2024-11-29 09:30 م

الاميركيون يتملصون من "انحراف" البنادق التركية وتركيزها على الاكراد بدلا من داعش

2016-08-30
كتب محرر الشؤون العربية في صحيفة "السفير" اللبنانية
أثارت واشنطن أمس زوبعة مفاجئة من الملاحظات والاعتراضات على الأداء العسكري التركي في الشمال السوري، على الرغم من أنها في مستهل الغزو التركي، أيّدت وباركت، بل أكدت المشاركة الأميركية في العمليات العسكرية عبر الدعم الجوي.
وبعد أيام على انفضاض مفاوضات جنيف الأميركية ـ الروسية من دون نتائج تذكر، استأنف سلاح الجوي الروسي غاراته الجوية، وشن ليل امس سلسلة ضربات على مواقع لـ«جبهة النصرة» و «حركة أحرار الشام» في ادلب، وحاجر مدينة سراقب وعلى الطريق الواصل بين بنش وسرمين.
وتطرح الانتقادات الأميركية تساؤلات إضافية حول طبيعة الموقف الأميركي من وجهة المدافع التركية في الشمال السوري، وحقيقة العلاقة التي باتت تربط البلدين «الحليفين»، وتثير تساؤلات عما اذا كان الغزو التركي يحظى بتأييد جدي في الادارة الاميركية وقواتها المسلحة التي تناوبت على يوم الانتقادات الطويل للأتراك.
كما تجيز هذه المستجدات التساؤل عما اذا كان الاميركيون يحاولون التملص مما يعتبرونه «انحراف» البنادق التركية وتركيزها على الأكراد، بدلا من «داعش» التي قامت بما يشبه «التسلم والتسليم» في مدينة جرابلس، وبلا طلقة واحدة أمام تقدم القوة التركية الغازية، وهي مستجدات تأتي قبل أيام من القمة الاولى التي ستجمع الرئيسين باراك أوباما ورجب طيب اردوغان، منذ انقلاب تموز الفاشل، الاحد المقبل في الصين، وبعد أيام فقط على زيارة نائب الرئيس الاميركي جو بايدن الذي حرص على إظهار كامل الدعم الاميركي للهجوم التركي.
معلومات «السفير» أشارت أمس الى اتصالات على المستوى الأمني تجري بين أنقرة ودمشق، قد تتطور لاحقا الى اتصالات سياسية. نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش قال بعد ساعات إن كل الأطراف تبلغت بالعملية العسكرية، بما في ذلك سوريا عبر موسكو.
ولهذا، فإن من شأن هذه الانتقادات الأميركية المفاجئة أن تفتح الباب أمام سيل آخر من التساؤلات حول حقيقة الموقف الاميركي من الأحداث الاقليمية الجارية، ما بين موسكو وأنقرة، بالاضافة الى دمشق وطهران، وبغداد التي استضافت سرا اللقاء الأمني بين الأتراك والسوريين، خصوصا بعد الاتفاق على الاختلاف الذي ظهر واضحا في ختام مفاوضات وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف الجمعة الماضي.
وقد تتخذ العمليات العسكرية التركية مسارا آخر الآن في ظل الانتقادات الاميركية وازدياد الغوص التركي في مستنقع الشمال السوري، وبدء سقوط قتلى وجرحى في صفوف القوات التركية، الى جانب تزايد أعداد الضحايا المدنيين السوريين في الغارات التركية.
نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس قال ان اوباما واردوغان سيبحثان الاحد المقبل «الحملة ضد تنظيم داعش وضرورة البقاء موحدين»، مشيراً إلى أنّ أوباما يريد مناقشة محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا «وكذلك جهود تعزيز الاستقرار في سوريا وحل أزمة اللاجئين».
وفي سياق الحاجة الى «البقاء موحدين» التي أشار اليها رودس، قال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر «دعَونا تركيا لإبقاء التركيز على قتال الدولة الإسلامية وألا تشتبك مع قوات سوريا الديموقراطية، وأجرينا عدداً من الاتصالات خلال الأيام القليلة الماضية».
وأشار كارتر الى أن الولايات المتحدة تعمل مع تركيا لإيضاح عناصر الاختلاف الموجودة بين أنقرة والقوات الكردية، موضحاً أن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دنفورد تحدث إلى نظيره التركي أمس الأول الأحد.
وذهب رودس أبعد من ذلك قائلا إنه يعارض توغل تركيا في مناطق تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب» الكردي، معتبراً أن أي إجراء إضافي ضد «قوات سوريا الديموقراطية سيعقد الجهود لإقامة الجبهة الموحدة التي نريدها ضد داعش».
وأشار رودس الى أنه لم يتم التوصل «الى اتفاق مع روسيا حول سوريا»، مشيراً الى ان «نافذة التوصل الى وقف لإطلاق النار في سوريا ستغلق وعلى موسكو التحرك سريعاً».
من جهته، قال المبعوث الأميركي الخاص للتحالف الدولي ضد «داعش» بريت ماكغورك «نريد أن نوضح أننا نرى هذه الاشتباكات، في المناطق التي لا وجود للدولة الإسلامية بها، غير مقبولة ومبعث قلق بالغ».
أما المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية «البنتاغون» بيتر كوك فقد اشار الى أن القوات الاميركية لا تشارك في العمليات العسكرية ضد الاكراد، لافتاً إلى أنه «لم يتم التنسيق مع القوات الاميركية في شأن الاشتباكات ونحن لا ندعمها»، موضحا أن واشنطن طالبت «وحدات حماية الشعب» الكردية بالعودة إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات، مشيراً إلى أن التراجع «حدث إلى حد كبير».
وأعلن مسؤول عسكري اميركي، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن القوات الكردية انسحبت «بالكامل» الى شرق الفرات، موضحاً أن عملية الانسحاب التي تعد مطلباً رئيسياً لأنقرة، تمت تقريبا خلال يوم الاحد.

الموقف التركي
لكن اردوغان أعلن في بيان أن هجوم «درع الفرات» سيتواصل حتى «ينتهي تهديد داعش ووحدات حماية الشعب الكردي وحزب العمال الكردستاني»، مؤكداً أن بلاده ستتخذ كل الخطوات والاجراءات داخل الاراضي التركية وخارجها لحماية مواطنيه.
وقال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش إن احد ابرز اهداف «درع الفرات» هو منع إقامة ممر كردي ممتد من العراق إلى سوريا.
وأشار قورتولموش الى انه تم ابلاغ جميع الاطراف بالعملية التي بدأتها تركيا في سوريا الاربعاء، بما في ذلك دمشق، قائلا «تم إبلاغ جميع الاطراف المعنية .. بما فيها الادارة السورية التي تم إطلاعها من خلال روسيا. نحن متأكدون من ذلك».
ونقلت شبكة «أن تي في» التركية عن قورتولموش قوله، إنه إذا نجح الاكراد في إقامة الممر «فإنه يعني ان سوريا أصبحت مقسومة»، ونفى أن تكون تركيا في حالة حرب، قائلاً «نحن لا نسعى الى ان نكون قوة دائمة في سوريا، تركيا ليست دولة غازية، تركيا لا تدخل حربا».
ورداً على الانتقادات الاميركية، أكد وزير شؤون الاتحاد الأوروبي التركي عمر تشيليك أنه «لا يحق لأحد أن يقول لنا أي تنظيم إرهابي يمكننا قتاله وأي تنظيم نتجاهله».
المصدر: "السفير" اللبنانية