تناولت صحيفة "كوميرسانت" العلاقات بين بكين وواشنطن في ظل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب؛ مشيرة إلى أنه سيواجه اختبارات جدية في آسيا.
جاء في مقال الصحيفة:
غيرت وسائل الإعلام الصينية لهجتها تجاه الرئيس الأمريكي المنتخب بصورة حادة، ورأت فيه "الشخص الذي يمكنه تعزيز العلاقات الثنائية".
وقد جاءت إعادة تحليل فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية وأهميتها في العلاقات الثنائية بين البلدين، مباشرة بعد انتهاء الاتصال الهاتفي بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ. وتأمل بكين أن تصبح من الماضي كلمات ترامب خلال حملته الانتخابية بشأن الصين التي رآها تهديدا رئيسا يعادل تهديد الإرهاب الدولي.
لقد جاء ذكر الصين في حملة ترامب الانتخابية في المرتبة الثانية بعد "داعش". وإن أحد أسباب انتقاده للصين، بحسب قوله، هو لأنها تتعمد تخفيض قيمة عملتها الوطنية، لكي يتفوق المنتجون الصينيون على الأمريكيين. لذلك دعا إلى اعتبار الصين "دولة تتلاعب بالعملة"، وإلى فرض ضرائب على بضائعها بنسبة 45 في المئة لتعويض الفروق. وقال "بيننا حرب تجارية، ونحن نخسرها".
غير أن الصحافة الصينية لم تصمت طويلا، فقد ردت عليه صحيفة "غلوبال تايمز" بالقول إن "صعود عنصري إلى قمة السياسة الأمريكية، لا يبشر بالخير". وإن "وصول موسوليني وهتلر إلى السلطة بطرق ديمقراطية، كان درسا للديمقراطية الغربية".
ويذكر ان ترامب لم يوجه انتقادات سياسية إلى الصين خلال حملته الانتخابية بعكس المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، حيث لم يهتم بمسألة حقوق الإنسان، ومشكلة التبت وشين جيانغ وتايوان وحدود الهند الصينية، واكتفى عدة مرات بوصف تصرف الصين في بحري الصين الجنوبي والشرقي بأنه غير قانوني.
ولكن، قبل يوم من الانتخابات نشر ألكسندر غري وبيتر نافارو، مستشارا ترامب، في موقع "فورين بوليسي" برنامجه الشامل الخاص بآسيا. وهذا البرنامج مبني على منطق الجمهوريين التقليدي، ويتضمن إشارة إلى أن الصين خلال السنوات الأخيرة عززت وضعها في المجالين العسكري والاقتصادي بفضل الأزمة المالية العالمية والفائض التجاري الهائل من التبادل التجاري مع الولايات المتحدة.
ويعتقد الكاتبان أن فشل إدارة البيت الأبيض الحالية في "التحول نحو الشرق" كان بسبب تخفيض النفقات على الأسطول، ما سمح للصين خلال حكم أوباما بتوسيع جزيرة في بحر الصين الجنوبي بمقدار 12 كيلومترا مربعا، وفرض منطقة حظر جوي في بحر الصين الشرقي وغير ذلك".
كما يتضمن برنامج ترامب مبدأين أساسيين:
الأول – "لن تضحي الولايات المتحدة بالاقتصاد في سياستها الخارجية، خلال تنفيذ مشروع الشراكة التجارية عبر الأطلسي ومنطقة شمال الأطلسي التجارية".
والثاني: سيعود ترامب إلى مفهوم "السلام عبر التفوق والقوة"، الذي كان سائدا في عهد رونالد ريغان. وهذا يعني زيادة النفقات العسكرية وزيادة عدد السفن الحربية من 274 إلى 350، ودعوة حلفاء الولايات المتحدة، وفي مقدمتهم اليابان وكوريا الجنوبية، إلى زيادة مساهمتهما في إنشاء قوة أمريكية ضاربة في المنطقة.
يقول فاسيلي كاشين، كبير الباحثين في معهد الشرق الأقصى، إن "هذا الاتجاه يخلق لدى الدول الآسيوية الحليفة لواشنطن، التي تشعر بالضغط الصيني، انطباعا أقوى من سياسة أوباما. وبالنسبة إلى روسيا، الأمر جيد؛ لأن تنفيذ برنامج ترامب يتطلب تقليص النشاط الأمريكي في المناطق الأخرى". وبحسب رأيه، لن يتمكن الرئيس الجديد من تكثيف الوجود العسكري الأمريكي في آسيا وأوروبا الشرقية في آن معا.
وعموما، الخروج باستنتاجات نهائية من سياسة ترامب تجاه الصين سابق لأوانه. فالرئيس المنتخب لم يكن مطلعا على تقارير الاستخبارات. لذلك بعد اطلاعه عليها قد يغير نظرته إلى العالم.
هذا، وتشير صحيفة "غلوبال تايمز" في افتتاحيتهاإلى أنه إذا قرر ترامب فرض رسوم إضافية على البضائع الصينية، فإن بكين ردا على ذلك سوف تحول طلباتها على الطائرات من بوينغ إلى إيرباص، وتقلص جدا مبيعات "آي فون" والسيارات الأمريكية، وتتوقف عن استيراد فول الصويا والذرة تماما.