2024-11-27 06:52 م

الهند و"إسرائيل" تتحدان ضد باكستان

2016-11-17
تحت هذا العنوان تناولت الصحف الباكستانية نهار زيارة الرئيس "الإسرائيلي" راؤفين زفلين إلى الهند الإثنين 14 نوفمبر2016م والتي تأتي في وقت عصيب للمنطقة وصراع هندي باكستاني مستميت.

وعبرت وسائل الإعلام عن قلقها من التقارب الكبير بين الهند و"إسرائيل" الذي لم يخفِ فيه مسؤولو البلدين عن نواياهم في التعامل مع باكستان بمنتهى القسوة، ومطالب المجتمع الدولي باعتبار باكستان دولة تدعم الإرهاب ومتورطة في قضايا إرهابية إقليمية ودولية.

وقالت وسائل الإعلام الباكستانية: إن زيارة الرئيس "الإسرائيلي" إلى الهند مع وجود حكومية هندوسية متشددة سيساعد على رفع سقف المطالب المتطرفة للهندوس في المنطقة، وتمكينهم من تحقيق ما فشلوا فيه في زمن الحكومات السابقة، وأبرزها تعريض حياة المسلمين الذين هم أكبر أقلية دينية في الهند إلى خطر وجودي، بعد استهداف معتقداتهم وثوابتهم وانتمائهم.

ويقول حامد مير، صاحب أشهر برنامج إخباري ومتخصص: إنها ليست المرة الأولى التي يزور فيها مسؤول رفيع من "إسرائيل" الهند، وليست المرة الأولى التي يجتمع فيها قادة كل من "إسرائيل" والهند.

فالزيارات والاعتراف الدبلوماسي قديم وليس بالأمر الجديد بين البلدين، والتنسيق الأمني والاستخباري لم يتوقف يوماً بين البلدين، لكنه هذه المرة أخذ طابعاً علنياً جريئاً.

نتائج زيارة الرئيس "الإسرائيلي" للهند

وكان كل من الرئيس "الإسرائيلي" ورئيس وزراء الهند نارندا مودي قد توصلا إلى عقد صفقات والتوقيع على معاهدات، أهمها:

- إعلان "إسرائيل" دعمها الكامل للهند في حقها في الوصول إلى مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، ويكون لها بالتالي الحق في امتلاك حق النقض، وتكون عضوا دائماً في هذا المجلس.

- المطالبة بتحرك دولي لمحاربة الجهات التي تدعم الإرهاب الدولي وتقف خلفه، واتفاق هندي "إسرائيلي" بالتحرك نحو الأمم المتحدة والهيئات الدولية لمطالبتها بإدانة باكستان دون أن يسموها بأنها الخطر الكبير على المنطقة والجهة التي تدعم المجموعات الإرهابية وتحرضهم على القيام بالهجمات الإرهابية المختلفة.

- رفع حجم التعاون الأمني والتنسيق الاستخباري بين الدولتين، وبذل مزيد من الجهود والاستفادة من تجاربهم في محاربة الإرهاب الذي يتهدد البلدين، ويعنون بذلك المقاومة الفلسطينية والمقاومة الكشميرية، حيث تشهد كلتا البقعتين انتفاضة مستمرة من أجل تقرير المصير.

- تشكيل قيادة دفاع مشتركة بين البلدين، ورفع حجم التعاون العسكري والدفاعي بينهما، والاستفادة من تجارب بعضهما، ورفع حجم مشتريات السلاح مستقبلاً.

- كما وقع البلدان صفقات تجارية واقتصادية تتمثل في البنية التحتية وقطاع المياه.

ويقول حامد مير: إن الوفد "الإسرائيلي" بقيادة الرئيس تضمن قادة من الجيش والمخابرات ورجال الأعمال، وهو ما يشير إلى الأهمية التي تعطيها "إسرائيل" إلى التعاون في مجال المعلومات الأمنية والاستخبارات والأمن؛ وهو ما يبعث على الكثير من القلق والمخاوف من أن تشهد المنطقة المزيد من المخاطر خاصة استهداف النووي الباكستاني والاستقرار في باكستان وقضية الشعب الكشميري ومستقبل التواجد الهندي في أفغانستان.

وقال خالد محمود، وهو خبير في الشؤون الهندية: إن أغلب ما أعلن عنه الزعيمان دار حول جعل الهند قوة عسكرية مهيمنة على المنطقة، وإضعاف باكستان التي تمثل لها الشوكة في الحلق، واستخدام جميع الوسائل الأمنية لجعل باكستان ترضخ للأمر الواقع وتضعف أمام التمادي الهندي.

ويقول حامد مير: إن هناك اتفاقاً كاملاً بين الطرفين حول التشدد مع المسلمين وزيادة الضغوط عليهم، أما الجديد اليوم فهو أنها لأول مرة يعلن البلدان عن اتحادهما ضد باكستان بعد أن قرر تدويل ضلوعها في الإرهاب، وحث أصدقائهما على عزل باكستان دولياً والتحرك في المؤسسات الدولية لإقناعهم بهذه الرؤية.

