حميدي العبدالله
دخلت تركيا بسبب سياسات أردوغان منعطفاً خطيراً، ربما هو الأخطر منذ قيام الجمهورية التركية بعد سقوط الدولة العثمانية.
يتمثل هذا المنعطف بالقرار الذي اتخذته حكومة حزب العدالة والتنمية بشأن عدد كبير من النواب الأكراد، وما تركه ذلك من آثار وتداعيات، سواء على علاقة تركيا مع الاتحاد الأوروبي، أو مع أحزاب المعارضة التركية.
فهذا القرار قاد وسيقود إلى تصعيد المواجهة، الجماهيرية والعسكرية بين الأكراد من جهة، والجيش والحكومة التركية من جهة أخرى، تصعيد غير مسبوق في تاريخ العلاقات الكردية مع الحكومات التركية، وذلك لأنّ الحكومة التركية تواجه تحدي الأكراد هذه المرة في غياب الدعم الأوروبي، وفي ظلّ أزمة في العلاقات الأميركية التركية على خلفية موقف واشنطن من أكراد سورية. كما أنّ تصعيد الصدام مع الأكراد يحدث هذه المرة في ظلّ سعي حزب العدالة والتنمية إلى التفرّد بالحكم وإبعاد أحزاب المعارضة والتضييق عليها، الأمر الذي يدفع هذه الأحزاب إلى حجب الغطاء السياسي عن معركة الجيش والحكومة ضدّ الأكراد. وبديهي القول إنّ التصعيد مع الأكراد لأول مرة يحدث في ظلّ مثل هذه المعطيات، وهذا ما يجعل موجة التصعيد غير مسبوقة، وبالتالي تحمل مخاطر لا تشبه أي مخاطر أخرى واجهتها تركيا الجمهورية.
يضاف إلى هذه التحديات تحديات أخرى نابعة من تدهور علاقات تركيا مع كلّ من سورية والعراق. صحيح أنّ دمشق وبغداد ليستا في وضع قوي لدرجة أن يشكلا تهديداً لنظام الحكم القائم في تركيا، لكن توتر العلاقات بين أنقرة وبينهما يدفعهما للوقوف إلى جانب معارضي حكومة حزب العدالة والتنمية، وتقديم كلّ دعم ممكن للنيل منها، لا سيما أنّ أكراداً سوريين ينتشرون بالقرب من الحدود التركية، ويناهضون النظام التركي، ولديهم الاستعداد لتقديم كلّ دعم للأكراد الأتراك الذين يقاتلون الجيش التركي. ومعروف أنّ أكراد سورية لديهم قدرات عسكرية يعتدّ بها ويمكن الحصول على المزيد ونقلها إلى أكراد تركيا، وبهذا المعنى، فإنّ أكراد تركيا الذين يحاربون الجيش التركي لديهم حلفاء وعمق لم يكن متوفراً منذ اندلاع المواجهة العسكرية بين الأكراد والجيش التركي في منتصف الثمانينات.
هذه التحديات مجتمعة تشكل المنعطف الخطير الذي تمرّ به تركيا الآن.
عن "البناء" اللبنانية