2024-11-29 05:36 م

العلاقات الايرانية الفلسطينية بين التقييم والقطيعة

2016-08-05
القدس/المنـار/ كتب المحرر السياسي/ يبدو أن خطوة القيادة الفلسطينية الأخيرة المتمثلة بحضور رمزي لها في مؤتمر للزمرة المسماة بالمعارضة الايرانية الذي تبنته ومولته المملكة الوهابية السعودية، واحتضنته الاستخبارات الفرنسية، وما تبع المؤتمر من اشهار لهذه المشاركة، جاء ردا على اسناد ايران لفصائل فلسطينية معنية دون غيرها، لكن، المبدأ ثابت لم يتغير لدى الجانبين الايراني والفلسطيني، فشعب فلسطين وقيادته لا ينكر الدعم الايراني له، ويثمن غاليا موقف طهران من القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وبالتأكيد تعترف القيادة الفلسطينية بالدور المؤثر للجمهورية الاسلامية الايرانية في الساحتين الاقليمية والدولية، ومحاربتها لقوى الشر والارهاب في المنطقة، وتقف الى جانب الشعوب العربية في وجه مؤامرة تمزيق وحدتها وأراضيها، وقيادة ايران هي التي رحبت بفلسطين لتأخذ مكان سفارة اسرائيل في طهران، بعد نجاح الثورة مباشرة.
ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد لشعب فلسطين معنية بعلاقات متينة متطورة مع ايران، رغم وجود العديد من المحاذير والاعتبارات التي تدركها طهران جيدا، ولا تريد لهذا الممثل أن ينزلق الى دائرة الحرج، وليس خافيا على أحد أن ايران تقدر وضع القيادة الفلسطينية وحساسيته، وما يؤكد ذلك، وقوف الشعب الايراني الى جانب الشعب الفلسطيني.
لكن، هناك دول وقوى تكفيرية وفاشلة ومأزومة تدفع بالقيادة الفلسطينية الى معاداة ايران، لأهمية القضية التي تمثلها هذه القيادة، ويبدو، من هنا جاءت "نغمة" الاتصال مع الزمرة التي تطلق على نفسها بالمعارضة الايرانية، التي قتلت وخانت وتآمرت، وارتكبت جرائم بشعة بحق علماء ايرانيين ونفذت عمليات تفجير وحشية في الساحة الايرانية.
ان التوتر في العلاقات الفلسطينية الايرانية، ليس في صالح الطرفين، وعليهما أي ايران وفلسطين أن تعيدا حساباتهما، وقبل كل شيء لا يمكن أن تكون فلسطين في الخندق المعادي لايران الى جانب خونة وأعداء الأمة والدين، وهذا حجر الاساس والمحور المركزي في العلاقة الفلسطينية مع طهران، ومن هنا المنطلق، نحو تقييم العلاقات والمواقف ومراجعة الحسابات، وبالنسبة للجانب الفلسطيني، هناك قوى مرتدة كالمملكة التكفيرية السعودية، تريد جر القيادة الفلسطينية الى الخندق التضليلي المتهافت، الخندق الذي يرى في ايران عدوا وليس اسرائيل، ولا نعتقد أن القيادة الفلسطينية تقبل على نفسها ذلك، أو أن تتجاوز مواقف ورغبات شعب فلسطين الذي يرى في الشعب الايراني الداعم والمساند والمشارك بقوة في محاربة الارهاب وداعميه، هذا الارهاب الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وان كان هناك فتور في العلاقات بين القيادتين الفلسطينية والايرانية، قد يصل الى درجة القطيعة، هو عدم المصارحة بين الجانبين والتأخر في مراجعة المواقف والالتقاء معا على طاولة واحدة لنقاش كافة المسائل وتفاصيلها.
فالقيادة الفلسطينية تأخذ على ايران دعمها لفصائل بعينها في الساحة الفلسطينية، بعيدا عنها، ودون التنسيق أو التشاور معها، وأيضا، عدم دعم طهران للقيادة الفلسطينية وشعبها، وبالتالي، هناك ضرورة قصوى ومصلحة عليا لتلاقي القيادتين، تبديدا للفتور وتفاديا للقطيعة والمضي في الانزلاق الذي يؤدي الى الكارثة، فالموقف الفلسطيني اتجاه "زمرة المعارضة" المشكلة من جانب أجهزة استخبارية واقليمية ودولية، لم يتغير عمليا، ومكانة ايران لدى الفلسطينيين جميعهم وعلى اختلاف تياراتهم عظيمة ولا مساس بها.
لكن، يجب الابتعاد عن سياسة "النكاية" وارضاء الغير، ولا بد من حوار صريح هادف، بين الجانبين، وكذلك، أن لا تستثني طهران القيادة الفلسطينية وشعبها من الدعم والاسناد، حتى تمنع الانزلاق وتبعاته، فالقوة الصادقة والحاسمة والحازمة في دعم شعب فلسطين هي ايران، وليس غيرها، قوة عظيمة يستند اليها، لا كبعض القوى التي تعتمد "الموسمية" في علاقاتها مع القيادة الفلسطينية، وتنتهج الكذب والمصالح الخاصة، تدعي الحرص على شعب فلسطين وقيادته، وفي ذات الوقت تواصل غلق الأبواب في وجه هذه القضايا.
وما نتمناه ونرجوه، في هذه المرحلة وتحديدا أن تعاد الحسابات وتناقش الخلافات، وأن تعمد ايران نصيرة الشعوب الى توجيه دعوة رسمية الى الرئيس عباس لزيارة طهران، تبديدا للفتور في العلاقات، وتحديد أوجه الدعم والاسناد ، أما بالنسبة لتلك الزمرة المارقة المسماة بالمعارضة الايرانية، فكل فلسطيني يدرك ويعي، أنها منبوذة فلسطينيا، لكن، ما اتخذ مؤخرا من خطوات هي من منطلق العتب والنكاية، بمعنى، أن طهران السند الحقيقي لشعب فلسطين لا نقبل لها أن تتعاطى مع هذا الفصيل أو ذاك، متجاهلة القيادة الفلسطينية.