باكستان هي الهدف من التعاون الاستخباري الهندي "الإسرائيلي"؟

في سبتمبر 1968م أعلن عن إنشاء هيئة استخباراتية هندية تحت اسمRESEARCH AND ANALYSIS WING المعروفة باسمها المختصر (RAY)، وترأس هذه الهيئة رامشوار نات كاو بأمر من رئيسة الوزراء الهندية آنذاك أنديرا غاندي، ولم تكتفِ رئيسة الوزراء بالإعلان عن إنشاء هذه الهيئة، بل دعتها إلى التعاون مع جهاز "الموساد" الصهيوني، وكانت الأهداف المعلنة بين الجهازين التعاون وتبادل المعلومات حول المخاطر المحدقة بالمنطقة، في إشارة إلى باكستان. وأعد خلالها رئيس الجهاز الاستخباراتي الهندي خطة الاعتماد على خبراء التجسس والعملاء المحترفين رهن إشارة "الموساد" في إطار صفقة التعاون بينهما، وتقوية علاقاتهما في مجال الأمن والاستخبارات وتبادل المعلومات.

ففي عام 1952م وافقت دلهي على فتح قنصلية "إسرائيلية" في عاصمتها الاقتصادية بومباي، لكن عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة لم تتحقق في حينها بسبب العلاقات التي كانت تربط الهند بالعالم العربي وفلسطين وتأخر اعتراف الهند بـ"إسرائيل" لهذا السبب، وأصبحت العلاقات بين جهاز "الموساد" و"RAW" علاقات رسمية في عام 1977م بعد أن أعلن عنها رئيس الحكومة "الإسرائيلي" آنذاك موراج.

وفي عام 1992م استكملت دلهي علاقاتها الدبلوماسية مع "إسرائيل"، ووافقت تل أبيب على تعاون مطلق مع دلهي، وقويت هذه العلاقات بعد أن نشط اللوبي الصهيوني في أمريكا لصالح الهند، ومطالبة رئيس وزرائها ناراسيما راو  باعتبار باكستان مؤيدة للإرهاب ومدعمة له.

وفي عام 1993م نجحت ضغوط اللوبي الصهيوني وحملت الإدارة الأمريكية على وضع باكستان في قائمة المشبوهين، ومن بين أهم الأعمال التي قام بها الجهازان ضد باكستان:

- الاستعانة بخبراء ومستشارين عسكريين من "إسرائيل" لإجهاض الانتفاضة في كشمير، وقمع الاستقلاليين في كشمير ومنعهم من الحصول على تقرير مصيرهم.

- التنسيق بين الجهازين بتجنيد جواسيس يعملون لصالحهم في باكستان، أبرزهم طلاب في إقليم بلوشستان موالون للجماعات الانفصالية، وحتى طلاب أجانب كانوا يعملون لجمع معلومات حول مناطق حساسة في باكستان خاصة مقرات المخابرات والمنشات النووية والمرافق الحساسة.

- التنسيق بين الجهازين في أفغانستان لتجنيد الجماعات المتمردة ضد باكستان ومدهم بالدعم المعلوماتي واللوجستي مقابل شن عمليات إرهابية في باكستان.

- إلى جانب رفع دعم الانفصاليين البلوش والقيام بتدريبهم على استخدام وسائل حديثة في حربهم ضد باكستان وتوفير الملاذات الآمنة لهم في الهند و"إسرائيل".

ويقول الباكستانيون: إن الخطر الجديد هو جمع المخابرات في البلدين معلومات عبر عملائهم في باكستان حول تحركات زعماء الجماعات الجهادية والمناهضة للهند، وأبرزهم زعيم جماعة الدعوة حافظ سعيد، وزعيم جيش محمد مولانا مسعود أظهر، وداود إبراهيم، المطلوب الأول للهند، حيث تتهمه الهند بتنفيذ عشرات العمليات الإرهابية ضدها بإيعاز من باكستان، وتقول: إنه يختفي في كراتشي.

وحسب آخر التقارير الصحفية منها جريدة "الجنك" المحلية، فإن مخابرات البلدين يتبادلان المعلومات بمختلف الوسائل للتعرف على القادة المطلوب قتلهم أو اعتقالهم في باكستان، وهو ما جعل باكستان ترفع من إجراءات حمايتهم وتوفير الأمن لهم.

وتقول باكستان: إنها تراقب الزيارة الحالية للرئيس "الإسرائيلي" إلى الهند، وتشعر بكثير من القلق من مطالبتهم بتدويل الصراع الهندي الباكستاني، وتصويره للعالم بأن الباكستانيين يقفون وراء الهجمات الإرهابية في المنطقة، ويقدمون الدعم لرؤوس الإرهاب الدولي.

وتقول وزارة الخارجية الباكستانية: إنها لن تسمح بتهديد أمنها واستقرارها، وستقف لأي محاولة الاعتداء عليها، وسترد عليها.

وكانت الهند قد صعدت ضد باكستان واستهدفت قواتها المرابطة على الحدود، وتخطط للتصعيد الاستخباري بالتنسيق مع الدولة العبرية، وأن الأهداف - كما يقول الباكستانيون – معروفة، وأن الهند بعد فشلها في حمل مجلس الأمن الدولي على اعتبار قيادات جهادية باكستانية بمثابة خطر على أمن العالم بعد أن أفشلته الصين باستخدامها حق "الفيتو" لعدة مرات، وأن الهند وفق باكستان تخطط بالتنسيق مع المخابرات "الإسرائيلية" إلى شن عمليات اغتيال جديدة على الطريقة التي ينفذها "الموساد" ضد قادة "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في العالم، وهو ما بات يمثل تحدياً لباكستان.