2024-11-30 12:34 م

خطة ليبرمان.. تحديات وأخطار تستهدف المشهد السياسي الفلسطيني

2016-08-19
القدس/المنـار/ خطة "العصا والجزرة" التي أعلن عنها وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان، تحمل في طياتها أخطارا كثيرة وكبيرة، من حيث الأهداف والبرامج والتوقيت، وطبيعة ما يحاك ضد الشعب الفلسطيني وقيادته وقضيته، وهي تأتي في ظل وضع عربي مأساوي، حيث تتواصل المؤامرة الارهابية والحرب الكونية على ساحات الأمة وبشكل خاص الدولة السورية وشعبها، وكذلك، هناك الانقسام المدمر في الساحة الفلسطينية، وهو حلقة من حلقات هذا الربيع الدامي. فهذه الخطة "العصا والجزرة"، وما جاء فيها من تسهيلات، هي خطة قديمة ونتاج توصيات المؤسسة العسكرية والأمنية، في عهد موشيه "بوجي" يعلون، وزير الدفاع الاسرائيلي السابق، وتم اعدادها بمشاركة قيادة المنطقة الوسطي وجهاز المخابرات الاسرائيلي "الشاباك"، بالاضافة الى منسق أعمال الحكومة الاسرائيلية في المناطق الفلسطينية، الذي يتصرف كمسؤول أول في الضفة الغربية، وهو المسؤول الاعلى لما يسمى بـ "الادارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال، التي أقامت قبل سنوات شعبة للعلاقات العامة أشرفت على وضع خطط للتواصل مع المجتمع الفلسطيني، وقامت بتنظيم زيارات لمسؤولين فلسطينيين ورجال أعمال الى داخل اسرائيل، دون أن تتعقب السلطة الفلسطينية هذه العملية أو تتابعها، وتدرس آثارها وانعكاساتها ومضامينها، وما يدور خلالها من مشاورات واتصالات وطروحات. ويحاول ليبرمان من خلال خطته اثبات وجوده على رأس هرم المستوى العسكري، فهو يتمنى الوصول الى قمة الهرم السياسي في اسرائيل، ويسعى الى استغلال ما نسجه من علاقات وربط للخيوط مع قيادات فلسطينية وعربية، حافظ عليها حتى وهو خارج الائتلاف، في محاولة رسم ملامح المشهد السياسي القادم في الساحة الفلسطينية. ويبدو أن رئيس وزراء اسرائيل، بنيامين نتنياهو، قد "غسل يديه" من امكانية استئناف الاتصالات مع قيادة السلطة الفلسطينية، التي اصبحت خلف ظهر المستوى السياسي في اسرائيل، وهو ما يفسر عدم تعليق نتنياهو على الخطة المذكورة ، وهو الذي صرح قبل أيام قليلة من اعلان ليبرمان عن خطته بأنه (يهتم برفاهية الشعب الفلسطيني أكثر من زعمائهم!!)، وأيضا ما تحدث عنه رئيس الشاباك "ارغمان" قبل اسابيع بأن الرئيس عباس (يستعد للرحيل)..!!، فكل ما يريده رئيس الوزراء الاسرائيلي وقيادات أجهزته العسكرية والامنية وليبرمان نفسه هو محاصرة القيادة الفلسطينية وفي نفس الوقت الابقاء على العلاقة الأمنية مع الأجهزة الامنية الفلسطينية وافيغدور ليبرمان الذي لا يفقه شيئا في أمور الوزارة التي يتولاها يبحث عن دور لتعزيز مكانته في اوساط اليمين وفي الحلبة السياسية،  وهذا الدور يتركز بالبحث عن قيادة فلسطينية بديلة تخلف القيادة الحالية برئاسة محمود عباس، فالوزير ليبرمان الذي يقف على رأس المستوى الأمني بدأ علانية البحث عن هذه القيادة، وخرج من دائرة الصمت بشأن هذه المسألة، التي نوقشت كثيرا في الدوائر الاسرائيلية ذات الاختصاص ولكن وراء الأبواب المغلقة. ويدرك ليبرمان أن تطورات قادمة سوف تشهدها الساحة الفلسطينية، وتدخلات من دول الاقليم هو على علم بها، تناقش مسألة الوراثة والخلافة، لذلك دعا المراسلين العسكريين ليطرح خطة