2024-11-28 02:52 م

أبعاد وخفايا المقترح الذي طرحه أبو مرزوق حول الفيدرالية؟!

2017-01-02
القدس/المنـار/ ما قاله القيادي المعروف في حركة حماس موسى أبو مرزوق عن اقامة فيدرالية، ليس غريبا، ولا يمكن أن يكون مفاجئا لمن يتابعون مواقف وسياسات وتحركات قيادات الحركة، واصطفافها وتمحورها وانزلاقها الى دائرة التحالفات التي تبنى في المنطقة، وما تشهده هذه التحالفات من تغييرات من حين الى آخر.
وحديث أبو مرزوق عن الفيدرالية، يؤكد أن ما ذهبت اليه (المنـار) في متابعتها لما ترمي اليه حركة حماس من خلال تحركاتها، وما تقوم به قياداتها من زيارات لهذه الدولة أو تلك، فالحركة هي فرع من فروع جماعة الاخوان المسلمين، تلتزم بما تتخذه من قرار ومواقف، ولم تستطع الابتعاد عن هذا الارتباط أو انها لم تحاول ولم ترغب نظرا لخصوصية القضية الفلسطينية، حيث تعتبر حماس حركة مقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، وبالتالي، استمرت تحت خيمة الجماعة، ومجموعات منها قاتلت الجيش السوري وساعدت العصابات الارهابية في حفر الانفاق، واختارت قيادة الحركة الدوحة عاصمة مشيخة قطر مقرا لها، ووجدت نفسها جزءا من المحور التركي الاخواني، تتبع تعليماته، وتساند خطواته، وتدافع عن سياساته، وجماعة الاخوان المسلمين التي سقط برنامجها على أرض الكنانة، بعد تسلمها الحكم في مصر لمدة عام، وجدت نفسها تجر اذيال الخيبة والفشل والمرارة، فما وعدتها به أمريكا لم يتحقق، وهو تولي الحكم في عدد من بلدان عربية، مقابل مشاركتها في تنفيذ ما طلبت واشنطن تحقيقه في الساحة العربية تحت غطاء المؤامرة المسماة بالربيع العربي، وأطلقت واشنطن على الجماعة ما اسمته متزعمة الاسلام السياسي المعتدل، وهي غطاء لم ينجح في اخفاء دموية الجماعة واستخدامها العنف لتحقيق أغراضها وبرامجها، ملتزمة بقاعدة الغاية تبرر الوسيلة.
وجماعة الاخوان بعد أن هزمت في مصر، لم تجد أمامها الا التشبث بحكم قطاع غزة حيث تسيطر حركة حماس على بقعة تعلن فيها دولتها، منتظرة توسيع مساحتها نحو الضفة الغربية، وهذا أحد تفسيرات مماطلة حماس في تحقيق المصالحة، والسير حتى منتصف الطريق للتلاقي مع حركة فتح، وانهاء الانقسام.
وانخراط حماس في الحلف التركي والقطري كفرع من جماعة الاخوان المسلمين التي باتت تقاد من الدوحة وأنقرة، وموافقة الحركة على أن تكون العاصمتان وسيطا ومتحدثا باسم حماس في اتصالات ما تزال مستمرة مع اسرائيل، اتضح أن تركيا ومشيخة قطر، تسعيان لاقامة الدولة الفلسطينية في قطاع غزة، واسرائيل بطبيعة الحال معنية بذلك، وكان طرح مقترح الهدنة طويلة الامد بين حماس وتل أبيب، واقامة مطار وميناء وتقديم تسهيلات، يندرج في اطار المخطط الذي يسعى اليه الوسيطان، الذي توافق عليه حركة حماس، ويبدو أن التوصل الى هذا الاتفاق قد وصل مرحلة متقدمة، وعلى خلفية ذلك، جاءت تصريحات موسى أبو مرزوق على شكل مقترح تحت اسم الفيدرالية، وذلك تعزيزا لما يجري التنسيق بشأنه والترتيب له بين اسرائيل وكل من تركيا ومشيخة قطر، فهما المتحدثان باسم جماعة الاخوان المسلمين وحماس فرع منها.
فأهداف ما طرحه أبو مرزوق واضحة تماما، ومن أبرزها التسويق لاتفاق اسرائيلي حمساوي قادم، بجهد تركي قطري، ويحظى بدعم جماعة الاخوان المسلمين، يقوم على اقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة فقط، وهذا ما نادت به بعض الدول وتباركه أخرى.
لكن، الخطورة في مقترح موسى أبو مرزوق، هو أن الفيدرالية الذي دعا الى تطبيقها من شأنه أن يبقى على حالة الانقسام وتعميقه، ويشطب كل الجهود والرغبات لاستئناف الحوار الخاص بالمصالة، وبالتالي، لا داعي للبحث عن عاصمة تستضيفه، و "المقترح المرزوقي" يتجاوز أي حوار، ويبقي على كل ما ترتب على الانقلاب الحمساوي في غزة.
ومن هنا، فان الثقة المطلقة للقيادة الفلسطينية بأنقرة الدوحة، ليست في محلها، فالعاصمتان مع ما طرحه موسى أبو مرزوق، وهما، تمهدان الطريق لزحف حمساوي نحو الضفة للسيطرة على الحكم فيها، بهذا الشكل أو ذاك، وقد تسبق ذلك، بعض الاحداث التي يمكن وصفها بالعنيفة، تراها جهات عديدة ضرورية لقلب المشهد السياسي الفلسطيني، وعودة الى جهود تركيا ومشيخة قطر لفتح أبواب الاتصال والتنسيق بين حماس وغزة، فان نجاح مشروعهما، من شأنه فتح أبواب التطبيع بين العرب واسرائيل، ويقضي على أية امال لاقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع، ويمنح اسرائيل والعديد من الدول ورقة لوأد مشروع الدولتين، واقامة الدولة الفلسطينية في قطاع غزة، لتبقى الضفة الغربية، نهبا للاستيطان الاسرائيلي وتحويلها الى مجرد جزر متناثرة، لكل جزيرة حاكمها أو رئيس بلديتها وميليشياتها.
ان الرد على مقترح موسى أبو مرزوق، والعمل على اجهاض المشروع الاخواني الذي بلورته قطر وتركيا، هو بتلاقي فصائل منظمة التحرير للاتفاق على اليه واضحة للتصدي لهذا المقترح الذي يضرب الساحة الفلسطينية، ويعمق التقسيم فيها، وليس عفويا أن يطرح أبو مرزوق مقترحة في هذا التوقيت بالذات حيث يعلن قادة اسرائيل على الملأ محاربة كل الدعوات لاقامة دولة فلسطينية، تضم الضفة الغربية وقطاع غزة، كذلك، المقترح ذاته، لا يمثل وجهة نظر أبو مرزوق الشخصية ويعبر عنها، وانما هو باتفاق مع قيادة حماس المرتبطة بقيادة التنظيم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين.
ما طرحه أبو مرزوق هو خطير للغاية، وبالتالي، لا بد من تحرك قيادي فلسطيني عاجل، تحرك ترافقه ماكنة اعلامية ذات خبرة وكفاءة عالية، كما لا بد من التعجيل في عقد جلسة للمجلس المركزي، وأخرى للمجلس الوطني، مع وحدة موقف تجمع كافة الفصائل الفلسطينية لمواجهة التطور الجديد، وفيه من السلبيات الكثير في مقدمتها ضرب المشروع الوطني، ودعم الدعوات الرافضة لحل الدولتين.