علي مراد
ليس خافياً أن النظام السعودي يفضّل هيلاري كلينتون على منافسها دونالد ترامب للفوز بانتخابات الرئاسة في 8 تشرين الثاني الجاري ووصولها الى البيت الأبيض. فالأخير يجاهر علناً بخلافه مع الرياض حول ملفات المنطقة، وأعلن سابقاً أن السعودية بالنسبة إليه كالبقرة الحلوب، متى جف حليبها سيذبحها.
العلاقة بين عائلة كلينتون وآل سعود قديمة، تعود الى بداية التسعينيات، وعمل على تطويرها سفير السعودية الأسبق لدى واشنطن، بندر بن سلطان، إبّان إدارة بيل كلينتون، وعززها شَرَهُ هيلاري للمال السعودي. لا حرج لدى عائلة كلينتون في إعلانها على موقع مؤسستها الإلكتروني تلقي "مساعدات" مالية من المملكة السعودية، وتقول إنّ قيمتها بين 10 و25 مليون دولار أميركي.
وعام 2012، ضجت الصحافة الأميركية بالأنباء عن تلقي هيلاري هدية باهظة الثمن من الملك السعودي السابق، عبد الله، خلال زيارتها الرياض في 30 آذار 2012، الهدية كانت عبارة عن طقم مجوهرات (وثيقة رقم 1) من الذهب الأبيض والماس والياقوت، قدر قسم البروتوكول في وزارة الخارجية آنذاك القيمة بنصف مليون دولار، إضافة الى هدية تلقتها ــ خلال الزيارة نفسها ــ من ولي العهد آنذاك الأمير سلمان، هي عبارة عن تمثال من حصانين ذهبيين قدّرت قيمته بنحو 6,700 دولار، وتم التبرع بالهديتين لإدارة الخدمات العامة، لأن القانون الأميركي يحظر على المسؤولين الأميركيين الاحتفاظ بهدايا يتلقونها تفوق قيمتها مبلغ 350 دولاراً.
بعد ظهور قضية بريد هيلاري كلينتون الإلكتروني الشخصي، الذي كانت تستعمله في مراسلاتها خلال عملها وزيرة للخارجية، اضطرت وزارة الخارجية ــ بموجب القانون الأميركي ــ في شباط الماضي إلى أن تنشر قاعدة بيانات الرسائل الإلكترونية التي أرسلتها هيلاري، وتلك التي تلقّتها خلال مهماتها وزيرةً للخارجية. تظهر رسالة في 24 كانون الأول 2011 (وثيقة رقم 2) أرسلها أحد المسؤولين في الخارجية لهيلاري، أنه تلقى تأكيداً من الأمير سلمان بن عبد العزيز (وزير الدفاع حينها) حول الموافقة على صفقة طائرات F-15SA التي بلغت قيمتها 29,5 مليار دولار وعدد طائرتها 84 حديثة الصنع و70 أخرى محدّثة (هو الأسطول الجوي السعودي الحالي الذي يقصف اليمن منذ آذار 2015)، ليوصف نجاح الصفقة (في المراسلة) بأنه "أفضل هدية عيد ميلاد لكلينتون". هذه الصفقة كان أندرو شابيرو، مساعد كلينتون للشؤون السياسية والعسكرية، قد وصفها في مؤتمر صحافي في 20 تشرين الأول عام 2010 بأنها "أولوية قصوى" بالنسبة إلى الوزيرة كلينتون وإلى وزير الدفاع، روبرت غيتس".
مكتب التحقيقات الفيدرالي أعلن يوم الجمعة الماضي عن إعادة فتح التحقيق في قضية بريد كلينتون، فيما أعلن نائب مدير المكتب السابق، توماس فوينتس، في مقابلة تلفزيونية على قناة CNN، أن محققي الـ FBI يعكفون على إجراء تحقيق مكثف حول المساعدات المالية التي تلقتها "مؤسسة كلينتون" خلال فترة عمل هيلاري على رأس وزارة الخارجية، وسط شكوك بأن تكون بعض المبالغ الكبيرة التي تلقتها المؤسسة من السعودية وشركة "بوينغ" قد تزامنت مع إنجاز صفقة طائرات الـ F-15 مع السعودية.
الوجود السعودي في قلب حملة كلينتون الرئاسية يتجلى في حجم العقود التي أبرمتها وزارات وهيئات رسمية سعودية أخيراً مع شركات العلاقات العامة والضغط السياسي أو ما يُعرف بالـ Lobbying، التي تنشط كثيراً في الحملات الانتخابية. يتبين أن أغلب الشخصيات في هذه الشركات التي تحضر بقوة في حملة كلينتون، هي شخصيات عملت في طاقم إدارة بيل كلينتون في التسعينيات وساعدت هيلاري في حملتها الانتخابية للرئاسة عام 2008 وخلال حملاتها الانتخابية للكونغرس عن ولاية نيويورك بين 2000 و2009. الأخوان جون وتوني بوديستا، أبرز تلك الشخصيات، وشركتهما Podesta Group التي تدير حملة كلينتون، تُعدّ العميل المفضّل للسعوديين في عقود تبرمها الرياض مع الشركة منذ سنوات . تظهر سلسلة رسائل إلكترونية من الإيميل الخاص بجون بوديستا، نشرتها ويكيليكس قبل أيام ، نقاشاً جاداً دار بين فريق حملة كلينتون، والسؤال كان: "هل نقبل تبرعات عملاء شركات الـ Lobbying الذين يعملون لمصلحة جهات أجنبية؟"، لتحسم النقاش مديرة الاتصال في الحملة، جينيفر بالمييري، بقولها: خذوا الأموال.
المصدر/ الاخبار اللبنانية