2024-11-25 07:58 م

معركة النفط والغاز : حلف سوريا وروسيا وايران والمقاومة قلب رقعة الشطرنج الغربية

2017-02-11
صوفيا ـ جورج حداد

تأخذ “معركة سوريا” بُعدها العالمي الرئيسي على جبهة الطاقة، وتحديدا على جبهة النفط والغاز، مما يعتبر دون نقاش العمود الفقري والعصب الأساس للنظام الرأسمالي العالمي، اقتصادياً، وللامبريالية والصهيونية العالمية، سياسياً واستراتيجياً وعسكرياً.
توقيت “الربيع العربي” مع الإعلان عن وجود النفط
فربما يكون أو لا يكون من باب الصدفة، أن تبدأ تمثيلية “الربيع العربي” المشؤوم، ولا سيما “المعركة السورية”، مع طرح موضوع الشروع في استخراج النفط والغاز من الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط. وحسب المعطيات الأولية المنشورة حتى الآن تشمل منطقة الاستخراج البحرية غزة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان وقبرص وبالتأكيد سوريا.

وليس من المستبعد ابداً أن تشمل أيضا الشاطئ المتوسطي التركي وتحديداً لواء الاسكندرون السوري الذي تغتصبه تركيا.

منطقة شرقي المتوسط سوف تنافس الخليج
ان الإعلام الموجه من قبل اميركا واوروبا والصهيونية العالمية والدول النفطية العربية لا يحاول حتى الان ان يتناول مسألة العلاقة العضوية بين “الربيع العربي” و”المعركة السورية” وبين احتمالات تحول شرقي المتوسط إلى منتج رئيس للنفط والغاز.

ولكن جهل أو تجاهل حركة دوران الأرض لم يعنِ يوماً عدم وجودها.

واليوم فإن تجاهل دور النفط والغاز غير المستخرج إلى الآن في شرقي المتوسط، لا يعني ابداً أن لا يكون هذا العامل هو أحد أهم، أو ربما هو العامل الأهم في كل التطورات والأحداث الجارية على ساحة “الشرق الاوسط الكبير” كما سماه جورج بوش. ويكفي أن نلفت النظر الى الملاحظات التالية:
أ ـ ان النفط يستخرج الآن (بكميات متواضعة بالمقاييس الدولية) في سوريا، وفي مصر (في سيناء). واكتشاف النفط والغاز في المنطقة البحرية الفلسطينية ـ اللبنانية ـ القبرصية، ربطاً بمصر في الجنوب وسوريا في الشرق، وبما أن هذه المنطقة هي منطقة جيولوجية واحدة، يمكن الاستنتاج ببساطة أن منطقة شرقي وجنوبي شرقي البحر الأبيض المتوسط هي كلها منطقة مكامن نفطية وغازية. فإذا بدأ العمل للاستخراج الكثيف للنفط والغاز من هذه المنطقة، وبسبب قربها الشديد من أوروبا، فهذا سيؤدي الى انقلاب تام ليس فقط في سوق الطاقة العالمي، بل وفي الاقتصاد والسياسة الدوليين بأكملهما.

تركيا كانت تعرف…
ب ـ على هذا الأساس نفهم بشكل أفضل طبيعة وجود الجيش التركي في شمال قبرص، وإنشاء جمهورية شمال قبرص التي لا تعترف بها الا أنقرة (وضمناً أميركا). وعلى هذا الأساس نفهم بشكل أفضل التقرّب التركي السابق من النظام السوري، ثم الإنقلاب عليه، والحماس التركي الزائد للمعركة ضد سوريا (قبل محاولة الانقلاب الفاشلة على نظام أردوغان) ثم الحماس التركي الزائد لـ”وضع رِجل” تركيا على الأراضي السورية بحجة محاربة داعش، في حين أن تركيا كانت من كبار صانعي داعش.

الدول النفطية الخليجية تريد ان “تمسك” المنطقة
ج ـ وعلى هذا الاساس نفهم الحماس الخليجي المفرط، وخصوصاً السعودي والقطري، للمعركة ضد سوريا. كما نفهم الاهتمام الخليجي و”الحزب الخليجي” اللبناني، بلبنان والشواطئ اللبنانية، من فندق الموفامبيك الى شركة السوليدير وإلى وضع اليد على الأملاك البحرية والى كل “جبهة 14 اذار”، والتحامها العضوي بما يسمى “الجيش السوري الحر”، ومن خلفه بـ”داعش” و”النصرة” واخواتهما.

