2024-11-28 05:37 م

أبرز مؤشرات إنتهاء الأزمة السورية... "المعارضة" تفاوض و"أمريكا" تخسر أوراقها

2017-01-03
كتب الدكتور خيام الزعبي
تستعد أطراف الأزمة السورية لمفاوضات السلام في العاصمة الكازاخستانية "استانا" المحدد لها منتصف الشهر الحالي بعدة تحركات، وتغييرات لها دلالاتها على الساحة السورية، سنحاول من خلال هذا المقال الربط بين الأحداث المختلفة لنتتبع من خلالها ما نعتقده ظهور بوادر تدل على قرب انفراج في الأزمة السورية الراهنة، وتتمثل تلك البوادر في السعي الحثيث الذي تبديه أطراف خارجية وداخلية للذهاب بالأزمة السورية تجاه خيارات الحل السلمي وإيقاف الحرب الدائرة هناك، ويمكن ترتيب تلك البوادر على النحو التالي: أولاً: المبادرة الروسية القاضية باجراء محادثات سلام سورية- سورية برعاية روسيا وايران وتركيا على ان تتم توجيه الدعوة لهذه المحادثات الى وفد الجمهورية العربية السورية وممثلين عن المعارضة السورية وبعض الفصائل المسلحة التي تميل الى السلام ووضع نقطة نهاية للحرب على سورية وتم إختيار العاصمة "استانا" لتكون مقراً لهذه المحادثات، ولعل هذا الأمر لها دلالات خطيرة تنبأ بتحولات تاريخية في عملية انفصال الشرق عن الغرب واتخاذ مكان له عوضاً عن جنيف الغرب، وإتخاذ الاستانة جنيفاً للشرق. ثانياً: تصريحات الخارجية التركية بأن تركيا مستعدة للعب دور فعال لإيقاف الحرب والخروج من الأزمة السورية، وتتمثل أهمية تلك التصريحات كونها تأتي إثر زيارة قام بها وزير الخارجية التركي لروسيا، مع ما سبقها من لقاء بين الرئيس التركي أردوغان والرئيس الروسي بوتين، ولا يخفي بأن تركيا باتت مؤهلة في اللحظة الراهنة للعب الدور الهام بحكم علاقتها مع المعارضة المسلحة في سورية.، فضلاً عن التقارب التركي العراقي ولاسيما بعد إتصال أردوغان بالرئيس الحكومة العراقية العبادي. ثالثاً: الإستدراة التركية التي تعتبر من أهم العلامات على قرب انتهاء الأزمة السورية, فتركيا, التي كان لها التأثير السلبي الأكبر في الحرب على سورية نظراً لتوفيرها الدعم اللوجستي والسياسي للتنظيمات الإسلامية المسلحة التي تقاتل في سورية, إذ صرحت أكثر من مرة أنها ستلعب دوراً فعالاً في المسألة السورية، وأنها حريصة على وحدة سورية أرضاً وشعباً، عندما أصبحت أكثر قبولاً بالقانون الدولي عبر ما صرح به كبار القادة الأتراك في الإلتزام بمقررات مجلس الأمن الخاصة بالأزمة السورية. رابعاُ: كسر شوكة المعارضة المسلحة باسترجاع حلب وتشتيت قواها فضلا عن حصرها في مناطق معينة، وانهيار معنوياتها وزيادة خلافاتها وانقساماتها، إضافةً إلى تراجع عزيمة المسلحين وضعف قدرتهم على مواصلة القتال انطلاقاً من أن أملهم في تحقيق المكاسب الميدانية قد تلاشى وأنه لن يكون بمقدورهم الصمود أمام هجمات الجيش السوري وحلفائه، وتراجع قدرة الدول الداعمة لهم على مواصلة دعمها. خامساً: بعدما كان الغرب يعتقد بأنه يلعب في مسرح بعيداً عنه ويعبث في مقدرات الدول ومستقبلها ظناً منه أن النيران التي