2024-11-29 11:46 م

هل يصبح الإرهاب دافعاً الى تقارب سوري أردني؟

2016-06-27
كتب الدكتور خيام الزعبي*
منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، ورّطت الحكومة الأردنية المملكة في التدخل بشكل مباشر وغير مباشر، و منحت أراضيها لإنشاء معسكرات تدريب للمقاتلين، و شرّعت حدودها الشمالية لعبورهم إلى الداخل السوري، وأصبحت قاعدة متقدمة لتدريب المجموعات المسلحة للمعارضة السورية المسماه "المعتدلة" وغرفة للعمليات المشتركة التي تدير معركة الصراع على سورية "موك "، ومع مرور الوقت والإستمرار بنفس النسق والوتيرة الحادة في السياسة الأردنية تجاه سورية، بات يشكل عبئاً إضافياً على السياسة الخارجية للأردن، خصوصاً في علاقاتها مع دول إقليمية ودولية رئيسية، حتى وجدت الأردن نفسها شبه معزولة، وأصبحت في وضع لا يحسد عليه في ضوء التطورات التي تشهدها سورية حيث تدور حرب بالوكالة تصبّ في تشجيع التطرف في المنطقة. تتعرض الأردن منذ فترة لسلسلة من الهجمات الإرهابية، من خلال العمليات التي تستهدف قوات الجيش الأردني كان آخرها التفجير الإنتحاري الذي حدث إثر انفجار سيارة مفخخة على موقع عسكري على الحدود السورية، وأسفر عن استشهاد عدد من الجنود الأردنيين، وإصابة العشرات بجروح، هذه العملية قد تكون مقدمه لعمليات إرهابيه تخطط لها المجموعات الجهادية بهدف إحداث فتنة داخلية في الأردن بعد أن فشلت عملية إستهداف مركز للمخابرات الأردنية في مخيم البقعة، وقال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي سارع فوراً إلى الرد على هذا الإستهداف بالتأكيد على أن بلاده ستضرب "بيد من حديد" كل من يعتدي أو يحاول الإعتداء أو المساس بأمنه واستقراره، الأمر الذي يعكس مدى حرصه على مواجهة الأخطار التي تتهدد أمن الأردن، وهو ما دعا قيادة الجيش الأردني إلى اعلان المناطق الحدودية مع سورية مناطق عسكرية مغلقة، لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هنا هو: هل تساهم تلك التفجيرات في خلق تقارب سوري أردني مفقود في المرحلة المقبلة؟. اليوم أصبح الأردن في دائرة الإستهداف الإرهابي من قبل المخططين لإشعال المنطقة بنيران الأرهاب والفوضى بهدف تمرير مخططات مشبوهة في مقدمتها تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن وتعزيزالخيارات والبدائل حول مقولة الوطن البديل، كما أن لتنظيم القاعدة وداعش وأدواتها حسابات قديمة يريدان تصفيتها مع الأردن الذي لعب دوراً في تصفية الإرهابي "أبومصعب الزرقاوي" الذي يعتبر من مؤسسي داعش في العراق، وانضمام الأردن إلى الحملة الجوّية على داعش الذي أسر أحد طياريه العام الماضي وأقدم على حرقه حيّاً، وإنطلاقاً من ذلك فإن استهداف الأردن في الإرهاب يحمل معطيات ودلالات عديدة أهمها: استغلال الوضع الأردني الداخلي والضائقة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها الأردن بسبب حجب المساعدات الخليجية عن الأردن، كما أنها ردة فعل للمجموعات المتطرفة التي أصبحت بحكم المنهارة وباتت تخشى على وجودها في سورية لذلك سعت الى فتح الجبهة الأردنية ضمن محاولة الإنتقال بالإرهاب للأردن وخاصة إنه محاط بالبركانيين السوري والعراقي، والذي يشكل صمام أمان للسعودية والكويت ويشكل عمق إستراتيجي لأمن مجلس التعاون الخليجي. في هذا السياق أكد تجمع إعلاميون ومثقفون أردنيون من أجل سورية المقاومة "إسناد" ضرورة مبادرة الدولة الأردنية الى التنسيق مع الدولة السورية في كل شؤون الحدود لحماية الحدود الاردنية من الاختراقات الأمنية، وطالب التجمع في بيان أصدره في وقت سابق الحكومة الأردنية بضرورة محاربة التكفيريين وعدم السماح بانتشار الفكر المتطرف الذي يتعامل مع الارهابيين بمثابة "شهداء" بما يوفر مناخات للفكر الهدام مشددا على أن مصالح الأردن العليا تفرض عليه حماية حدوده وعدم السماح للعصابات الارهابية باعتبارها مدخلا بالدخول الى سورية. إن الخوف الآن يطرق باب الجميع دون إستثناء، داعش مسلط على كل الرقاب، وجميع دول المنطقة عليها إتباع سياسة الإلتفاف نحو التقاء مصالحها وأولوياتها، لذلك يجب على الأردن أن تخرج من هذه اللعبة المدمرة لأنها ستكون أول ضحايا الجماعات الجهادية التي من شأنها أن تمتد إلى الأردن والمنطقة بأكملها، وهو أمر ستكون تداعياته الخطيرة على هؤلاء الذين لا يدركون عمق الأزمة التي يعيشونها والتي ستجبرهم في النهاية على دفع ثمن تهورهم وأحقادهم تجاه سورية، وبالتالي فإن الاردن أمام مأزق خطير، لذلك لا توجد قوة قادرة على التصدي لداعش وأدواتها، إلا النظام السوري وجيشه، لذلك من يُرد صادقاً محاربة الإرهاب عليه بدمشق، فلا نهاية لهذا التنظيم المسلح إلا بمباركتها، ومتى كان القرار كان النصر، وهنا سيكون من الحكمة إعادة فتح قناة اتصال مع الحكومة السورية لمكافحة خطر داعش وأدواتها، وأن تجعل مصلحة سورية ووحدتها وإستقرارها هدفا لها، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل الأردن مستعد للإنفتاح على دمشق، وإعادة فتح قناة إتصال مع النظام السوري خاصة بعد التفجير الإرهابي الأخير؟. وأخيراً أختم مقالتي بالقول، يبدو الأردن حالياً على أبواب سيناريوهات"مرعبة" لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في ظل دق طبول "الحرب الأهلية" في العراق وسورية وموقف غربي متباطئ فيما يحصل في المنطقة، ومن هذا المنطلق يجب على الأردن أن يتأهب لمرحلة جديدة كونه حاضنة واسعة للتطرف والفكر التكفيري الذي يمثله تنظيم داعش، ومازال الكثير من الشباب الأردني المتطرف يعول على الفرصة السانحة للإنضمام الى هذا التنظيم المتشدد، فهناك عناصر كثيرة من الجنسية الأردنية الذين التحقوا بالارهابيين وتحت ضغط الجيش العربي السوري، أخذوا بالعودة الى بلدهم، وطبيعي أن يحصل الارتداد الارهابي في الساحة الاردنية، وبالتالي فإن الحكمه تتطلب تغير في الموقف الأردني تجاه عملية الصراع على سورية وتتطلب من الأردن الشروع للتنسيق مع سورية ضمن خطة إستراتجيه تقود لمحاربة الإرهاب وإجتثاثه من جذوره.
*كاتب سياسي 
khaym1979@yahoo,com