حلب التي أرادتها واشنطن وشركاءها الأوروبيين وبعض الدول الإقليمية المؤثّرة في الأزمة السورية بوابة لإعادة السيطرة على المنطقة، بعد سنوات من الحرب، لم تسقط ولم تتحقق أي من النتائج التي إنطلقت من أجلها هذه الحرب، بل تحررت بعدما حقق الجيش السوري وحلفاؤه في الميدان الحلبي إنجازات كبيرة ستوفر مناخاً مناسباً مهماً في المجرى العسكري للمعارك المتبقية على جبهات أخرى من سورية، مما يعني بالنتيجة أن تحرير حلب يعد نقطة مفصلية ستغير وجه المعركة في مختلف أنحاء سورية وموازين القوى إقليمياً ودولياً.
بعد أن قام الجيش السوري وحلفاؤه بتحرير حلب الإستراتيجية، من يد الجماعات المسلحة وأخواتها من القوى المتطرفة العابرة للقارات، فإن المسألة تحتاج إلى وقفة حقيقية للتخطيط لمرحلة تحقيق وتعزيز السلام والأمن والاستقرار لسورية، في هذا الإطار فإن خسارة الجماعات المسلحة وأعوانها حلب وإنتصار الجيش السوري وحلفاؤه يترتب عليه عدة تحولات إستراتيجية تعد بداية نهاية هذه الجماعات بكافة فئاتها، أهم هذه التحولات، إرتفاع معنويات الجيش العربي السوري على الصعيد العسكري، وحماية مدن الغرب السوري الكبيرة هي "دمشق، وحلب، وحمص وحماه" التى باتت كلها تقريباً بإستثناء جيوب صغيرة فى ريف حلب وريف حماة تحت سيطرة الجيش السوري، بالإضافة الى قطع خطوط الإمداد الرئيسية للتنظيمات المتطرفة وأخواتها التي كانت تأتي من تركيا إلى حلب، هذا يعني فقدانها لخلفيّة الدعم اللوجستي الذي تتلقاه من تركيا، فضلاً عن تقليص كل أشكال الدعم السياسي والدبلوماسي والعسكري للتنظيمات المتطرفة من حلفائها الإقليمين والمحليين، فتركيا التي تعاني اليوم تباطؤاً إقتصادياً وأزمات داخلية، أصبحت تتراجع تدريجياً عن التدخل في الملف السوري بفعل تحسن العلاقات مع روسيا والروابط مع إيران، أما باقي القوى الإقليمية الداعمة للتنظيمات المسلحة فإنها بدأت حسابات معقدة حول مكاسب وخسائر إستراتيجيتها فى سورية، فمعظم هذه الدول تحاول اليوم وبشكل تدريجي إعادة تقييم إستراتيجيتها في سورية خاصة بعد تعقد أزمة اللاجئين الدولية وتزايد الهجمات الإرهابية التي ضربت معظم الدول الأوروبية من قبل داعش وأخواتها، لذلك فإن الرأي العام الأوروبي لا يدعم أي تورط عسكري غربي في سورية، بالمقابل يدعم التدخل الروسي في سورية لمحاربة الإرهاب بكافة مستوياته، وطرد داعش والقوى المتطرفة الأخرى منها.
في هذا السياق أن حسم معركة حلب رسخ معادلة الحلّ السياسي، وهذا الحسم أحرق الأوراق السياسية المتبقية للجماعات المسلحة وداعميها في الميدان بعد طردها الى إدلب والمناطق الأخرى، بذلك أدركت أمريكا وحلفاؤها أنهم اليوم أقرب إلى إعلان الهزيمة في الملف السوري من أي وقت سبق، فالغطاء الجوي الروسي والخبرات الروسية، صبت في صالح الجيش السوري الذي أثبت بأنه عصي على الإنهيار والإنكسار، بالتالي إن عجزها في هزيمة الجيش السوري، وإحتلال حلب وعدم كسر محور سورية - روسيا، الذي يتضح الآن إنه زاد من قوته جعل رهان أمريكا وحلفاؤها على هذه الجماعات المتطرفة خاسر وفاشل في تحقيق أهدافها في سورية والمنطقة بأكملها.
مجملاً.... ستستمر الضغوطات الإعلامية والسياسية الغربية مع كل تقدم يحرزه الجيش السوري وحلفاؤه ضد تنظيم داعش وأخواته في سورية، إن إبقاء سورية رهينة للمؤامرات الدولية والإقليمية، يفرض عدم تحررها من المجموعات المسلحة، لذلك إن الحرب في سورية لم تنته بعد تحرير حلب، فهناك معارك مرتقبة فى إدلب والرقة ودير الزور، فالتحضيرات التي تقوم بها قوات الجيش السوري تشير إلى قرب عملية إستعادة السيطرة على جميع هذه المناطق، وبإختصار شديد يمكنني القول إن سورية على موعد مع النصر ولا يفصلها سوى خطوات قليلة لتحرير كامل سورية من براثن الإرهاب والتطرف وكف يد العابثين بأمن الدولة السورية واستقرارها.
Khaym1979@yahoo.com