2024-11-29 01:44 ص

رسائل اسرائيل الواهنة .. صراخ وسط ضجيج الاقليم؟!

2016-12-14
علي الحاج يوسف
دوّى صمت الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قوياً في دوائر القرار السياسي والعسكري في الكيان الإسرائيلي، وأَبلغُ من التصريح وحتى التلميح جاء الإعراض رداً يُفترض بالإسرائيلي، الذي خبِر السيد جيداً في قوله وفي صمته، أن يفهمه جيداً هذه المرة أيضاً، وهو كمن على رأسه طير سيبقى أسير الانتظار إلى أن يقرر السيد الرد قولاً أو فعلاً في الزمان والمكان والكيفية، مباشرة على الأصيل أو غير مباشرة على الوكيل وما أكثر الوكلاء والشركاء. ومن يشارك في رسم وتحديد مصير المنطقة لا تشغله مشاغبات على شكل غارات،" فالمنطقة دخلت في مرحلة جديدة، وهناك مشاريع على حافة الانهيار والهزيمة النهائية". أما المُلحّ في طلب الجواب فليبحث بين أحرف بيان حزب الله المقتضب في معرض نفيه ما لُفق إعلامياً عن تعهد لروسيا بعدم الرد، وبمعنى آخر فإن نفي التعهد بعدم الرد يُضيف الرد الى دفتر الحساب المفتوح.    
وقد يكون من في مطبخ السياسة الإسرائيلية توقّع من رسالتَي الصبورة والمزة استدراج التفاتة او انفعال وبالتالي إثارة صخب وضجة يُثبت فيها الإسرائيلي أنه موجود وأن بإمكانه التشويش والتخريب، لكن الغارات بدت فعلاً خُلبياً " فيشينغ" في ظل ما كان يحصل في حلب من تحولات استراتيجية لغير مصلحة حلفاء " إسرائيل" من دول وجماعات، ولولا تهليل جماعات المعارضة وتنسيقياتها وتناقلها مشاهد وميض بعيد في الليل السوري، لما سمع بالغارات الإسرائيلية البائسة سوى الإسرائيلي نفسه.

والإسرائيلي نفسه، عاد بماكينته الدعائية الى تجريب المُجرّب، وبدلاً عن ضائع في رسائل دمشق الليلية، تسلل خلف نحو من عشرة آلاف نقطة ملونة لا تُرى بالعين المجردة، وسوّق لها على أنها أهداف لحزب الله في جنوب لبنان. وفي الذاكرة القريبة قبل سنين قليلة تحضر محاولة مماثلة استخدمها الإسرائيلي بخريطة مشابهة عبر صحيفة أميركية سقطت كل أهدافها العسكرية واستهدافاتها النفسية عند أول صاروخ وصل إلى حيفا وما بعد بعد حيفا.

وإذا كان ما تعلنه "إسرائيل"، بخريطتها المزعومة لأنها تعرفه أو تزعم أنها تعرفه، فما لا يمكن لها أن تعلنه لأنها لا تعرفه هو مدى ما يعرفه حزب الله عنها وعن جبهتها الشمالية والداخلية من كريات إلى إيلات، وخطاب السيد نصر الله في يوم القدس الماضي على ذلك شهيد: " لا جديد في الكلام الاسرائيلي حول معرفته الكثير عن المقاومة، والمهم هو ما تعرفه المقاومة من معلومات والكم الهائل من نقاط ضعف وقوة العدو وكيفية إلحاق الهزيمة به".

خبط عشواء تبدو حال الكيان الإسرائيلي هذه الأيام، وأعلى ما في خيله إزاء تطورات المنطقة وتهاوي المشاريع الكبرى، أن يصرخ في خلاء المزة والصبورة أو يدّعي علماً بخارطة أهداف. وأهداف رسائله دعائية ردعية في حدها الأقصى، فلا جبهته الداخلية جاهزة، حسب مراقب الدولة عنده، لمئات آلاف الصواريخ وهي التي عجزت في مواجهة نيران الطبيعة، ولا أحد في العالم في وارد تغطية مغامراته. وإذا كانت السياسة الإمبريالية التوسعية الأميركية والغربية واقتصاديات السوق والعولمة تقتضي وجود منصة انطلاق متقدمة في منطقة الذهب الأسود، فإن غرضية وجود المعسكر الإسرائيلي في الشرق الأدنى تكاد تنتهي أو أن الإسرائيلي على الأقل بدأ يتحسس انتهاء وظيفته مع تقدم أصحاب القناعات الشوفينية الانكفائية في الغرب وفي الولايات المتحدة الأميركية تحديداً مع بدء عهد دونالد ترامب.

أما إذا كان الشغب الإسرائيلي على خط تحولات المنطقة المتسارعة هو لحجز مكان بين الكبار متى رست خرائط الصراع على قرار، فمن كيس حلفائه يُفترض به أن يأخذ، وحلفاؤه ليسوا في موقع من يعطي، ومنطق القول إنه لا يمكن القول إن إسرائيل نمر من ورق عمل فتكاً في عقول العرب ووعيهم، بل هي بأحسن الحالات ذئب لا قِبل له بالانقضاض منفرداً دون القطيع الغربي الذي إليه ينتمي، وحرب تموز ليست عن الذاكرة ببعيدة عندما وهنت "إسرائيل" في أيامها الأولى وأصرّت الولايات المتحدة على متابعتها لإنقاذ " سِقطِها" الهجين الشرق الأوسط الجديد، فهل يهرب كيان الاحتلال إلى الأمام بمغامرة يكاد يُجمع كل خبرائها على عدم جدواها وعلى عدم إمكانية تقدير عواقبها، أم تفعل كل ما بوسعها وهو رفع الصوت وإظهار أنيابها دون أن تجرؤ على ما هو أكثر من ذلك؟.
المصدر/ "العهد" الاخباري