بقلم: رفعت بدوي*
في ظل ما حكي اخيراً عن تباين في وجهات النظر بين ايران وسورية من جهة وروسيا من جهة اخرى حول الاستراتيجية التي تم اتباعها في الحرب الدائرة في سوريه قامت شخصية روسية رفيعة المستوى تعتبر مقربة جداً من مركز القرار الروسي بزيارة الى الى لبنان وسوريه بهدف شرح الموقف الروسي من القرار عينه الذي افضى الى تقليص الدعم الروسي في الجبهات السورية بالاضافة الى اكتشاف واستنباط طرق الحل في سورية عن طريق دفع حقيقي في المفاوضات السورية
شخصياً حظيت بلقاء منفرد مع تلك الشخصية مستمعاً وشارحاً لحيثيات القرار الروسي من جهة مبدياً من جانبي تفهماً لبعض جوانب الرؤية الروسية ومتحفظاً على جوانب اخرى
الشخصية الروسية كانت تمتلك نظرية ثابتة نحو مستقبل سورية تتلخص بصعوبة بل استحالة عودتها موحدة كما كانت عليه قبل الحرب نظراً للحرب او الحروب الدائرة فيهاوتشابك مصالح القوى الكبرى في سوريا والمنطقة.
في تلك اللحظة شرحت للشخصية الروسية التداعيات والكوارث التي يمكن ان تنتج عن امكانية نجاح مشروع فدرلة سورية لان نجاح هذا المشروع يعني استمرار الحرب بل الحروب في سورية حتى لو تم القضاء على الارهاب واعلن الانتصار عليه ما يؤدي الى كسب معركة وليس الى كسب الحرب واكملت قائلاً للشخصية الروسية انني وحسب فهمي الدقيق لخصائص قرار القيادة السورية والشعب السوري فان يقيني الثابت هو رفض مثل هذا الامر مع عدم امكانية تنفيذه تحت اي ظرف من الظروف لان المشروع الامريكي الصهيوني يصب في هذا المنحى كما يجب ان لا ننسى التضحيات التي قدمت حتى اليوم من الشهداء والجرحى من الشعب السوري وحتى من حلفاء سورية في سبيل افشال مثل هذا المشروع وليس القبول به لما يكمن فيه من خطر قد يجر ليس سورية فقط بل والمنطقة باسرها الى التفتيت واي تشظٍ في الجغرافيا السورية سيكون له ارتدادات سلبية على مجمل الدول المناهضة للمشروع الغربي الاسرائيلي ومن المؤكد انه سيصيب حتى روسيا نفسها مشدداً من جهتي على ضرورة مواصلة الحرب ضد الارهاب ومشاريع الفدرلة حتى آخر المعركة لدرء الخطر عن المنطقة وعن روسيا نفسها، وختمت الحديث مع الشخصية الروسية ان مستقبل مدينة حلب بالتحديد سيحدد الاستراتيجية الجديدة لمستقبل سوريه والمنطقة وحتى روسيا ناصحاً القيادة الروسية من جهتي بعدم الوقوع في الفخ الامريكي الهادف إلى استعمال الارهاب لتحقيق وفرض مصالح ومخططات اعداء سورية وروسيا وشعوب المنطقة وليس كما يشاع اي الى محاربته.
الاجتماع الثلاثي الذي عقد في طهران مؤخراً وضم كلًّا من وزراء دفاع روسيا وسورية وايران، ورغم التكتم على مقرراته ما هو الا لشعور روسيا بخطر الفخ الذي تحاول امريكا وتركيا وعرب النفط نصبه لها ومن المؤكد ان استراتيجية جديدة لادارة المعركة على ارض سوريه مع الاخذ بعين الاعتبار التدخل التركي المتواصل والتدخل الامريكي المباشر ولو بعدد محدود من جنود وضباط القوات الخاصه اضافة لبناء قاعدة عسكرية فرنسية في الشمال السوري وقوات التجسس البريطاني وبعض من ضباط المخابرات الاسرائيلية ليس الهدف منه محاربة الارهاب بل ان هذا الحشد جاء بسبب استعمال هذا الارهاب لتنفيذ مخطط الفدرلة في سورية واضعاف النفوذ الروسي فيها.
ان التصريح الذي ادلى به وزير خارجية امريكا جون كيري القائل ان صبر الولايات المتحدة قد نفذ كان موجهاً الى القيادة الروسية بالتحديد ما دفع لرد روسي مماثل من وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف قائلاً ليس صبر امريكا الذي نفذ بل ان صبر روسيا على امريكا هو الذي نفذ وهذا ان دل على شيء فهو دليل على فهم روسي للنوايا الامريكية في المنطقة.
زيارة وزير الدفاع الروسي شويغو الى سورية يرافقه نائبه المتخصص في التسليح ودراسة حاجات الجيوش واجتماعه بالرئيس السوري بشار الاسد ثم قيامه بزيارة الى قاعدة حميميم تأتي كمؤشر واضح على فهم الواقع عن كثب واتباع استراتيجية جديدة في سورية.
كلام الرئيس السوري بشار الاسد امام مجلس الشعب المليء بالثقة له دلالات وفي اتجاهات عدة حيث قال ان حلب ستكون مقبرة احلام اردوغان ومن معه وسندفن مشاريعهم في حلب.
لم يكن من الصعب على المتابع والقارئ بين السطور اهمية الكلام الذي جاء على لسان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير بمناسبة اربعين القيادي في حزب الله الشهيد مصطفى بدر الدين.
السيد حسن نصرالله شرح وبشكل مسهب ومنمق وبحرفية عالية خبايا تلك المرحلة التي تحفظنا فيها على القرار الروسي القاضي بتقليص الدعم الجوي عندما قال اننا على عكس ما يشاع من اننا تراجعنا هنا وتقدمنا هناك لقد كنا في حال تقدم واضح وكانت التنظيمات في حال انهيار وكادت تتلاشى وتتفكك لكن عندها جرت ضغوط دولية كبيرة للاعلان عن هدنة عسكرية اتت بنتائج عكسية زادت من عدد وعتاد القوى الارهابية ما شكل فرصة لتلك التنظيمات لالتقاط الانفاس واعادة رص الصفوف.
السيد حسن نصرالله حدد البوصلة الاستراتيجية للحرب في سورية
وجودنا ووجهتتا وتواجدنا في الحرب الحقيقية الاستراتيجية التي سترسم المعالم الجديدة في المنطقة انطلاقاً من حلب التي تعتبر نقطة مفصلية في انهزام مشروع التكفير والتفتيت لتشكل خط الدفاع عن دمشق ولبنان والعراق وحتى الاردن.
السيد حسن نصرالله اضاف: لا يمكن التراجع في معركة حلب وسننتصر كما انتصرنا في تموز 2006
بهذا الكلام نسطيع القول: انه القرار الحاسم، بات من المؤكد اننا في القادم من الايام سنشهد معركة تحقيق كسرًا استراتيجيًّا للميزان العسكري لصالح الجيش العربي السوري ومحور المقاومة باستعادة كامل مدينة (حلب) وكامل ريفها وهزم مشروع اردوغان ومشروع عرب النفط، مهما كلف الامر ومهما كانت التضحيات.
عن موقع "العهد" الاخباري