أخرج الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، ثلاثة أسماء جديدة لشغل مناصب مهمة في إدارته. وقد أثارت هذه الأسماء انتقادات مختلفة، على اعتبار أن الشخصيات التي جرى تعيينها تُعرف بمواقفها المتشددة
لا ينفك الرئيس الأميركي المنتخب يثير انتقادات الساسة والمراقبين ووسائل الإعلام الأميركية، بعد انتخابه كما قبله، وذلك ربطاً بمواقفه المثيرة للجدل في قضايا عدة، وبتغيير في بعض هذه المواقف. إلا أن أكثر ما تنشغل به الصحف الأميركية حالياً، هي تشكيلة إدارة ترامب المرتقبة، والتي يُظهِر منها اسماً جديداً كل يوم، يكون أكثر تشدداً من سابقيه.
وفي هذا المجال، أتى الإعلان، أمس، عن تعيين ترامب ثلاث شخصيات من ذوي المواقف المتشددة في قضايا الأمن القومي والهجرة، فيما تمّ تداول أسماء شخصيات أخرى أكثر توافقية، لتولّي وزارة الخارجية وطمأنة حلفاء الولايات المتحدة.
ووفق ما ذكرته وسائل الإعلام، فقد قرر الرئيس الأميركي المنتخب أن يعهد بوزارة العدل إلى السيناتور جيف سيشنز (69 عاماً)، المؤيّد لسياسة الحزم الشديد في ما يتعلق بالهجرة غير الشرعية، التي شكلت أحد المواضيع الرئيسية خلال حملة ترامب، الذي وعد بترحيل 11 مليون مهاجر غير شرعي. وتسبّب سيشنز، قبل عقود، بجدل بسبب تصريحاته العنصرية.
أما منصب مستشار الأمن القومي، الذي يعتبر مهماً جداً وتشغله حالياً سوزان رايس، فسيتم إسناده إلى الجنرال المتقاعد مايكل فلين (58 عاماً)، الذي كان قد ترأس جهاز الاستخبارات العسكرية (وكالة استخبارات الدفاع)، بين عامي 2012 و2014، وأثار جدلاً بسبب تصريحات مناهضة للإسلام. في مقابل ذلك، يُعرف فلين بمواقفه التصالحية تجاه روسيا.
أما وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، فقد أعلن ترامب أنها ستكون بقيادة مايك بومبيو (52 عاماً)، وهو عضو مجلس النواب عن ولاية كنساس. وكان قد تم انتخابه بالتزامن مع وصول "حزب الشاي" ــ الجناح المحافظ المتشدد في الحزب الجمهوري ــ إلى الكونغرس.
وفيما لاقت هذه التعيينات صدى جيداً لدى الجمهوريين، إلا أنها أثارت قلق الديموقراطيين الذين كانوا قد عارضوا تعيين رئيس موقع "بريتبارت" اليميني المتطرف ستيف بانون، كبيراً للمستشارين الاستراتيجيين في البيت الأبيض.
وإضافة إلى ستيف بانون، عيّن ترامب أيضاً شخصية أكثر توافقية هو رينس بريبوس ــ الرئيس الحالي للحزب الجمهوري ــ في منصب كبير موظفي البيت الأبيض.
لكن بالتوازي مع هذه التعيينات لشخصيات من أنصار التشدّد، أتاح ترامب تسريب أسماء شخصيات أكثر اعتدالاً لتسلّم وزارة الخارجية. ومن المفترض أن يجتمع، خلال عطلة نهاية الأسبوع، مع المعتدل الجمهوري ميت رومني، الذي خسر المعركة الرئاسية في مواجهة باراك أوباما، عام 2012. ويأتي ذلك في وقت أشارت فيه وسائل إعلام أميركية إلى أن ترامب يسعى إلى تعيين رومني وزيراً للخارجية. وقد يشكل تقارب كهذا مفاجأة، لأن رومني كان في الصف الأول لمعارضي ترامب وخطه "الشعبوي"، خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري. مع ذلك، لا يزال اسما كل من رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني والمندوب الأميركي الأسبق لدى الأمم المتحدة جون بولتون، يترددان لشغل منصب وزير الخارجية.
وفي لعبة التوازن الدقيقة هذه، يسعى الرئيس المنتخب أيضاً إلى طمأنة حلفاء الولايات المتحدة. وكان أول مسؤول يقابله الخميس في نيويورك، هو رئيس الحكومة اليابانية شينزو آبي، الذي اعتبر أن ترامب زعيم يمكنه "الوثوق به".
إلا أن مسؤولين ديموقراطيين عبروا، أمس، عن معارضتهم لتعيين الثلاثي سيشنز وبومبيو وفلين. وقال المستشار السابق للرئيس باراك أوباما، ديفيد أكسلرود، إن تعيين سيشنز "سيتسبب بقشعريرة للمحامين (المدافعين عن) الحقوق المدنية وحقوق المهاجرين"، فيما قد يثير تعيين فلين "فرحة (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين و(الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان".
وينحدر سيشنز من جنوب الولايات المتحدة، وقد مثّل ألاباما في مجلس الشيوخ منذ عام 1997. وقد لاقى تعيينه ترحيباً من سيناتور تكساس المحافظ المتشدد تيد كروز. وكان سيشنز قد عارض، خلال رئاستي كل من جورج بوش وباراك أوباما، مشاريع عدّة لتسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين.
أما المدير المقبل لوكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو، فقد كان أحد أعضاء لجنة التحقيق في الكونغرس ــ الذي يهيمن عليه الجمهوريون ــ حول الهجوم على البعثة الأميركية في بنغازي عام 2012، والذي أدى الى مقتل أربعة أميركيين، بينهم السفير كريس ستيفنز. واتهمت تلك اللجنة، المرشحة الديموقراطية السابقة الى الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون، التي كانت وقتذاك وزيرة للخارجية، بأنها قلّلت من أهمية "التهديد الجهادي" في ليبيا.
وفي السياق، تعهّد المحامون العموم الديموقراطيون في خمس ولايات أميركية على الأقل، منازلة دونالد ترامب في المحاكم، إذا ألغى لوائح صدرت في
عهد الرئيس باراك أوباما، أو تبنّى سياسات رأوا فيها جوراً على الحقوق المدنية.
وأعلنت مكاتب المحامين العموم في ولايات ماريلاند وفرجينيا وواشنطن وماساتشوستس ونيويورك، أن أي محاولات من قبل إدارة ترامب لإضعاف الحماية المكفولة للمستهلكين أو سياسات تغيّر المناخ على سبيل المثال، يمكن أن تثير نزاعاً بين تلك الولايات والحكومة الاتحادية.
والمحامون العموم هم كبار المسؤولين القضائيين في الولايات الخمسين، وهم جميعاً منتخبون. وبعد انتخابات العام الحالي، سيكون هناك 21 محامياً عاماً ديموقراطياً، بالإضافة إلى المحامي العام لواشنطن العاصمة. ويعمل المحامون العموم نيابة عن ولاياتهم، ولهم الصلاحية القضائية لرفع الدعاوى التي تتحدّى اللوائح الاتحادية أو القرارات التنفيذية، ومن بينها اللوائح والقرارات التي يمكن أن تجور على الحقوق المدنية.
وقال المحامي العام الديموقراطي لولاية واشنطن بوب فيرغسون: "أرى أن دوري كما لو كنت في خط الدفاع الأول ضد إدارة ترامب، إذا اختارت العمل على نحو غير دستوري".
كذلك، أعلن مايكل كيلي، وهو متحدث باسم المحامي العام لفرجينيا مارك هيرينغ، أن إدارة ترامب "إذا تجاوزت الخط ومضت في إجراءات غير قانونية، أو انتهكت الدستور، فإن المحامي العام هيرينغ مستعد لأن يهبّ دفاعاً عن حقوق الفرجينيين".
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)