كتب سمير الفزاع
بكلمات محدودة، كيف "نفهم" إعلان وزارة الدفاع السورية عن إسقاط طائرتين صهيونيتين، أحدهما قاذفة والثانية إستطلاعيّة مسيرة؟.
1- عبر إستهداف طائرات العدو فوق الأراضي السورية، حققت سورية عدة أهداف، منها:
* أن هناك طائرات معتدية، إخترقت أجواء وسيادة سورية فمارست سورية قرارها السيادي بالدفاع عن نفسها، وحقها القانوني بحماية أجوائها.
* هذا الخرق الصهيوني يأتي في سياق الدعم لهجوم تشنه جماعات إرهابية، وعلى رأسها النصرة، على مواقع الجيش العربي السوري وحلفائه وقرى وبلدات آمنة... ما يعطي سورية سنداً إضافيّاً لإستهداف هذه الطائرات وفق "تفاهمات" لافروف-كيري، والتي دعت "الجماعات المسلحة المعتدلة" لفك إرتباطها مع "النصرة" المصنفة إرهابياً، والتي ستتعرض للإستهداف الروسي-الأمريكي وفق ذات التفاهمات.
* وضع حدّ لإرتفاع وتيرة إستهداف سلاح جو العدو لمواقع الجيش العربي السوري، والإمكانات اللوجستية الضخمة التي وفرها للجماعات الإرهابية في المنطقة العازلة –نقل حوالي 300 جريح ارهابي لمشافي العدو خلال أيام- لإنهاء مساعيه الجديّة بإحداث خرق واسع في الجبهة الغربية بحماية مباشرة من سلاحه الجوي، والخطوط الحمر التي ترسمها طائراته.
* بخطوة غاية في الذكاء، جاء بيان القيادة العامة ليعلن: "قام طيران العدو الإسرائيلي بالاعتداء على أحد مواقعنا العسكرية بريف القنيطرة، فتصدت وسائط دفاعنا الجوية... ويأتي هذا العدوان السافر في إطار دعم العدو الصهيوني للمجموعات الإرهابية المسلحة"، لتتلقف وسائل إعلام العدو الخبر الصادم، وتبدأ بالنشر والتحليل... وبعد رفضه، في وقت سابق، التعليق على أنباء إسقاط الطائرتين، موضحاً أنه "يدقق في المعلومات المتوفرة"، نفى جيش العدو ما أعلنته القيادة العسكرية السورية. وصرح المتحدث باسم جيش الاحتلال، آري شاليكار، لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" قائلاً: "ليس هناك أي صحة في ذلك"، فيما أفاد متحدث آخر هو الكولونيل بيتر ليرنر، في تغريدة على "تويتر"، بأن "صاروخي أرض-جو أُطلقا من سورية بعد المهمة التي نفذها الطيران الإسرائيلي ليلاً على مواقع للمدفعية السورية، ولم يكن أمن الطيران في خطر في أي وقت"!؟... وبعد أن إضطرت قيادة جيش العدو للإعتراف بالواقعة مع نفي إسقاط الطائرة، ظهر "الفخ" الذي وقع فيه العدو، والذي تحدث عنه لافروف سريعاً عندما أكدّ خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره من لوكسمبورغ، على "ضرورة الالتزام بقرارات مجلس الأمن في محاربة الإرهابيين المنتشرين في الجولان السوري... وضبط النفس وتفادي الأعمال الاستفزازية"، ليجد العدو نفسه وحيداً في موقف الداعم للإرهاب ولا يمكن لأحد مؤازرته فيه من جهة، ومصدوماً بالرد السوري من جهة ثانية.
3- يوم أمس شهدت العاصمة دمشق وجارتها القنيطرة، زيارتين هامتين جداً: الرئيس بشار حافظ الأسد في داريا معلناً هزيمة مشروع "الموك" للسيطرة على غوطة دمشق تمهيداً لغزو دمشق... وزيارة رئيس هيئة الأركان العماد على أيوب لمواقع عسكرية في القنيطرة مؤكداً على تجذر الجيش والأهالي هناك وتصميمهم على دفن "الجدار الطيب"، وفي المشروعين الموك والجدار الطيب، لكيان العدو الصهيوني اليد الطولى... وهكذا تأتي صواريخ ارض-جو السورية لتنهي أي وهم بالانتصار لهذين المشروعين على ارض سورية، ولتؤكد معاني زيارة "الأسد" و"أيوب" وبالنار.
