2024-11-27 10:36 م

تقارب مفاجئ بين حركة حماس والقيادات المصرية

2016-11-17
طالما شهدت العلاقات بين مصر وحركة حماس اضطرابات سياسية وتراشقات إعلامية وتبادل اتهامات، يمكن وصفها في النهاية بأنها عداوة تاريخية، لكن خلال الفترة الأخيرة، شهدت العلاقات بين الطرفين بوادر حسن نية توحي بتقارب وشيك، لكن هل سيكون دبلوماسيا مؤقتا أم سياسي دائم؟
العلاقات المصرية الحمساوية
منذ ثورة 25 يناير، تتخبط العلاقات المصرية مع حركة حماس؛ حيث تبادل الطرفان الاتهامات في العديد من المناسبات، فكانت السلطات المصرية تتهم حماس بتصدير التنظيمات والجماعات الإرهابية إلى سيناء لإحداث الفوضى هناك، فيما اتهمت حماس السلطات المصرية مرارًا ببيع القضية الفلسطينية والتعاون مع الاحتلال لإطباق الحصار على قطاع غزة.
مع تولي الرئيس الأسبق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، محمد مرسي، الرئاسة، تحسنت العلاقات المصرية الحمساوية نظرًا لتوافق الرؤى والانتماءات بين الطرفين، الأمر الذي سهل فتح معبر رفح بشكل دائم، مع ترديد أنباء عن وجود مخطط بتوطين أهالي القطاع في سيناء، لكن مع عزل مرسي دخلت العلاقات المصرية مع حركة حماس نفقا مظلما؛ حيث عادت الاتهامات والتراشقات السياسية والإعلامية من جديد لتطفو الخلافات بين الطرفين على الوجه، الأمر الذي أدى إلى ما يشبه قطيعه دبلوماسية لما يقرب من ثلاث سنوات.
وقبل أيام قليلة، خرج العديد من التقارير التي أكدت وجود بوادر تقارب بين الطرفين ودخول العلاقات المصرية الحمساوية مرحلة جديدة، قد يكون فيها الطرفان أكثر تفاهمًا مما سبق، حيث حرصت حركة حماس قبل أقل من شهر على تقديم بادرة حسن نيه تجاه مصر، والإيحاء بأنها ستعمل خلال الفترة المقبلة على حماية الأمن القومي المصري؛ بإعلانها القبض على خلية إرهابية كانت تخطط لاستهداف الجيش المصري، كمحاولة لتبرئة ساحتها من العميات الإرهابية التي تحدث في سيناء، حيث كشف عضو المكتب السياسي لحركة حماس، محمود الزهار، في 16 أكتوبر الماضي، أن حماس أحبطت هجومًا مسلحًا خططت له خلية إرهابية بغزة ضد الجيش المصري، وإن جماعات متشددة في غزة لها علاقة بالاحتلال الإسرائيلي حاولت تنفيذ هجمات ضد الجيش وأخرى وهمية ضد إسرائيل للزج باسم حماس في أي عملية تخريبية في المنطقة، وأوضح أن الحركة اعتقلت بالفعل بعض العناصر المتشددة التي لا تنتمي لأي حركة معروفة، كانوا يخططون لتهديد أمن مصر.
وأعاد الزهار حينها التأكيد أن حماس ليست معادية لمصر وإنما لإسرائيل، ولكن هناك عناصر متشددة في غزة لها فكر معاد للقاهرة، يتم التعامل معها بالحوار، وإن لم يُبدُوا حسن نية سيتم التعامل معهم بالرصاص، وأشار إلى أن هناك أشخاصًا في القطاع يُشكلون خلايا وهمية لتهديد الجيش المصري من داخل غزة، وتدعمهم السلطة الفلسطينية حتى يحدثوا بلبلة بين الحركة ومصر، مثل خلية عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، توفيق الطيراوي، التي اعتقلت منذ أشهر بعد تهديدهم الجيش المصري، وهو ما اعترفت به العناصر خلال التحقيقات، وجدد القول إن أمن مصر من أمن غزة، وأن الحركة تريد لمصر الاستقرار الاجتماعي والأمني والسياسي.
التصريحات الحمساوية الناعمة أعقبتها تأكيدات من مصادر داخل الحركة، عن وجود اتصالات عديدة مع مسؤولين مصريين، تهدف إلى إعادة العلاقات بين الجانبين، بما يخدم الشعب الفلسطيني، مع التأكيد على الدور التاريخي المصري تجاه القضية الفلسطينية، وأشارت المصادر إلى وجود اقتراح من الحركة أخيرًا بإرسال وفد من قيادة حماس إلى مصر كبادرة حسن نية من الحركة تجاه القاهرة، مع وجود مؤشرات إيجابية من مصر تجاه حماس.
