2024-11-28 10:26 م

حلب تنفض أربعٍ عجاف.. المطلوب ليغدو التحرير كامل الأوصاف

2016-12-15
كتب الدكتور محمد بكر 
نفضت حلب الشهباء عن كاهلها غبار وويلات وسوءات أربع سنواتٍ عجاف عاصرنا بعضها وعاينا حجم المآسي التي كابدها أهلنا في حلب خلال فترة دراستنا للدكتوراه في جامعتها العريقة، وبعيداً عن العاطفة وتفطر القلوب لرؤية دماء الأبرياء وأرواح المدنيين والشباب الذين غاروا مبكراً، ففي لعبة السياسة وتلافيف الحرب لايمكن أن ينطلق الشخص في تحليله على قاعدة العاطفة وعليه وانطلاقاً من ميزان السياسة والصراع الدولي الحاد في تلك المدينة، فإن استعادة الجيش العربي السوري لمدينة حلب يعد حصاداً نوعياً مضاعف النقاط، وبداية تحول مفصلي في مجريات الحرب السورية، وفصلاً من فصول التشوه الذي طفح به السلوك الثوري للمعارضة، الذي انحرف كثيراً عن المسارات الثورية، فغدت المعارضة معارضات، والقيادة قيادات، وتعددت الرؤوس، واختلف ولاؤها لقوى اقليمية كانت تتنازع وتتسابق على قيادة الملف السوري، وأخرى تموضعت بقوة في المشهد السوري تحقيقاً لغايات والتماساً لعودة الأمجاد. في نظرة معمقة لأداء المعارضة السورية خلال سنوات الحرب وجملة الأخطاء الاستراتيجية التي وقعت فيها لجهة بناء التحالفات، ودراسة طبيعة وتاريخ وماهية التجارب الثورية، وغياب المرجعية القيادية الموحدة والرأس الأوحد المدبر، والأهم التقديم المثالي للقاعدة الشعبية على أنها الأكفأ والبديل المثالي، والمطبق الحقيقي لشعارات الحرية والديمقراطية، كل ذلك فشلت في تحقيقه المعارضة السورية فشلاً ذريعاً، على عكس الأسد المتفوق والأكثر دراية في لعبة تصنيع الاحلاف وصياغة المقعد الوازن في المنظومة الاقليمية والدولية. إن كان ماحدث في حلب تحريراً من الارهاب وليس سقوطاً كما قال الدكتور الجعفري في مجلس الأمن، فإنه ثمه مايجب أن يُعمل خلال الفترة القادمة لتكريس تبعات هذا التحرير على نحو إيجابي، ولكي يغدوا كامل الأوصاف على قاعدة العودة إلى كنف الوطن والدولة السورية وهذا يمكن تلخيصه في أربع نقاط رئيسة : - المباشرة في اعادة إعمار المدينة واتخاذ كافة السبل والوسائل لعودة أهالي حلب إلى أحيائهم ومدنهم وقراهم. - أن يتسامى القائمون فوق كل الجراح ومامضى من ويلات، وأن يرتفع منسوب الصفح والعفو لكل أبناء الوطن، وأن يكون الباب مفتوحاً لمن يود العودة ومراجعة الذات فالأم تستوعب جميع أبنائها وتغفر أخطاءهم وزلاتهم، وهذا أمر غاية في الأهمية لتجاوز الشرخ وترميم المكسور، والغاءً لروح الطائفية والمذهبي،ة فسورية لكل السوريين على اختلاف انتماءاتهم. - المحافظة على إبقاء العنصر السوري الصافي لمتابعة شؤون حلب وادارة المرحلة القادمة، ولاسيما التواجد العسكري، فإن كنا نعي وندرك أن ما جرى في حلب هو ساحة لكباش دولي وحلبة لكسر العظم، فإن ذلك يجب أن ينتهي مع كل عودة جغرافية للدولة السورية، فلا استعراض لقوى غير سورية، ولا تواجد إلا للقوات المسلحة العربية السورية أو لجانها وكتائبها المساندة لها خلال المعركة، مع إيماننا أنه يحق للدولة السورية مثلما يحق لغيرها في تلمس الدعم وصياغة التحالفات في حرب على هذا المستوى الإقليمي والدولي الذي استهدف سورية الدولة والشعب. - صياغة كل عوامل ومقومات الرد على أي اعتداء ولاسيما الاعتداء الاسرائيلي الأخير فكما تتكاثر الالتزمات لجهة حماية الداخل السوري، فثمة التزامات كبيرة واراضي سورية محتلة يجب الإيفاء بها ولاسيما عندما نقدم أنفسنا كحلقة رئيسة في عقد المقاومة والعقيدة القومية. مر على حلب الكثير من الويلات، من الرومان إلى البيزنطيين إلى الاحتلال العثماني مروراً بالانتداب الفرنسي والكل رحل وبقيت الشهباء وبقيت قلعتها وسيفها الحمداني حيث التراب لمن تجذر بذراته والقلعة لمن ارتدى الشموخ.
* كاتب صحفي وباحث فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com