نارام سرجون
هل لأحد ان يقول لنا الفرق بين أبو النمر الرجل المجنون الذي ربط احزمة ناسفة حول خصر ابنته فاطمة وبين والد بانا غسان العابد الذي ربط أحزمة ناسفة حول خصر ابنته بانا وزج باسمها وصورها في الحرب وكانها انتحارية .. العالم كله لم يقدر على ابتلاع عملية تفجير الطفلة فاطمة التي أرسلها والدها لتنفيذ عملية انتحارية في قسم شرطة الميدان في دمشق حيث نسفها بجهاز تحكم عن بعد .. ولاحظنا أن العمل الحقير لم يحظ بأي اهتمام في العالم ولاادانة ولم تبك عليه المذيعات البريطانيات والامريكيات كما ذرفن الدموع على الطفل عمران في الكرسي .. وتناثرت اشلاء فاطمة واسمها وضاع دمها بين قبائل الاعلام النفطي والغربي .. الا أن الزج بطريقة وحشية باسم طفلة اسمها بانا عمرها 7 سنوات في غمار الحرب الاعلامية عومل بطريقة مختلفة حيث تحولت الطفلة الى ايقونة واسطورة وبوركت الطفلة التي تخوض حربا وتحولت الى مالئة الدنيا وشاغلة الناس حتى أن الخليفة اردوغان استقبلها وقبلها رغم ان عملية دفعها الى خوض الحرب والجهاد لاتختلف عن عملية دفع طفلة الى الانتحار بحزام ناسف وهي تؤدي فريضة الجهاد لأن بانا في نظر معجبيها والطبقة الاسلامية الجهادية هي مجاهدة أيضا حتى وان كانت تضلل الرأي العام وتتلقى توجيهات في امتهان الكذب .. ولكن الى حين .. لأن العالم لايسكنه فقط الأغبياء الاسلاميون والعثمانيون وعملاء المخابرات الغربية الذين يعتقدون أنهم يمكن ان يكذبوا الى مالانهاية بل هناك متابعون لاتنطلي عليهم هذه الحيل الخبيثة وقد بدأ تحالف قوى مدنية غربية مثل (ارفعوا ايديكم عن سورية) وتحالف (أوقفوا الحرب) في تفكيك هذه الأساطير السخيفة .. وقد بدأت المقالات التحليلية تسخر من بانا وتنظر بعين الاحتقار الى هذه العائلة التي تزج بطفلتها لتتجند وتصبح اصغر عميلة مخابرات في العالم رغما عنها وهي تعكس ثقافة منحطة تبيع الأطفال اما للعمليات الانتحارية أو لجهاد استر أو لجهاد النكاح أو الى جهاز مخابرات غربي يشن حربا بطفلة .. وكما فعل أبو النمر مع ابنته التي أرغمها على الانخراط في المشروع الجهادي كانتحارية فان غسان العابد وزوجته قدما ابنتهما كأول طفلة عميلة لجهاز المخابرات البريطاني .. على طبق من جهاد ..
احدى المقالات التي نشرتها باربارا ماكينزي هي مقالة تحليلية طويلة (بعنوان: تفكيك بانا العابد) تشرح بالتفصيل الثغرات الكبرى في قصة بانا العابد بل وكيف أن محاولات التغطية على الكذبة السخيفة هي اكثر سخافة .. فهي تقول بأن الطفلة التي يفترض أنها ناطقة بالعربية كتبت عبارات تغريد خالية من اي خطأ لغوي رغم أنها بلغة ليست لغتها .. بل وكانت الفواصل وعلامات الترقيم موضوعة كأنها لكاتب انكليزي .. كما أن عبارات الطفلة كانت لاتتناسب مع عمر طفلة عمرها 7 سنوات تكتب بلغة عالية المستوى التي لايمكن أن يكتبها حتى كبار لاتكون الانكليزية لغتهم الأم بكل تعابيرها الدقيقة ودقة منظومة الكلمات المثقفة .. وعندما أثير هذا السؤال سارع المنافحون عن الطفلة العبقرية للادعاء أنها ابنة سيدة سورية اسمها مرام (تكتب باسم فاطمة) وهي تتلقى دروسا باللغة الانكليزية .. وارسل أحد المتحمسين الجهابذة - واسمه عبدالكافي حمدو ردا قال فيه انه أستاذ الأم مرام في اللغة الانكليزية - وأرافق الرد بصورة الشهادة التي تثبت التحاق الأم بدروة للغة الانكليزية تحت اشرافه .. وهنا أيضا تعالت ضحكات المتابعين لأن المستوى الذي أشارت اليه الشهادة هو في المرحلة الأولى من بين أربعة مراحل .. اضافة الى ذلك فان الأم مرام (أو فاطمة) في كتاباتها وكلامها المنشور باللغة الانكليزية على الفيديو زاخر بأخطاء لغوية لاتعد ولاتحصى .. بل ان الشهادة التي أرفقها تشير الى قدرات مرام بأنها صارت تعرف الكتابة وتعرف متى تستعمل الحروف الكبيرة .. وعلامات التنقيط .. ولايتوقع من هذا المستوى أن تصبح كاتبة ..
