2024-11-29 05:52 م

تقدم الأسد في حلب... يدب الذعر بأمريكا ونصرتها

2016-10-04
كتب الدكتور خيام الزعبي
تشهد مدينة حلب السورية مواجهات ومعارك شرسة بين الجيش السوري والقوى الرديفة له من جهة الجماعات المسلحة من جهة أخرى، إذ سجل الجيش السوري وحلفاؤه، إنتصاراً كبيراً بإستنزاف هذه الجماعات وألحقاها هزيمة فادحة بالأرواح والمقرات، غير أن بعضاً من مقاتليها هربوا من مناطق في حلب دون قتال بسبب التقدم الكبير للقوات السورية التي استطاعت من خلال خطة واسعة تدمير قدراتها وإستعادة المناطق المهمة شمال البلاد. لم تكد القوات السورية تعلن تحرير مدينة حلب بالكامل من قبضة الجماعات المسلحة والقوى المتطرفة، حتى أعلن الرئيس الأسد أن العلم السوري سيرفرف قريباً في سماء حلب، كما رفرف في تدمر وغيرها من المناطق المحررة من قبضة المتطرفين، فالسعي إلى تحرير أكبر معقل للمسلحين في سورية، لا يستأثر باهتمام الحكومة السورية وحدها، فالأصدقاء خاصة روسيا تعتبر تحرير حلب خطوة بالغة الأهمية لكسر شوكة المسلحين وأدواتهم في سورية. تأخذ العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش السوري في مختلف الجبهات في حلب طابع التقدم والسيطرة ومن ثم الحسم، حيث باتت مواقع المسلحين ضعيفة تتهاوى تحت ضربات الجيش السوري الذي حقق معظم مهامه القتالية بأسرع وقت ممكن، وتعول القيادة السورية كثيراً على العمل العسكري في محاربة "جبهة النصرة" والمجموعات الإرهابية التي نقضت كافة الإتفاقات فيما يخص هدنة وقف إطلاق النار، لذلك بدأ الجيش السوري وحلفاؤه عملية تحرير الأحياء الشرقية لحلب بعد بسط السيطرة على مناطق إستراتيجية شمالي المدينة، والتي تتيح لهم السيطرة على النقاط المهمة الواصلة بشرقها، كما فرضوا سيطرتهم على تلة أم الشقيف الإستراتيجية ورحبة الشقيف ليشرفوا على منطقة الشقيف الصناعية ويمدوا سيطرتهم النارية على دوار الجندول، وبذلك تكون معركة تحرير الأحياء الشرقية لحلب دخلت مرحلة حاسمة المستمرة في محيط المعامل كما تتواصل الإشتباكات بين الطرفين في محور بستان الباشا وسليمان الحلبي بمدينة حلب، وفي محور الشيخ سعيد جنوب المدينة، وشملت الإنجازات التي حققها الجيش السوري مناطق عديدة في شمال المدينة وغربها وسيطرت على حي الفرافرة قرب قلعة حلب ومن ثم استعادة مخيم حندرات ومشفى الكندي الإستراتيجي الواقع في المدخل الشمالي للمدينة وبالقرب من دوار الجندول الهام. ومن قراءة تطورات الميدان، ندرك أن أخطر الخطط التي لعبتها أمريكا في الفترة الأخيرة في سورية تمثلت في ورقة الهدنة التي عملت على تكريسها في حلب، بهدف تدويل الصراع ليبقى الحل رهين المساومات السرية بين أمريكا وروسيا بدل حوارات جنيف بين السوريين أنفسهم، وذلك من مدخل التنسيق العسكري بين القوات الروسية والأطلسية، وهو الإتفاق الذي مكّن أمريكا من الحصول من روسيا على قائمة الأهداف بشكل مسبق ساعدها على تجنيب المتطرفين ضربات محققة لإطالة أمد النزاع حد الإستنزاف، بدليل أن أمريكا إستغلت فترة الهدنة لضخ السلاح والمزيد من الإرهابيين إلى سورية . بعد تقدم الجيش السوري والقوات المتحالفة معه وبدعم جوي روسي في مناطق بشمال حلب خاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة، دعت قيادة الجيش السوري هذه الجماعات إلى خروج "آمن" من الأحياء الشرقية من حلب، وقالت القيادة في بيان لها " ندعو جميع المسلحين إلى مغادرة الأحياء