قديمة، لكن، بتغليف جديد ببصماته، لقد طرح نفس البضاعة، معلنا في الوقت ذاته أنه سيتواصل مع أشخاص بعيدا عن السلطة والقيادة الفلسطينية، وهذا يعني أنه يبحث عن أجسام جديدة، أي قيادة جديدة بترتيب اسرائيلي، وتل أبيب تضمن الموافقات الاقليمية والعربية تحديدا، ولم  يتطرق ليبرمان الى الانتخابات البلدية الا بالايجاب، واعلان عدم التدخل، وهذه الانتخابات تباركها امريكا ودول اوروبية، لكن، وفي ضوء خطة ليبرمان، فان الفائزين في هذه الانتخابات سيمثلون طرف التعامل الاول بالنسبة لاسرائيل تحت شعار انهم منتخبون، اي الالتفاف على القيادة الحالية المستهدفة من جانب وزير الدفاع الاسرائيلي. ان هناك خيارات اسرائيلية حول المشهد السياسي الفلسطيني الذي سيخلف الرئيس عباس، ويبدو أن خطة ليبرمان العصا والجزرة، الترغيب والترهيب، هي بداية طرح هذه الخيارات، وكما تؤكد بعض الدوائر، فان خيارات اسرائيل مرسومة مع عواصم عربية، أو أن هذه العواصم تدعم هذه الخيارات، لأن هناك عواصم خليجية، هي الاخرى تتحرك لتغيير وقلب المشهد السياسي الفلسطيني الحالي، عبر ايجاد وتسويق قيادة بديلة، تحظى برضى ومباركة ومساندة اسرائيل، وغالبا اعضاؤها من مقاولي الانظمة وتلك الشخصيات التي لا ترغب في رؤية المشهد السياسي الحالي قائما ومستمرا. ويتضح من خطة ليبرمان، أن هناك مساعي حقيقية لرسم صورة القيادة الفلسطينية الجديدة، للضغط على القيادة الحالية واسقاطها، لرسم مشهد سياسي جديد، يتعاطى مع المخطط والمشاريع الاسرائيلية دون نقاش، وهو ما يبحث عنه وزير الدفاع الاسرائيلي، فريق جديد ينشغل بتعزيز مواقعه في الساحة اقتصاديا بالدرجة الاولى، دون تأثير في الجانب السياسي، دون قرار، بل امتثال لتعليمات واوامر، فريق جديد لسنوات خلالها تكون اسرائيل قد نفذت ما تريده على الارض، وعندها، لن يبقى شيء للتفاوض عليه مع الفلسطينيين. واليمين الاسرائيلي لا يريد مفاوضات مع الجانب الفلسطيني لحل خلاف أو نزاع جغرافي، انما يريد تعايشا مع الفلسطينيين قائما على الرخاء الاقتصادي، اي العودة الى ما طرحه نتنياهو واسماه بالسلام الاقتصادي.  خطة ليبرمان جد خطيرة، فهي التفاف على القيادة الحالية، وابتعاد عن ملامسة القضايا الجوهرية للصراع، وترتيب قيادة جديدة تتماهى مع المصالح والتحركات الخاصة ببعض الدول العربية، واعتماد البرامج الاقتصادية والتسهيلات الانسانية قواعد لحل تصفوي للقضية الفلسطينية، ولا تستبعد دوائر مطلعة، أن يلجأ وزير الدفاع الاسرائيلي المسؤول عن شؤون الاراضي المحتلة، وطواقمه الى التعاطي مع الكتل الفائزة في الانتخابات البلدية في حال اجريت في الاسابيع القادمة، وذلك في خطوة التفافية وتجاوزا للقيادة الفلسطينية الحالية. ان خطة ليبرمان تحمل في طياتها دلالات كبيرة ومخاطر أكبر، ساهمت في اخراجها حصار بعض الانظمة للقيادة الفلسطينية الحالية، وارتباطات العديد من القيادات الفلسطينية بأجندات غربية خارجية، خطورة تستدعي حذرا من القيادة، وتقييم مواقف، ورص صفوف، واعادة النظر في مسألتي التواصل والقنوات السرية مع التركيز على حسن الاختيار، "أي أن لا تنام القيادة على اذانها"!! والمهم أيضا أن يتوقف البعض عن التفسيرات الفجة، السطحية لما طرحه ليبرمان، انها تفسيرات خاطئة نابعة من قصر نظر وعدم ادراك وفهم، فالمسألة أخطر من ذلك بكثير.