ولكن الفضيحة التي جعلت الضحك لايتوقف هو أن تحليل مايكتبه الأستاذ عبدالكافي حمدو على تويتر باللغة الانكليزية زاخر بكثير من الأخطاء التي لاتعد ولاتحصى وهذا لاينسجم مع مستوى طالبته (مرام) التي تكتب أفضل منه بعشرات المرات رغم أنه بحسب الشهادة التي بعث بها فانها حضرت 13 درسا فقط .. 13 درسا جعلتها تبز استاذها وتصبح انكليزية تتكلم مثل الملكة اليزابيث !!!
البحث لم يتوقف هنا بل انتبه الذين يتابعون هذه اللعبة الدعائية لظاهرة بانا أن الطفلة تكتب ماينسجم مع تعليقات القادة العسكريين الكبار في حلف الناتو .. فمثلا دعت احدى تغريدات بانا الى البدء بحرب عالمية ثالثة بدلا من ترك الأسد وروسيا .. ولكن المراقبين لتغريدات بانا لاحظوا أن هذه التغريدة جاءت بعد اسبوع واحد من تصريح للجنرال دنفورد يقول فيه: ان القبول بفرض منطقة حظر جوي يتطلب الذهاب الى حرب مع روسيا .. !! وهذا يدل على أن من يكتب التغريدات شخصية بريطانية مختصة بالدعاية ويتابع التوتر الروسي الأميريكي ويعزف على نفس الأوتار وفق منهج واضح بالتنسيق مع القيادة العسكرية .. ومايزيد الشكوك هو أنه في احدى المرات عندما عرض على بانا ان يتم اخلاؤها من قبل شخص يدعى م. الاشقر فانه كتب عرضه باللغة العربية وكان من المفترض أن بانا وأمها ان تردا عليه بالعربية .. ولكن من الواضح ان من يرد لم يكن يعرف العربية أو على الأقل يعرف مايكفي فقط للتواصل وترجم له احدهم التغريدة ورد هو باللغة الانكليزية التي يجيدها اكثر من العربية ..
وبعد نشر عدد من السقطات والعثرات في تغريدات بانا وأمها وابيها (المقاتل في جبهة النصرة) .. تكشف المقالة عن سر بانا الخفي .. وتقول ان بانا كانت جزءا من حملة اعلامية عالمية لتشريع اتخاذ قرار وعمل عسكري في سورية وكانت جزءا من حملة (لنقف مع حلب) التي أطلقتها امرأتان أميريكيتان من حملة أمهات شيكاغو (الأولى بيكي كارول وهي مديرة حملة اوباما النسائية في انتخابات عام 2008 .. والثانية ويندي ويدوم مديرة الاعلام في محطة سي بي اس الثانية ..) وقد تلقى مشروع بانا تغطية وافية من وسائل الاعلام البريطانية بشكل لافت للنظر ..
