مع فوز حزب العدالة والتنمية الإسلامي في المغرب بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، وبقائه على رأس الحكومة لولاية ثانية يتجدد النقاش القديم، حول لماذا تنجح تجربة الإسلاميين في الحكم في المغرب بينما تتعثر في المشرق العربي؟.
ويعدد المحللون كثيرا من الأسباب التي وفرت النجاح لتجربة الإسلاميين في المغرب، كما يعددون أسبابا أخري تؤدي بنظيرتها في المشرق العربي للفشل، ومن بين ما يعددونه خصوصية التجربة المغربية التي لا تتوفر لغيرها، ويرون أن الإسلاميين في المغرب بدأوا ضمن الدولة واعترفوا بمؤسساتها، وقبلوا بالعمل تحت مظلتها، كما أنهم آمنوا بفكرة العمل المتدرج الذي ينطلق من الإصلاح الجزئي انتهاء بالمشاركة السياسية الكاملة.
ويضيف المحللون من الأسباب أن حزب العدالة والتنمية في المغرب، نحى الأيديولوجية جانبا وعمل على أساس أنه حزب سياسي فقط، يهتم بطرح برامج الإصلاح السياسي والاجتماعي يقدم حلولا لمشكلات المجتمع من بطالة وفقر، ويعمل ضمن الإطار السياسي للبلاد محافظا على موقع الملك ك"أمير للمؤمنين"ورأس لهرم السلطة في البلاد.
وعلى عكس هذه الخصائص التي تميز التجربة المغربية، يرى المحللون أن تجربة الإسلاميين في المشرق، كانت مختلفة تماما وأنها أرادت تغيير كل شيء دفعة واحدة منتهجة النهج الثوري الكامل، وهو ما أثار الأنظمة الحاكمة ودفعها للتكتل ضدها بالتحالف مع أطراف أخرى فيما عرف بالثورة المضادة.
تجربة مميزة
يقول عبد العزيز العمري القيادي بحزب العدالة والتنمية المغربي، في حديث لنقطة حوار نحن في حزب العدالة والتنمية لدينا تجربة، تتمثل عناصر قوتها الأساسية في أننا انطلقنا من علاقة القرب مع المواطن، واهتمامنا بالقضايا التي تشغل باله فيما يخص التنمية الاقتصادية وقضايا العدالة الاجتماعية، كما أن ما يميزنا كحزب سياسي، هو أننا اشتغلنا بمنطق التعاون مع الأحزاب الأخرى وليس بشكل أحادي سواء على مستوى العملية السياسية أو على مستوى الشأن البلدي في المحليات.
ويضيف العمري اعتمدنا منهج الواقعية والتدرج في الإنجاز، كل ذلك بجانب نقطة أخرى مهمة، وهي أننا بنينا علاقتنا بالملك على مقتضيات احترام الدستور باعتبار موقعه كرئيس للدولة و"أمير للمؤمنين"، وكذلك يعتمد على منهج الواقعية والتدرج .
ويرفض العمري الحديث عن أسباب تعثر تجربة الإسلاميين في المشرق، قائلا إن كل تجربة أدرى بتقييم نفسها لكنه يقول إن اختلاف النظام السياسي في المغرب عنه في المشرق ربما ساهم بشكل كبير في صنع ما يسميه بالاستثناء المغربي، وهو يرى أن العاهل المغربي لعب دورا كبيرا في ذلك، إذ أنه استبق أحداث الربيع العربي بخطابه الشهير الذي تلته مراجعة سياسية وانتخابات مبكرة وهو الذي يراه العمري السبب الرئيسي في نجاح التجربة المغربية.
إسلاميو المشرق لم يفشلوا
اما الدكتور محمد عقل القيادي في جماعة الإخوان بالأردن، فهو يرى أن هناك تعسفا في الإصرار على القول بأن الاسلاميين في المشرق قد أخفقوا، وهو يرى أن إسلاميي المشرق هم أصل الفكرة وأصل الحركة وأصل التحرك الإيجابي، في التعاطي مع المجتمعات ومع الأنظمة. ويرى عقل أن محاولة حشر تجربة الإسلاميين في المشرق في فترة زمنية محدودة، قيل وسيقال فيها الكثير هو ظلم كبير لهم، ويقول إن مسار الإسلاميين في المشرق خلال العقدين الماضيين في الثمانينات والتسعينات، كان يمضي بشكل متدرج وتوافقي مع الأنظمة السياسية، للوصول إلى مشاركة كاملة بقدر ما تتيح هذه الأنظمة وهي في جلها شمولية لكن ما حدث هو أن الشعوب ثارت على أنظمتها، وكان طبيعيا أن يكون الإسلاميون في طليعة تلك الثورات، ومن ثم جاءت الانتكاسة بفعل تكتل الدولة العميقة ضد تلك الثورات في اصطفاف مع قوى خارجية بينها الاقليمي والدولي، ويرد عقل نجاح تجربة الاسلاميين في المغرب إلى النظام السياسي الواعي، وهو يرى أن عاهل المغرب كان صاحب مبادرة وهو الذي أنقذ بلده وفتح الباب لمشاركة فاعلة للإسلاميين.