2024-11-27 12:38 م

محمد علي جوهر.. بطل الهند ودفين المسجد الأقصى

2017-02-25
محمد علي جوهر سياسي وصحفي هندي عارض الاحتلال البريطاني بجسارة، وعرف بمناصرته للمسلمين وقضايا التحرر، ودافع عن الخلافة العثمانية في المحافل الدولية، ودفن بباحة المسجد الأقصى المبارك تقديرا لدعمه لفلسطين.
المولد والنشأة
ولد محمد علي جوهر في العاشر من ديسمبر/كانون الأول 1878 في ولاية رامبور (شمالي الهند)لعائلة مسلمة يرجع نسبها إلى “يوسفزاى بوشتون”، وتوفي عنه والده وهو صغير؛ فنشأ يتيما وتربّى على أخيه مولانا شوكت علي الملقب بأسد الهند.
الدراسة والتكوين
درس العلوم التقليديّة السائدة في مدارس عصره، ثم التحق بجامعة “عليكرة” الإسلاميّة المنفتحة على الثقافة الغربيّة والعلوم الحديثة، ثم رحل إلى بريطانيا ونال شهادة في التاريخ الحديث من جامعة أكسفورد.
الوظائف والمسؤوليات
عمل مديرا في قطاع التعليم بولاية رامبور، ثم امتهن الصحافة والكتابة، فكتب للصحف الرئيسية باللغتين الأوردو والإنجليزية.
وفي عام 1913 أصدر صحيفة “الرفيق” (comrade) الناطقة بالإنجليزية، وتولى رئاسة تحريرها، ثم أسس لاحقا صحيفة “هامبارد” الناطقة بالأوردو، كما تولى العديد من المسؤوليات السياسية والثقافية والدينية.
التجربة السياسية
خلال إقامته ببريطانيا احتك بمهنة الصحافة، وتعرف على رجال السياسة والفكر والأدب، وبعد عودته للهند أصدر صحيفة “الرفيق” التي امتازت بالجرأة النادرة”.
اعتقل الإنجليز محمد علي جوهر مرات عديدة على خلفية مقالاته ضدهم، وعندما مرضت ابنتاه أثناء الاعتقال عرضوا عليه إطلاق سراحه للعناية بهما مقابل الاعتذار للحكومة البريطانية، لكنه رد بأن السجن أحب إليه من الإذعان للمستعمر.
تأثرت شخصيّته بنثر محيي الدين أحمد بن خير الدين المشهور بأبي الكلام آزاد، وشعر محمد إقبال، وفي ذلك يقول “إني تعلّمت الزعامة والقيادة من النثر الكتابي لأبي الكلام والشعر البليغ للعلامة إقبال.
لم يتحدّ محمد علي جوهر الحكومة البريطانية فقط، بل واجه الغرب عموما؛ فعارض الإطاحة بالخلافة العثمانية وناصرها في كل المؤتمرات والملتقيات التي يحضرها داخل وخارج الهند.
في عام 1919 شكّل مع أخيه جمعيّة الخلافة التي ناضلت إلى جانب جمعية العلماء لمناصرة الخلافة العثمانية.
انسحب من حزب المؤتمر الوطني الهندي بعد رفضه مطالب قدمها المسلمون، وعارض المهاتما غاندي رغم صداقته له بعد الحوادث الطائفية بين المسلمين والهندوس، وضم جهوده إلى “الرابطة الإسلامية”.
كما عارض “وثيقة نهرو” التي كانت تقترح إصلاحات دستورية تفضي لزيادة صلاحيات الإمبراطورية البريطانية.
كان يشدد على انتمائه إلى دائرتين بحجم متساو، إلا أنهما تتحدان في المركز، إحداهما الهند، والأخرى هي العالم الإسلامي.
عرف محمد علي جوهر بدعوته للتضامن الإسلامي حيث يرى أن “الإسلام لا يعرف حواجز جغرافية وعرقية، كالحواجز التي أقامتها أوروبا الحديثة، فكانت عائقاً للصلات الاجتماعية الخيرة، ولاتساع مدى العواطف الإنسانية، وليس الإسلام قوميا، بل يعلو فوق القوميات”.
أنشطة محمد علي جوهر غطت المجالات الدينية والسياسية والثقافية والتعليمية، وعمل على توسيع الكلية الإنجليزية الشرقية المحمدية، وأصبح واحدا من المؤسسين المساعدين “لجاميا ميليا إسلاميا” في عام 1920، التي انتقلت بعد ذلك إلى دلهي.
أطلق عليه لقب مولانا، وأسهم في تأسيس الاتحاد الهندي الإسلامي في دهاكا عام 1906، وتولى رئاسته عام 1918، وظل نشطا في صفوفه حتى عام 1928.
كرس جانبا مهما من وقته لنصرة فلسطين، وانتقد الحكومات الغربية المناصرة للاحتلال الإسرائيلي، وزار القدس 1927 بدعوة من المفتي أمين الحسيني بعد أحداث ثورة البراق التي اندلعت ضد تدنيس اليهود للحرم القدسي أيام الانتداب البريطاني.
وصلّى مولانا محمد علي جوهر بالمسجد الأقصى المبارك، وأكد حقوق المسلمين في فلسطين.
يعدّ محمد علي جوهر من أهم ساسة وأبطال الهند في التاريخ الحديث، ويحظى بتقدير خاص لدى المسلمين الهنود، وتقول مصادر إن الحركات والجمعيات التي قادها أسست للحركة الباكستانية التي أدت في ما بعد لانفصال باكستان عن الهند.
لكن الثابت أن مولانا محمد علي جوهر لم يناد بانفصال أي جزء من الهند، وأنه توفي قبل ميلاد الحركة الباكستانية.
المؤلفات
أصدر مولانا محمد علي جوهر باللغة الإنجليزية: محمد رسول الله، وحياة محمد ورسالته.
الوفاة
وفي الرابع من يناير/كانون الثاني 1931 توفي مولانا محمد على جوهر بلندن عندما كان يحضر مؤتمرا سياسيا، ونقل جثمان محمد علي جوهر للقدس حيث شيّع في موكب مهيب ودفن في حرم المسجد الأقصى المبارك بناء على وصيته، وتقديرا من مفتي القدس لجهوده في مناصرة فلسطين والذود عن مقدساتها.
المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية