2024-11-29 04:38 م

لماذا وافق الرئيس عباس على لقاء موسكو بحضور بوتين؟!

2016-09-11
القدس/المنـار/ القيادة الفلسطينية لم ترفض يوما أية خطوات جادة نحو عملية سلام حقيقية، تنهي الاحتلال الاسرائيلي، وتفضي الى سلام شامل وعادل ينهي الصراع بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وبطبيعة الحال من أجل الوصول الى ذلك، لا بد من مفاوضات بين الجانبين، ولأن اسرائيل لم تلتزم بعوامل نجاح هذه المفاوضات، ولم تقم بدفع الاستحقاقات المطلوبة منها، بقيت المفاوضات تدور في حلقة مفرغة، وأوقفت القيادة الفلسطينية هذا العبث، وما تزال في جمود، ولم تستأنف حتى الان.
وخلال فترة الجمود لم توقف اسرائيل ممارساتها القمعية مختلفة الأشكال وفي كل نواحي الحياة، وازدادت حدة الانتقاد الدولي لها، في حين تواطأ راعي عملية السلام، ولم تعد واشنطن معنية بمفاوضات جادة ولم تمارس ضغوطا على اسرائيل في هذا الاتجاه.
ومنذ أشهر قليلة، رأينا جهودا دولية داعية الى استئناف المفاوضات، وحذرت عواصم عديدة من استمرار الجمود في عملية السلام، وكانت دعوات لمؤتمرات اقليمية ودولية، واتصالات ثنائية، الهدف منها استئناف المفاوضات، واشترطت القيادة الفلسطينية أن تعلن تل أبيب عن وقف الاستيطان، والالتزام بجدول زمني وضمانات جدية، مع اطلاق سراح الدفعة الأخيرة من معتقلي ما قبل اتفاق اوسلو، ووضعت القيادة الفلسطينية، هذه الشروط قاعدة أمام كل جهة تدعو الى استئناف المفاوضات، وما تزال متمسكة بها.
ثم تحركت دول عربية باتجاه موسكو لجمع الرئيس الفلسطيني مع رئيس الوزراء الاسرائيلي برعاية روسية، وتحرك هذه الدول جاء بعد اتصالات علنية، وسرية بينها وبين اسرائيل، والدول المذكورة، لها أهدافها الخاصة من وراء عقد اللقاء واستئناف المفاوضات، أهدافها تطورات الاحداث في المنطقة، وسياساتها التي لم تحقق أهدافها في ساحات اخرى، تعاني من ارهاب تدعمه أكثر من ثمانين دولة، فكان لجوئها الى الورقة الفلسطينية، تعبر من خلالها الى الباب الاسرائيلي اشهارا وتطبيعا للعلاقات. 
الدعوة الروسية، هي استكمال للدور الروسي المتزايد في ملفات المنطقة، في ظل تراجع للدور الأمريكي، وبالتالي دعت موسكو لعقد اللقاء، ووافق الرئيس عباس ونتنياهو على اللقاء برعاية الرئيس فلاديمير بوتين، ومع موافقة الرئيس الفلسطيني على الدعوة الروسية انطلقت الانتقادات الى حد اتهامه من جانب البعض بالتفريط والتراجع عما وعد به بعدم التفاوض الا بشروط، وهي ليست شروطا وانما استحقاقات ملزمة لاسرائيل.
موافقة الرئيس محمود عباس جاءت رد جميل لروسيا حيث علاقات قوية تربطها مع فلسطين، وروسيا سند تاريخي للشعب الفلسطيني والرئيس بوتين يدرك تمام مطالب الفلسطينيين والاستحقاقات التي على اسرائيل دفعها.. هذا من جهة، أما من جهة ثانية، فموافقة الرئيس على اللقاء مع نتنياهو في موسكو يبعد عن شعبنا ما تحيكه دول المتابعة العربية، التي "صحت" فجأة، لتنطلق تآمرا واشعال فتنة في الساحة الفلسطينية للعبور منها الى الخندق الاسرائيلي، تحالفا ونطبيعا مع اسرائيل عداء لايران، والثمن تصفية القضية الفلسطينية. وهناك، سبب آخر دفع الرئيس عباس للموافقة على لقاء موسكو، وهو أن اللقاء لا يعني استئناف المفاوضات، وانما دراسة هذا الامر من كل جوانبه وطرح الاستحقاقات بحضور روسي ضامن، والرئيس عباس، عندما وافق على الدعوة الروسية بعد دراسة وافية، أخذ في الحسبان التطورات في الساحة العربية والتحالفات القائمة، أخطارا وأهدافا وشرورا، فجاءت موافقته مستندة الى هذه العوامل الاربعة.
واذا ما نجحت الدعوة الروسية في جمع الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الاسرائيلي في موسكو، فهذا لا يعني أن المفاوضات سوف تستأنف في اليوم الذي يلي اللقاء المذكور، أو أنه دليل على موافقة فلسطينية على عملية تفاوضية امتدادا على موافقة فلسطينية على عملية تفاوضية امتدادا للمفاوضات السابقة، فالشروط ما تزال قائمة، سيطرحها الرئيس عباس مجددا على نتنياهو بحضور الرئيس الروسي، وعندها الكرة في الملعب الاسرائيلي، بمعنى، عل توافق اسرائيل على الاشتراطات الفلسطينية أم لا، فاذا كان الرد ايجابيا، يمكن استئناف المفاوضات على قاعدة سليمة، أما اذا كان الرد سلبيا، فان الحرب السياسية مع اسرائيل سوف تستمر، وقد يكون استمرار التعنت الاسرائيلي ورقة في يد أصحاب الجهود المبذولة لممارسة ضغوط جادة على تل أبيب للانصياع الى رغبات المجتمع الدولي، والا فان البديل هو تصاعد التوتر ليصل الى حد الانفجار في المنطقة، وهذا ما لا تريده دول التأثير وحتى تلك الراعية للارهاب والصامتة على جرائمها حتى لا تنكشف أدوارها وسياساتها؟!