4- ربما كان واحد من اخطر الخلاصات التي تحدث عنها إعلام العدو عندما قال، إن الجيش السوري يخوض معركة على مستوى الوعي" وهذا يعني :
*ربما هي المرة الأولى التي تتحدث فيها وزارة الدفاع السورية عن إجراءات ميدانية رادعة إزاء عدوان جوي صهيوني، وهذا تحول نوعي في طبيعة صراع سورية المباشر مع العدو، ونقله من توجيه الضربات السرية وعبر طرف ثالث إلى المواجهة المباشرة.
* هو يخوض معركة وعي لدى جمهوره ليُعدهم لحرب تحرير لا بد قادمة، ويخاطب وعي قاطني الثكنة الصهيونية بأن هذا التحرير قادم، وان جبهة أسكتتها اتفاقية فض الاشتباك قبل عقود في طريقها للاشتعال مجدداً، وأن نبوءة بن غوريون حول الجحيم القادم من الشمال في طور التحقق.
*يظهر البيان بان هناك قراراً سورياً بتحدي المشاريع الصهيونية والتصدي بشكل حاسم لخروقاته الجوية أي كانت التبعات والنتائج، وهذا القرار يعني الكثير والكثير لأعداء إعتقدوا بأن سورية وصلت إلى حالة الإنهاك والضعف.
* منذ المناورة الجوية التي نفذتها مقاتلات سورية ضد الطائرات الأمريكية فوق الحسكة، وصولاً لإستهداف طائرات العدو الصهيوني فوق القنيطرة يتأكد للمتابع بأن هناك خط أحمر سوري لا يمكن التساهل معه أبداً: ممنوع توفير غطاء جوي لأي قوة انفصالية إرهابية مهما كان شكلها ولونها وفي أي بقعة من سورية كانت.
*وجهت صواريخ ارض جو السورية هزة حقيقية لوجدان ووعي المواطن السوري والعربي عموماً، وضربت في الصميم تلك الدعاية المشؤمة حول "شراكة" بين "النظام السوري" وكيان العدو، و"خمول" جبهة الجولان... وصولا إلى و جود ثورة سورية وطنية تدعمها "ببراءة" قوى ودول إقليمية ودولية، ليظهر بكل وضوح بأنها أدوات لتل أبيب وشريكتها في الحرب على سورية.
*بعد إسقاط طائرات العدو المسيرة فوق الديماس ودرعا يأتي استهداف طائراته الحربية كارتقاء في مستوى المواجهة ميدانيا، وعلى مستوى كيّ وعي العدو إدراكيّاً.
* كلمة أخيرة:
حتى اللحظة، لم تكتفي وزارة حرب العدو وحكومته بالصمت المطبق؛ بل وحظرت على وسائل الإعلام نشر أي خبر يتعلق بإسقاط الطائرتين... والرواية الوحيدة التي بقيت صامدة في الميدان هي رواية السورية، وحتى يجدوا مخرجاً "لمأزقهم" بين نفي قد تفضحه الصور والأفلام أو تأكيد يستوجب الردّ في زمن يستحيل فيه الردّ... سنتركهم نهباً وفريسة لذلك المأزق، الذي وصفته "معاريف" كما يلي، مع التحفظ على بعض الوقائع: (الأسد ينهي على هذا النحو جولة الحوار الأولى في العهد الحديث بين "إسرائيل" وسورية.. هذه المرة مرت الصواريخ بالقرب من الطائرات فمن يعلم ماذا سيحصل في المرة المقبلة؟)... والأمر ذاته ينطبق على أردوغان، الذي نبهته رسائل الصواريخ السورية لمأزق قد "يلتهم" أحلامه خارج تركيا وداخلها... إنه القول الفصل والكلمة الأخيرة، والتي لن تكون إلا سورية.
قراءة في صواريخ القنيطرة؟
2016-09-15