وتضيف مقالة ماكينزي بأنه كما هو معلوم فان البريطانيين قدموا 100 مليون جنيه كمساعدات "لاانسانية" الى الحرب في سورية خصص منها 15 مليون للخوذ البيضاء التي هي أحد الأذرع الاعلامية لجبهة النصرة .. ومن هذا المبلغ اقتطع 5.3 مليون جنيه لدعم الناشطين في الميدان الاعلامي ووسائل التواصل الاجتماعي (مثل بانا وأخواتها).. وتظهر وثيقة أخرى أن هذا المبلغ خصص لدعم 300 ناشط وصحفي سوري لانشاء اعلام سوري مستقل !! .. وهذا يؤكد ماكنا نشير اليه من أن كثيرا من المواقع والناشطين على الفيسبوك وتويتر ويحرضون مذهبيا انما عملون باسماء وهمية لحساب وظائف تتقاضى راتبا من المخابرات الغربية .. وكلما كان له متابعون وزاد من حجم السعير المذهبي واستدرج الكثيرين اليه بين مؤيد ورافض نال مكافآت وعلاوات ..
وقد نشرت صحيفة الغارديان التي تورطت مثل غيرها في الحرب الاعلامية والترويج للنشطاء هذه العقيدة الجديدة في دعم الجهد الاعلامي كوسيلة فعالة جدا في الصراعات الحديثة .. ويشير التقرير في الغارديان الى أن المكتب الصحفي للجيش السوري الحر تشرف عليه الحكومة البريطانية مباشرة ..
ولكن في عام 2015 فقد تقرر رفع هذه الكتيبة المقاتلة من المغردين والفيسبوكيين الى 1500 من الذين كان عليهم أن يشنوا هجمات على الحقائق ويقودون الرأي العام من خلف الستار كوظيفة من وظائف الاستخبارات.. كما هي ظاهرة بانا التي كانت موجهة للجمهور البريطاني والناطق بالانكليزية ضمن حركة اسست في شيكاغو من خبراء اعلام وأعضاء في نخب سياسية من ادارة أوباما .. وهذا يفسر أن بانا قد بيع اسمها وصورتها من قبل أبويها مقابل حفنة من الجنيهات الاسترلينية .. وربما بتسهيل من الفتاوى التي بشرتهما ان ابنتهما صارت مجاهدة وستتناول العشاء مع النبي وزوجته ..
باختصار فان بانا طفلة بريئة ليس لها في العير أو في النفير .. ولكنها حمّلت حزاما ناسفا على تويتر من قبل والديها ونسفت طفولتها وبراءتها في حرب .. وتحولت الى مجاهدة أيضا مثل فاطمة بنت (ابو النمر) ولكن ضمن كتيبة التويتر الانتحارية وقدرها أن تكون أصغر عميلة لجهاز المخابرات البريطاني وقد جندها والداها رغم ان منظمات الطفولة والامومة والامم المتحدة لاتكل ولاتمل وهي تحذر من الزج بالأطفال في النزاعات الدولية وتحذر من أن أطفال سورية بتعرضون لشتى انواع الاستغلال في هذه الحرب .. ولكن من سيرد على الطفولة والامومة؟؟ جهاز المخابرات البريطاني أم الأمريكي أم الفرنسي؟؟ الا اذا كنتم تعتقدون أن جهاز المخابرات التركي والموساد وبندر بن سلطان سيستحون من هذه الفضيحة .. أو كنتم تظنون أن اتحاد علماء المسلمين أو امام الحرم المكي سيصاب واحدهما بالهلع من هذه الكارثة ..
وهل ستكترث الأمم المتحدة لهذا الخرق الفاضح في مبادئها؟؟ .. بل انني لن استغرب أن يتم استقبال بانا وعائلتها في الأمم المتحدة كسفيرة للطفولة التي نجت من المجازر في استمرار للدعاية الحقيرة الغربية التي تعامل الشعوب الغربية باستخفاف ايضا وهي تدافع عن الطفولة ولكنها تزج بطفلة في لعبة مخابرات دنيئة لاتمانع أن تنسفها ايضا في عملية أخرى مع عائلتها اذا تبين ان هناك خطرا من كشف الأسرار القابعة وراء العائلة التي تبيع طفلتها مقابل حفنة من الدولارات أو حفنة من الفتاوى الشرعية القادمة من بطن محمد بن عبد الوهاب ..