2024-11-30 04:42 ص

دول الخليج بدأت تلتف نحو بوصلة الإدارة الامريكية القادمة

2016-11-17
بعد خسارة هيلاري كلينتون في معركة الرئاسة الأمريكية يبدو أن دول الخليج التي أبدت دعمها لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في سباقها الانتخابي ضد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بدأت تلتف نحو بوصلة الإدارة القادمة ويبدو أن أول الغيث وثيقة مسربة عبر ويكيليكس ارتأت الصحافة المدعومة من النظام في البحرين نشرها في هذا التوقيت بالذات واتهمت عبرها مرشحة الرئاسة الخاسرة هيلاري كلينتون بقيادة مؤامرة ضد البحرين.

الوثيقة سربت قبل فترة ولم تجد طريقها إلى النشر عبر الإعلام المحلي قبل حسم المعركة الإنتخابية الاميركية فعامل الوقت لتحديد الإتجاه هنا مهم جدا ومسار النشر قد يتغير مع تسمية اسم الرئيس الاميركي الجديد.

الوثيقة التي ربما رأى فيها النظام ورقة رابحة في كل الأحوال ولكنها تعتمد على كيفية توظيفها نشرت في الصحف المحسوبة على النظام عبر خبر عنون بمؤامرة اميركية بطلتها وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، عنوان الخبر سيبدو ثقيلا نظرا لتاريخ العلاقات التي تربط النظام في البحرين بالإدارة الاميركية وليس آخر معالمها زيارة وزير الخارجية جون كيري إلى البحرين واستقباله بالترحاب والحديث عن قوة العلاقة الاميركية والبحرينية.

أما الوثيقة فليست سوى رسالة من البريد الالكتروني المخترق لهيلاري كلينتون تحمل الرقم F 2014- 20439 أرسلت إليها من قبل المستشار القانوني في الخارجية الاميركية هارولد كونجي كوه يوم 19 نوفمبر 2011 وتحوي معلومات جول تواصل أحد أعضاء اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق مع الخارجية الاميركية .

الإجراء الذي رأت فيه البحرين مؤامرة حيكت ضدها وتغييرا لملامح تلك المرحلة يرى فيه البعض إفلاسا سياسيا ومحاولة لإظهار حسن النوايا تجاه الرئيس الاميركي الجديد بعد الدعم الكبير لمنافسته كلينتون التي خسرت الانتخابات وخابت معها الآمال الخليجية.

اراد النظام محاولة توصيف أن ما حصل في البحرين في العام 2011 كان بتدخلات خارجية ولكن عند تصفح الايميلات التي سربتها ويكيليكس سنكتشف أن هيلاري كلينتون لم تلتفت إلى القضية البحرينية بل صبت تركيزها آنذاك على اليمن وليبيا وسوريا.

يقول مراقبون أن النظام منخرط أصلا مع هيلاري كلينتون في مؤامرات ضد شعب البحرين ومن جملتها دفع ولي العهد 32 مليون دولار من أموال الشعب دعما لمؤسسة كلينتون لأجل لقائها حين كانت كل التوقعات تشير إلى حتمية فوزها.

وكانت صحف أجنبية ومن ضمنها صحيفة “ناشيونال انترست” قد حللت أن الفضيحة اليوم للبحرين وليست لهيلاري كلينتون وما كشفته هذه الإيميلات أن الادارة الاميركية تسترت على ما جرى في البحرين وكانت وزيرة الخارجية قد كتبت في مذكراتها “كنا قلقين بعض الشيء مما يجري في البحرين ولكن عندما رأينا ما حصل في مصر سكتنا عن البحرين”.

يقول مراقبون أن النظام يحاول صنع ضجة للتغطية على الوثيقة السرية التي نشرها موقع قناة اللؤلؤة والتي كشفت إصدار ملك البحرين أوامر بقتل المتظاهرين المحتشدين في دوار اللؤلؤة في العام 2011 واستخدام أي قدر من القوة لوضع حد للحراك الشعبي، واستعادة السيطرة على الأغلبية الشيعية في البلاد.

الوثيقة التي حملت رقم C05786971 المؤرخة في 16 مارس 2011 المسربة أيضا من البريد الإلكتروني لوزيرة الخارجية الاميركية السابقة هيلاري كلينتون ذكرت أن ملك البحرين أبلغ بشكل خاص المستشارين العسكريين لملك السعودية السابق عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أن العناصر الذين دخلوا إلى البحرين في 13 مارس/آذار 2011 “يجب أن يُطلقوا النار بنية القتل لمساعدة قوات الأمن البحرينية في تفريق المتظاهرين المناهضين للحكومة”.

ووفق الوثيقة فإن “قوات الأمن السعودية بالتنسيق مع القوات البحرينية، فتحت النار على المتظاهرين في دوار اللؤلؤة، ما أسفر عن مقتل 12 شخصا على الأقل وإصابة ما بين 30 إلى 50 آخرين”.

وقالت الوثيقة أنه “وفقاً لضباط سعوديين فإن ملك البحرين ورئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة قلقين بشكل كبير من تجمع المتظاهرين ودعوتهم إلى إقامة ملكية دستورية في البحرين ما دفع ملك البحرين لاتخاذ قرار باستخدام أي قدر من القوة لوضع حد لهذه الانتفاضة، واستعادة السيطرة على الأغلبية الشيعية في بلاده”.

وذكرت الوثيقة أن ملك البحرين استعان باتفاق الدفاع المشترك المبرم في العام 2009 بين دول مجلس التعاون بالخليج الفارسي وطلب من السعودية والإمارات ارسال قوات لدعم هذه العملية.

ويتساءل مراقبون عن غياب هذه الوثيقة الخطيرة عن وسائل الإعلام المدعومة من قبل النظام والتي تدعي النزاهة وغياب حتى أي تبرير من قبل مسؤولين وصحافيين لأوامر بقتل ابرياء قرروا التظاهر سلميا للمطالبة بالتحول الديمقراطي في البحرين.

يبقى هدف التشكيك في مخرجات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق والتي تشكلت بأوامر من ملك البحرين نفسه آنذاك، أولوية نظرا لما سببته توصيات هذه اللجنة من هواجس وضغط على النظام حتى وصل حد ادعاء تنفيذ كامل التوصيات الأمر الذي كذبه الواقع وأعضاء ورئيس اللجنة أنفسهم.

مع كل ما سلف ذكره يبقى الثابت والواضح أن النظام في البحرين لن يستطيع اليوم الاختباء خلف اصبعه أو حتى الهروب إلى الأمام عبر التضليل واصطناع المؤامرات للتغطية على سجله الحقوقي الذي بات باعتراف دولي في تدهور مستمر.