على الجانب المصري، ظهرت خطوات مماثلة كضوء أخضر لبدء مرحلة التقارب مع حماس، فمنذ 16 أكتوبر الماضي، سهلت السلطات المصرية عبور الفلسطينيين عبر معبر رفح بأعداد كبيرة، وشملت عمليات العبور سفر الطلاب والمرضى وأصحاب الإقامات خارج غزة، وأكدت مصادر أنه في الفترة بين 16 إلى 23 أكتوبر سافر ما يقرب من 4 آلاف مسافر من غزة.
بعد أيام من فتح معبر رفح، أفرجت القاهرة عن 7 حجاج فلسطينيين من غزة، أوقفتهم في 24 سبتمبر الماضي بعد عودتهم من السعودية عقب أدائهم فريضة الحج، لاتهامهم بحيازة مواد ممنوعة، وقالت تقارير إن عملية الإفراج جاءت بعد أن أجريت اتصالات بين أعضاء من حركة حماس والجانب المصري، وفي 30 أكتوبر، نظمت مصر مؤتمرًا اقتصاديًا بمحافظة السويس، استمر يومين كاملين، شارك فيه ما يقرب من مائة رجل أعمال من قطاع غزة، إضافة إلى زوجة المسؤول السابق في حركة فتح، محمد دحلان، وتناول الوفد سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين القاهرة والقطاع، كما وردت أنباء أن القاهرة تنظر في إقامة منطقة تجارة حرة في مدينة رفح، القائمة على طرفي الحدود، ما يُمكّن التجار في غزة من شراء المنتجات مباشرة من الطرف المصري من المدينة، وهذه الخطوة بمثابة رفع جزئي للحصار المفروض على القطاع.
دحلان.. كلمة السر
يرى مراقبون أن التقارب المفاجئ بين حركة حماس والقيادات المصرية، جاء بعد الخلافات التي اندلعت بين مصر والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على خلفية رفض الأخير التجاوب مع الاتفاق بين اللجنة الرباعية العربية التي تتكون من مصر والسعودية والأردن والإمارات، على مصالحته مع خصمه اللدود، محمد دحلان، وتهيئته لخلافته، الأمر الذي دفع الدول العربية الداعمة لدحلان إلى ممارسة ضغوطها بأي طريقة على السلطة الفلسطينية، حيث اتجهت السعودية إلى إيقاف دعمها للسلطات الفلسطينية ماليًا، ودفع مصر إلى إغلاق جبهتها المشتعلة مع حركة حماس ولو مؤقتًا حتى حل أزمة السلطة في فلسطين وتنصيب دحلان.
وتطورت الخلافات بين مصر والسلطة الفلسطينية بعد أن خرجت حركة فتح التي ينتمي لها الرئيس أبو مازن لتعلن رفض المؤتمر الذي يعقده المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط في القاهرة بعنوان “مصر والقضية الفلسطينية”، الذي يشارك فيه نواب من حركة فتح وأكاديميين من غزة، حيث أكد أمين سر الهيئة القيادية العليا لحركة فتح في قطاع غزة، ابراهيم أبو النجا، أن حركته موحدة خلف الرئيس محمود عباس، وأضاف: لن تسمح لأي جهة كانت أو أي قوة أن تصدّر علينا رئيسًا أو شخصًا معينًا، ولن نسمح لأي أحد أن يتدخل بشؤوننا الداخلية، الأمر الذي أغضب مصر كثيرًا.
مصلحة حماس من دعم دحلان
دعم حماس لدحلان أيضًا سهل على القاهرة محاولات إقناع الحركة بشخصية دحلان، فرغم اختلاف الرؤى بين دحلان وحركة حماس، على اعتبار أن الأول لا يمانع في التطبيع مع الاحتلال، والثانية تعتبر حركة مقاومة تقود عمليات مسلحة ضد الكيان المحتل، إلا أن حماس وجدت أنه من مصلحتها دعم دحلان خلفا للرئيس أبومازن؛ لعدة أسباب، أولها أن حماس والسلطة الفلسطينية ليسوا على وفاق نهائيًا، الأمر الذي يجعل دعم الحركة لدحلان قد يستفز أبو مازن، ما قد يدفعه باتجاه دفع استحقاقات المصالحة الشاملة.
المصلحة الثانية التي قد تعود على حماس من دعمها لدحلان، تقاربها مع القاهرة والإمارات الداعمين الأساسيين لدحلان، وهو ما يعود على حماس بالنفع الذي يتمثل في فتح معبر رفح أمام أهالي قطاع غزة، خاصة بعد أن خسرت جميع رهاناتها ومحاولاتها في كسر الحصار عن القطاع وبعد أن انعدمت الخيارات أمامها، كما أنها قد تحصل على مساعدات مالية ضخمة من السعودية والأردن والإمارات تسد بها العجز المالي المتفاقم والأزمة الاقتصادية في القطاع.
المصدر: موقع "البديل"