اشتعلت في منطقتنا العربية ولاسيما في سورية لن يصل لهيبها إليه، لكنه تلقى الصدمة تلو الآخرى التي اقضت مضاجعه، بعمليات إرهابية لم تعرفها البلدان الغربية من قبل، وهنا بدأ الغرب يفكر بطريقة أكثر عقلانية وبعيدة عن العبثية، بأن العالم أصبح قرية صغيرة وأي حريق في هذه القرية سيصيب الجميع، ولاسيما بعدما امتلكت المجموعات الإرهابية أدوات تقنية متطورة وخطط أمنية تضاهي في بعض الأحيان أرقى الأجهزة الأمنية العالمية، وبناءً على ذلك يمكننا القول: أن الغرب سينخرط بشكل جدي في القضاء على الإرهاب في منطقتنا والإسهام في عملية استقرارها، وسيتخلى عن عنجهيته التي مارسها علينا لعقود عدة مضت، وسيؤمن بمبدأ الشراكة وتقاسم المصالح المشتركة مع دول المنطقة ولا سيما الدول المتموضعة على شرق المتوسط، وبأن أمنه الإستراتيجي مرتبط بشكل مياشر وغير مباشر بإستقرار تلك المنطقة.. سادساً: على الرغم من إقترح مؤتمر الأستانة وراعاه هم الروس إلا انهم لم يمارسوا الدور الذي كانت تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية في إقصاء وتهميش بعض الأطراف ذات الصلة بالأزمة السورية، وذلك بمبادرة الروس الى دعوة جميع الأطراف الى الإنضمام لهذا المؤتمر، فعلى سبيل المثال وجه الروس دعوة الى مصر والسعودية و قطر للإنضمام الى جهود السلام لحل الازمة السورية، وإنطلاقاً من ذلك أتوقع أن تدعو موسكو أطراف أخرى مثل الجزائر وبهذه الرؤية يمكن للروس أن يحققوا تسوية سلمية مستدامة للأزمة، يكون فيها جميع الأطراف رابحة. في سياق متصل أصبح هناك توافق روسي إقليمي حول الحل في سورية، ويمكن إيجازه بمسألتين أساسيتين، أولهما، فقد إنتهى الرهان على الحل العسكري وبدأ الرهان على الحل السياسي، وأن مصير سورية ومستقبلها يظل بيد السوريين حتى يتجاوزوا محنتهم وأزمتهم القائمة، على افتراض أن هناك أناس عقلاء في كل أطراف الأزمة يتابعون تطورات المشهد داخلياً وخارجياً في سورية. مجملاً.....إن كل هذه العوامل والمعطيات تمهد الطريق أمام إنهاء الأزمة السورية، في إطار ذلك أعتقد المراقبون للأحداث في الوقت الحاضر إن الأزمة السورية بدأت تأخذ طريقها إلى الحل ونعتقد أنها بداية النهاية لحل عقدة الشرق الأوسط في التخلص من الإرهاب والعودة الى الإستقرار في منظومة الدول التي عبثت بها الأيدي الخارجية والقضاء على أدواتهم التخريبية التي أضرت بمصالحهم خاصة مع تمدد التنظيمات الإرهابية والتكفيرية فى الأراضى السورية وتحولها إلى مصدر تهديد لمنطقة الشرق الأوسط والعالم بأكمله، وبإختصار شديد يمكن القول أن اللعبة إنتهت بالنسبة لأدوات أمريكا في المنطقة بعد أن قرر الروس مع حلفاؤهم قلب الطاولة على الجميع في المنطقة، ولم يعد بإستطاعة أحد تحدي روسيا التي جاءت بكل ثقلها لضرب الإرهاب والدفاع عن سورية موحدة، وأختم هذا المقال بالتساؤل،هل ستكون محادثات استانا تحقيقاً لأمال الشعب السوري بوقف الحرب المعلنة عليه او سيحاول الغرب واذياله جعلها محطة على طريق تنفيذ أهدافه ؟
khaym1979@yahoo.com