الوجود العسكري الروسي “يقلب اللعبة”
د ـ في حال بدأ استخراج النفط والغاز في هذه المنطقة، فإن كونسرسيوم النفط العالمي بقيادة أميركا سيقع في مأزق كبير لا يمكن التنبؤ بمخارجه.

وذلك بسبب الوجود العسكري الروسي، ووجود “حزب الله” وصواريخه الموجهة الى اسرائيل، في المنطقة النفطية ـ الغازوية الجديدة، بالإضافة الى وجود إيران في الخليج وإمكانياتها لاغلاق مضيق هرمز ـ الممر النفطي الرئيس لنفط الخليج.

ما يفسر لنا أيضا الحماس السعودي والخليجي المفرط في العدوان على الشعب اليمني المظلوم للتحكم بباب المندب، كممر رئيس أيضا لنفط الخليج.

اي أن سوق النفط والغاز العالمي لن تتحكم به القوات والاساطيل الاميركية والأطلسية والإسرائيلية، وحدها، بل سيصبح برمته تحت رحمة صاروخ جوابي تطلقه إيران أو حزب الله، أو صفارة انذار تطلقها بارجة حربية روسية ويتردد صداها في واشنطن وجميع العواصم الأوروبية والخليجية ناهيك عن تل ابيب وأنقرة.

الحضور الروسي
هـ ـ ان احتمالات (التي تحولت الى استحالة) خروج روسيا من شرقي البحر الابيض المتوسط، كان من شأنها ان تضع جميع شعوب هذه المنطقة بشكل كاسح ومأسوي تحت رحمة “إسرائيل” والحلف الاطلسي وأميركا، بكل الابعاد العسكرية والاقتصادية والسياسية والانسانية. وكنتيجة منطقية كانت أيضا ستضع طبعا هذه الشعوب تحت “رحمة” جزاري الحركات التكفيرية المرتبطة بالمخابرات الاميركية والاسرائيلية والتركية.
و ـ إن روسيا هي “لاعب رئيس” في سوق الطاقة العالمي، إذ أنها منتج رئيس ومصدر رئيس للنفط والغاز عالمياً ومزوّد رئيس لاوروبا بالنفط والغاز.

والوجود العسكري الروسي في شرقي البحر الأبيض المتوسط هو ضرورة روسية، مثلما هو ضرورة لشعوب المنطقة. ومن الصعب “إقناع” روسيا بالخروج من المنطقة بفعل بعض المناورات العسكرية المشتركة الأميركية ـ الإسرائيلية، أو بضعة صواريخ باتريوت أميركية على الأراضي التركية، أو قليل أو كثير من “النباح الديمقراطي!” في أجهزة “البروباغندا” الأميركية و”النفطوعربية”، واستلحاقاً: اللبنانية.

استنتاجات استراتيجية رئيسة
مما تقدم نستنتج ما يلي:
أ ـ ان روسيا بقيادة تيار بوتين عادت بقوة لتضطلع بدورها في دعم كفاح الشعوب العربية والاسلامية والشرقية لاجل التحرر من الهيمنة الامبريالية.
ب ـ لقد أثبتت التجربة الميدانية بالذات الثبات الراسخ للمحور التحرري الذي يجمع روسيا وايران والقوى التحررية في العراق وسوريا وحزب الله، وذلك رغم الاختلافات الدينية والايديولوجية والسياسية والعسكرية التاكتيكية.
ج ـ لقد فقدت تركيا دورها الاستراتيجي ككلب حراسة ناتوي بوجه روسيا وايران والبلدان العربية. وفقدت “اسرائيل” دورها ككلب حراسة لممرات النفط الدولية.
د ـ لقد خسرت الكتلة الغربية معركة سوريا. وهذا يشكل نقطة بداية لقلب الاوضاع تماما في منطقة الشرق الاوسط كلها.
المصدر// العهد