عرفت باسمها الحركي " شادية ابو غزالة " في شعبة العمليات الخارجية حيث أظهرت الحرفية الكبيرة في التدريبات العسكرية التي تلقتها في الأردن حتى كلفت بعملية فدائية وهذه المرة لم تكن العملية ضد العدو الاسرائيلي مباشرة إنما كانت لخطف طائرة أمريكية كانت متجهة وقتها إلى تل الربيع في فلسطين المحتلة ، لتسجل دخول أول إمرأة فلسطينية في العمليات الفدائية بخطف الطائرات والهدف من العملية إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينين في سجون الاحتلال ، إنها المناضلة ليلى خالد .
نشأتها :
ولدت المناضلة ليلى خالد في مدينة حيفا عام 1944 حيث كانت لا تزال فلسطين تحت سلطة الانتداب البريطاني ، وفي عام 1948 قامت بالنزوح من فلسطين إلى جنوب لبنان حيث كانت نشأتها والتي حملت في طياتها شوقها إلى فلسطين ، وعند انطلاق الثورة الفلسطينية المسلحة عام 1967 كانت في حينها تعمل في مدرسة في الكويت وتقطن بالسكن الداخلي للمدرسة عندها التحقت بحركة القوميين العرب المؤسسة من قبل الحكيم جورج حبش ووديع حداد لتنبثق عنها لاحقاَ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
خطف الطائرات :
إلى يومنا هذا لا يمكننا أن ننسى ملامح الشابة السمراء التي نالت إعجاب العالم أجمع ، وأثارت قلق ومخاوف العدو الاسرائيلي وحلفائه ، بعملية جريئة في 28 أغسطس من عام 1969 خطفت خلالها طائرة أمريكية، لتحلق بها فوق سماء تل الربيع في فلسطين ، لتحلق على علو منخفض فوق مسقط رأسها مدينة "حيفا" التي هجرت منها قصراً وهي في الرابعة من عمرها.
وبعد عام واحد قامت بعملية أخرى حاولت من خلالها خطف طائرة أخرى تابعة لشركة "العال" الإسرائيلية.. لم تعير اهتمام إلى أن صورتها أصبحت معروفة واسمها مطلوبا لدى كافة أجهزة المخابرات العالمية لتقوم بإجراء عملية جراحة تجميلية غيرت من خلالها ملامحها وتزودت بجواز سفر هوندوراسي ، بذلك استطاعت أن خداع قوات الأمن الإسرائيلي بمطار "أمستردام"، وتمكنت من الصعود إلى طائرة "العال" وتخطفها، إلا أن النجاح لم يحالف تلك العملية الثانية، حيث قتل رفيقها في العملية، وأصيبت هي بجراح، وسُجنت في لندن. لكن شابا فلسطينيا في دبي سمع بالخبر، وحزّ في نفسه أن تتعرض هذه الفتاة الأسطورة للسجن، فاقتطع تذكرة على متن طائرة بريطانية، ولبس "مايوه" سباحة منتفخا، موهما طاقم الطائرة بأنه حزام ناسف، فتمكن من خطف الطائرة نحو بيروت، ثم إلى الأردن؛ وهو ما منح زملاء ليلى خالد في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" ورقة ضغط ثمينة مكنتهم من مفاوضة البريطانيين، وإخراجها من سجنها في لندن بعد 28 يوما فقط .
محاولة إغتيالها الفاشلة في لبنان عام 1971 :
في عام 1971 كانت تحركات ليلى خالد تتم بإشراف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من منزل إلى آخر في لبنان. وكانت تشرف في حينها على تدريب بعض الوحدات التابعة للجبهة عسكريا وفي ليلة، عادت إلى بيت كانت تتشارك السكنى فيه مع رفيقة لها في الجبهة، كانت في ذلك الوقت ضمن وفد غادر في مهمة إلى أميركا الجنوبية ، عادت خالد في حدود الثانية عشر منتصف الليل واكتشفت أسفل فراشها، رزمة ملصوقة أسفل السرير فسارعت خالد لإبلاغ مكتب تابع للجبهة الشعبية، كان يجب عليها ألا تذهب إليه تحت أي ظرف، ما أثار استغراب رفاقها هناك. وحين ذهب اختصاصيو الجبهة الشعبية إلى منزل ليلى خالد، اكتشفوا عبوة TNT تنفجر بالضغط ، بعد ذلك بفترة قصيرة، قال عيزرا وايزمان (وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك) أن إسرائيل لن تترك ليلى لـ ليلى خالد – مكانا آمنا لتنام فيه وكان حديث وايزمان يعني تصفيتها، ما دعا الجبهة الشعبية لاتخاذ قرار بإخفائها عن الأنظار .
وفي 1972، اتخذت الجبهة الشعبية قرارا بانتقال ليلى خالد إلى المخيمات الفلسطينية لأنها أكثر أمنا، خصوصا بعد اغتيال غسان كنفاني، وكمال ناصر، وكمال عدوان، وأبويوسف النجار في بيروت خارج المخيمات. وعاشت خالد لفترة في مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة .
وتعيش ليلى خالد حاليا مع زوجها الطبيب والكاتب في عمّان، إلى جانب إبنيهما, وهي لا تزال تحلم بالعودة إلى فلسطين واستعادة أرضها السليبة وهي عضو في المجلس الوطني الفلسطيني ويُمنع عليها دخول العديد من البلدان، لكن أملها لا يزال حياً وتُعبر عن إرادتها في تحرير فلسطين من النهر إلى البحر
وأختتم أسطري هذه بأن المرأة الفلسطينية قدمت نموذجاً مختلفاً عن كل نساء العالم، وقد يكون النموذج الأشد صعوبة والأكثر قسوة، لكنها حافظت على عزيمتها وصمودها وتصميمها على أن تكمل النضال حتى تحرير فلسطين كل فلسطين.
خاطفة الطائرات ليلى خالد
2016-12-03
بقلم: وسيم وني