2024-11-25 05:05 ص

حرب الأرحام.. المرأة الإسرائيلية وهستيريا الديمغرافيا

2016-12-04
أسيل جنيدي ، القدس
على مدار ستين عاما، ظلت المرأة الفلسطينية تتفوق على اليهودية في معدل الخصوبة، لتفيد معطيات جديدة نشرتها دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية مؤخرا بتساوي الطرفين عام 2015 بمعدل 3.13 أطفال لكل امرأة، ويرجع باحثون فلسطينيون ذلك لأسباب عديدة.
ومنذ عام 1955 بدأت إسرائيل بفحص عدد الولادات لكل من المرأة الفلسطينية واليهودية، وفي ذلك الوقت كانت الفلسطينيات تتفوقن على اليهوديات بعدد المواليد بأكثر من الضعف، إذ كانت الفلسطينية تنجب حينها 7.1 أطفال، في وقت كانت تنجب اليهودية 3.6 أطفال.
وفي عام 1975 انخفض معدل الخصوبة لدى الفلسطينية إلى 6.8 أطفال، وكذلك لدى اليهودية إلى 3.2 أطفال، وتوالى الانخفاض بعد عشرين عاما لكلتيهما، إذ وصل عدد مواليد الفلسطينية عام 1995 إلى 4.2 أطفال واليهودية إلى 2.6 طفل.
نقطة الالتقاء
ومنذ منتصف التسعينيات حتى الآن تسجل المرأة اليهودية ارتفاعا في عدد مواليدها، يقابله انخفاض لدى المرأة الفلسطينية لتتساوى كلتاهما في عدد المواليد في الوقت الحالي وتستقر عند 3.13 أطفال.

وتشير معطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية الأخيرة إلى أن تراجع الإنجاب عند المرأة الفلسطينية يشمل كلا من المسلمة والمسيحية والدرزية والحضرية والقروية ومن يعشن في الشمال والوسط والجنوب.
وبالمقابل ارتفع معدل الخصوبة لدى المرأة اليهودية الشرقية والغربية والمتدينة والعلمانية والمهاجرة الجديدة والقديمة، والمدنية وتلك التي تعيش في "الكيبوتسات".
وتشير الإحصائيات الجديدة إلى أن أعلى معدل لإنجاب المرأة اليهودية سُجّل في مدينتي القدس وبني براك في الداخل المحتل بسبب ارتفاع نسبة اليهود المتدينين بشكل كبير في هاتين المدينتين.
ويراقب المحاضر في علم الاجتماع بجامعة حيفا نهاد علي منذ منتصف التسعينيات التغيرات التي طرأت على حياة كل من المرأة الفلسطينية واليهودية وأثرت على معدل الخصوبة لديهما.
ولا يرى أن المعطيات الأخيرة مفاجئة، لكنه يستغرب وتيرة تسارع إنجاب المرأة اليهودية وتراجعه لدى المرأة الفلسطينية، وكان يتوقع أن تلتقيا عند هذه النقطة بعد عشرين عاما وليس الآن.

وعن أسباب هذا الالتقاء، قال علي إن المرأة العربية نقلت نظرية التحديث من المرأة اليهودية وتبنتها بانتقالها من الحياة القروية إلى الحضرية، وخروجها لسوق العمل وبالتالي لجأت لتقليل عدد مواليدها.
حرب الديمغرافيا
وعلى الجانب الآخر انتقلت المرأة اليهودية منذ منتصف التسعينيات من نظرية التحديث وفكرة التمدن إلى نظرية الخطر الديمغرافي، حسب ما يقول علي.
ويشير إلى أن الكثير من الباحثين في إسرائيل يُذكّرون الإسرائيليين بالخطر الديمغرافي باستمرار، وبأن نسبة العرب في إسرائيل ستصبح 40% عام 2020، ولتتجاوز عام 2070 ذلك بكثير، وهذا أثّر بشكل كبير على اليهودية التي عاشت هوس الخطر الديمغرافي وبالتالي زادت عدد مواليدها.
وفي استشراقه للمعطيات التي ستنشرها دائرة الإحصاء الإسرائيلية بعد عشرين عاما، يعتقد علي أن معدل الخصوبة لن يرتفع لدى المرأة العربية على الأرجح، وأنه في حال بقاء النظام الإسرائيلي كما هو سنشهد المزيد من الإساءة للمواطن العربي.
بدوره، قال المستشار الإعلامي المختص بالشأن الإسرائيلي محمد مصالحة إن القوالب النمطية التي بنيت على توجس وريبة اليهود كونهم أقلية مضطهدة ومشتتة في بقاع العالم، كانت سببا هاما في أواخر القرن الثامن عشر وبالتحديد في مؤتمر بازل لإعلان أهدافهم المستقبلية بضرورة العيش بدولة وكيان يجمعهم ليتطوروا ويكثروا من الإنجاب.
وأضاف مصالحة أن العرب كسروا نمط الإنجاب الكمي لصالح نمط الإنجاب النوعي، وتمكنت الفلسطينية من تطوير مكانتها ولعب دور مركزي في التعليم والوظيفة والشراكة، الأمر الذي أتاح لها التأثير في شكل مستقبل أسرتها الكيفي لا الكمي.
وبالمقابل أكد مصالحة تبني العائلة اليهودية النمط المبني على الكم الإنجابي لأهداف قومية سياسية مرتبطة بالكثافة السكانية المتزايدة لليهود في فلسطين، ليشكل ذلك أكبر عائق لأي حل سياسي مستقبلي.
يذكر أن الباحث الإسرائيلي بتاريخ الشرق الأوسط غاي بخور قال قبل سنوات "علينا الفوز في حرب الأرحام مع الفلسطينيين وذلك من خلال مشروع وطني نجند فيه رجال الدين لرفع نسبة الإنجاب ردا على التفوق العربي".

عن "الجزيرة"