الشرقية لمدينة حلب وترك السكان المدنيين يعيشون حياتهم الطبيعية"، وأضافت أن "قيادتي الجيشين السوري والروسي تضمنان للمسلحين الخروج الآمن وتقديم المساعدات اللازمة ". في هذا السياق وبالنظر إلى موزاين القوى الحالية والبعيدة المدى، لم يعد من الممكن إلا المراهنة على الحسم الميداني، وبحسب المهتمين في الشأن السوري ان الحسم الميداني سيكون العامل الأهم في عملية الحل السياسي، خاصة وان فشل الهدنة الأخيرة في حلب كشف بوضوح عدم جدية الأطراف الإقليمية والخارجية ومواصلتها الرهان على الإرهاب مع مواصلتها سياسة قضم الوقت واللعب على العامل الزمني حتى تتغير ظروف المواجهة، ووقف تقدم الجيش السوري في المدينة، فضلاً عن تعنتهم في تسوية الملفات الإقليمية في المنطقة، هذا ما يعزز نظرية أن طريق الحل السياسي يمر حتماً عبر الميدان، بهذا المعنى قد يكون من المستحيل فرض شروط الإستسلام العسكري والسياسي التي تجهر بها أمريكا وأعوانها في المنطقة. تكشفت خيوط المؤامرة التي تهدف إلى مساعدة المتطرفين وأخواتهم في سورية على تحقيق الهدف الذي من أجله دمروا سورية، إِذ تعمل بعض الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا إلى تحقيق هدف هذه الميليشيات، عبر تنفيذ أجنداتها في تدمير حلب وتغيير هويتها الثقافية وتراثها الحضاري والإنساني، لكن الجيش كان لهم بالمرصاد وأفشل كل خططهم وأمانيهم الشريرة، وأمام هذا المنحى أي حقد يدفع هؤلاء للنيل من حاضرة التاريخ والمجد وملتقى آمال السوريين؟ وما هذا الصمود الأسطوري للشعب السوري وجيشه ... أسئلة كثيرة ولا يوازي إجاباتها في الأهمية إلا هذه الصلابة وهذه الإنتصارات بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب على سورية. أعتقد أننا اليوم أمام مرحلة الحسم العسكري، فالمفاوضات وصلت إلى حائط مسدود وبالتالي فإن الحسم في سورية هو الحل لوقف نزيف الدم والجرائم التي يرتكبها المتطرفين وأدواتهم بحق السوريين، كما أن المرحلة القادمة ستحمل الكثير من التطورات التي ستحقق النصر في سورية من خلال الحسم الميداني وطرد المتطرفين من سورية، فخياراتهم تدخل نفقاً طويلاً من الخيبات، بعد ان سد الجيش بوجههم كل السبل بالرغم من تورط أمريكا الكامل بهذه المعارك. مجملاً.....إن القصف العشوائي للمدن السورية هو إستراتيجية وأهداف العدوان بما فيه إستهداف الأحياء السكنية لتدمير مقدراتها وتركيع شعبها، لكن سورية ستبقى صامدة، ومهما فعلوا لن ينالوا من شموخها، وبعدوانهم والحصار لن يحصدوا سوى الهزيمة والخيبة، وستبقى حلب صامدة بصمود الوطن في وجه هذه الحملة الشرسة والدول المتكالبة عليها من كل حدب وصوب، فمعركة حلب ستكون مرحلة مفصلية في تاريخ سورية كونها تحمل في جعبتها الكثير من المفاجآت التي ستغير شكل المنطقة، وبإختصار شديد، تتوالى المخاطر المحدقة بالمجموعات المسلحة والقوى المتطرفة الأخرى، بينما الشعب السوري يعيش زمن الانتصار والكرامة، وكله ثقة أن وطنا حراً كريماً مستقلاً، يتشكل على صفيح هذه المعركة، لذلك سنتوقع في الأسابيع المقبلة أن يكون هناك تحول كبير بالساحة السورية وتطورات كبيرة تعمل على تضييق الصراع في سورية، كما أن هناك بعض الدول ستخسر رهانها بالحرب على سورية، فالأحداث والوقائع الميدانية تشير إلى إنهيار كبير بين صفوف المتطرفين، يقابله صمود الشعب السوري وإصراره على تحرير حلب من الإرهاب وإجتثاثه من جذوره.
khaym1979@yahoo.com