المؤسسة لها، بينما كانت بعض الدويلات ترزح تحت نير الوصاية البريطانية، قبل أن تخرج لتحاضر بـ«العفاف العربي».
ربما نسي أبو الغيط أو تناسى بأنّ سوريا الدولة لا تزال حاضرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعتبر أحد المحافل الدولية بشخص ممثلها الدكتور بشار الجعفري، الذي يشكّل صوتسوريا الصادح في وجه غلاة الإرهاب والتطرّف بوجهيه التكفيري والصهيوني، وعلى مرأى ومسمع الدول التي ترعى أبو الغيط وجامعته العربية، والتي لم تتجرّأ يوماً ولم تستطع أن تنال من دورسوريا ومكانتها الدولية، رغم كلّ ما تعرّضت وتتعرّض له من حرب إرهابية على مدى خمس سنوات ونيّف.

لكن أبو الغيط أصاب عندما أعلن أنّ الوقت لم يحن بعد لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، فكيف تعود ومن يدعم الإرهاب لا يزال ممسكاً بقرارها، كيف تعود سوريا ولا تزال إمارات النفط والغاز وبالتنسيق مع واشنطن وتل أبيب تغذّي الجماعات الإرهابية تعيث قتلاً وسفكاً لدماء السوريين، وتواصل مؤامراتها من أجل تقسيم سوريا إلى دويلات وكيانات تحت مسمّيات وذرائع مختلفة، لكن سوريا بفضل سواعد أبطال الجيش السوري وحلفائه، وصمود الشعب السوري وقيادته ممثلة بالرئيس بشار الأسد ستبقى عصية على المؤامرات، وهي أثبتت على مدى سنوات الأزمة أنها أقوى من أن تُهزم أمام الحرب الكونية بلبوس التكفير والإرهاب تارةً، وبوجهها الصهيوني الصريح تارة أخرى من خلال العدوان المباشر الذي يستهدف الجيش السوري ومواقعه ومخازن أسلحته تارة أخرى، وهو ما يكشف حقيقة الهدف من الحرب التي تدور رحاها على أرض الشام منذ سنوات.

سوريا تعود إلى جامعة الدول العربية عندما تنتصر على الإرهاب وتستعيد عافيتها، وعندما يصبح قرار الجامعة العربية غير خاضع لإملاءات الإدارة الأميركية وعملائها سواء في الرياض أو قطر، فدمشق لا تنتظر موافقة أبو الغيط وأمثاله كي تستعيد مقعداً هنا أو كرسياً هناك، لأن دمشق هي الحجر الأساس في المعادلة، وأثبتت ذلك من خلال الدور الذي لعبته في دعم حركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق، ورفضها التخلّي عن ثوابتها إبان الغزو الأميركي للعراق، وها هي دمشق اليوم تدفع باهظاً ثمن قناعاتها وثوابتها غير القابلة للمساومة، وهي تدفع من دماء أبنائها واقتصادها ثمن خياراتها، ولن تتخلّى عنها بعدما قدّمت الغالي والنفيس كي تبقى سوريا قلعة للصمود، وها هي المؤامرات التي حيكت ضدّها تسقط كما سقطت عروش أولئك الذي حاولوا النيل من سوريا الدور والمكانة.

أخيراً لا بدّ أن نطمئن أبو الغيط وجامعته العربية بأنّ سوريا المنهمكة مع حلفائها الشرفاء بحربها على الإرهاب من أجل القضاء عليه واستعادة الأمن والأمان إلى المدن والقرى التي دنّسها الإرهاب، وعليه ليس وارداً على أجندتها مقعدها في الجامعة العربية من أجل الجلوس الى جانب مشيخات النفط ومَن لفّ لفيفهم، وها هي سوريا وقيادتها وحلفاؤها يواصلون حربهم على الإرهاب نيابة عن العالم بأسره، وبالتالي لن يمنح الرئيس الأسد مَن تلوّثت أيديهم بالحرب على سوريا وشعبها، شرف مصافحته لأنّ المصافحة اعتراف…

يوسف الصايغ - "سوريا الان" عن "البناء"