2024-11-29 11:54 م

الخطة الأمريكية لتوريط السعوديّة واقتيادها أمام المحكمة الجنائية الدوليّة

2016-06-23
بُعَيد أيام قليلة من موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على مشروع قانون باسم “العدالة ضد رعاة الإرهاب” يقضي بالسماح لذوي ضحايا هجمات الـ11 من سبتمبر/ أيلول 2001 بمقاضاة المملكة العربية السعودية على الرغم من عدم وجود أدلة ماديّة لا من قريب أو من بعيد تؤكد على (تورّط حكومة المملكة في صناعة الأحداث أو تنفيذها أو تمويلها)، ومن توابع هذا الزلزال الأمريكيّ الذي ضرب العلاقات السعوديّة الأمريكيّة اعتراف الولايات المتحدة بأن “السعودية استخدمت في اليمن القنابل العنقودية في مناطق آهلة بالسكان”، وأنَّ “واشنطن باعت للرياض أسلحة خلال الحرب على اليمن ووفرت لقواتها التدريب ومعلومات الاستهداف، وزودت مقاتلاتها بالوقود عبر الجو” مسبوقًا بإعلان وزارة الدفاع البريطانيّة فتح تحقيق حول مزاعم “استخدام السعودية قنابل عنقودية بريطانية الصنع في اليمن” وفقَ تصريح وزير الخارجيّة البريطاني فيليب هاموند. وعلى ما يبدو فإنّ دائرة الاستدراج الممنهج للسعوديّة تتسع لتضييق الخِنَاق عليها‘ وإحكام دائرة اتهامها قانونيًا وقد زاد الطين بِلّة بإقرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بـ”استخدام المملكة العربية السعودية ضغوطا على المنظمة” لرفعها ودول التحالف من تقرير المنظمة الأممية المعني بانتهاك حقوق الأطفال.

وعلى خلاف ما تروّج له بعض وسائل الإعلام المسايرة للسياسة السعوديّة باعتبار قرار رفع اسم السعوديّة وحلفائها من قائمة انتهاك حقوق الأطفال انتصارًا ساحقًا إلا أنّه في الواقع جاء ليشكل ضربة قاصمة للسياسة السعوديّة، وسوف تكون نتائجه المستقبلية على (المنظمة الأممية والسعوديّة معًا) جِدُّ خطيرة خاصةً أنّه لا يغيب عن أذهان بسطاء الناس وعامتهم أنّ (الأمم المتحدة) واقعة تحت تأثير الدول الكبرى بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها، ولا يُستبعَد صدور قراري “إدانة السعودية” و”رفع اسمها من قائمة انتهاك حقوق الأطفال” بإيعاز من الولايات المتحدة لتحقيق أكثر من هدف بضربة واحدة نورد بعضًا منها في هذا المقام:

أولا – يبدو أنَّ الأمريكيين يسعون جاهدين إلى توريط أصدقائهم السعوديّين وحلفائهم، وتقديم عرائض اتّهام ضدهم مدعومة بالشواهد والأدلّة القانونية أمام المحكمة الجنائية الدولية تستند إلى وقائع حقيقية وذلك تمهيدًا لنفض أيديهم من عبء هذه الصداقة التي دامت أكثر من 80 عامًا بعد أن استنفدت كل أهدافها وهو توجّه يؤكده اعتراف الولايات المتحدة بأن “السعودية استخدمت في اليمن القنابل العنقودية في مناطق آهلة بالسكان”، وأنَّ “واشنطن باعت للرياض أسلحة خلال الحرب على اليمن ووفرت لقواتها التدريب ومعلومات الاستهداف، وزودت مقاتلاتها بالوقود عبر الجو”، ويدعم هذا السيناريو استنادُ الأمريكيين في اعترافهم وشهادتهم في حق السعوديّة إلى تقارير “منظمة العفو الدولية” و”منظمة هيومن رايتس ووتش” التي أثبتت بالأدلة خلال تحقيقاتها في أكثر من هجوم على أن التحالف العربي ألقى قنابل عنقودية على مواقع عديدة في جميع أنحاء اليمن بما في ذلك محافظة عمران ومديرية سنحان في محافظة صنعاء. وبحسب مجلة فورين بوليسي الأمريكية فإنَّ هذه الخطوة تأتي بعد انتقادات متزايدة من قبل المشرعين الأمريكيين إزاء دعم أمريكا للمملكة في الصراع الدموي الذي تخوضه في اليمن منذ أكثر من عام.

ثانيًا –  يسعى الأمريكيون إلى ترسيخ فكرة (تأثير النفوذ السعوديّ) على المنظمة الدولية في “وعي” الجماهير العربيّة قبل الغربيّة ومن ثَمَّ رَفْع “تهمة حماية جرائم إسرائيل ضد الأطفال الفلسطينيين” من على عاتق الولايات المتحدة الأمريكيّة وتحميلها للعربيّة السعوديّة التي تملك من وسائل التأثير، والضغط على المنظمة الدوليّة والذي تقاعست عن استخدامه في سبيل حلحلة الكثير من القضايا العربيّة.

ثالثًا – يسعى الأمريكيون إلى تأكيد عُمق وتجذّر (العلاقات السعوديّة الإسرائيليّة) في (ذاكرة العقل العربيّ الشعبويَّ) والذي ستطارده الأسئلة كلما مرَّتْ على ناظريه مشاهد قتل الأطفال الفلسطينيين عبر شاشات التلفزة ومن ثَمَّ سيسائل نفسه: “إذا كانت السعوديّة تملك ذاك النفوذ والتأثير القويّ على إسرائيل والأمم المتحدة واستطاعت رفع اسمها من (لائحة انتهاك حقوق أطفال اليمن) فلماذا لم تستخدم النفوذ ذاته في “إدانة إسرائيل”؟، ولماذا لم تهدد وتضغط على المنظمة الأمميّة لإنصاف الفلسطينيين من إسرائيل التي تقتل أطفالهم يوميًا في شوارع وضواحي الأراضي المحتلة، فضلا عن حروبها العبثية المتتابعة تحت عناوين “الرصاص المصبوب” و”الجرف الصامد” التي أبادت خلالها أكثر من ألف طفل فلسطيني”.

رابعًا – إعلان البيت الأبيض قبل شهرين عن استعداده لدعم تحقيق لوصف التجاوزات في سوريا والعراق بـ “الإبادة”.وتصريح المتحدث جوش ارنست بأن “الولايات المتحدة ستتعاون ببذل جهود مستقلة للتحقيق في وقوع إبادة” مضيفا أن واشنطن ترغب في مساعدة المحكمة الجنائية الدولية لجمع الأدلة”. جاء مقدمة تمهيديّة لضم (اليمن لاحقًا) إلى (ملف تحقيقات الجنائية الدولية) وحتى تأتي محاسبة قوات التحالف العربيّ بقيادة السعوديّة في (إطار شبه قانونيّ). وإذا كان الاعتراف هو سيد الأدلة فقد يتمّ توظيف تصريح الناطق باسم قوات التحالف العميد أحمد عسيري على قناة العربية “بأن المجزرة التي ارتكبتها قواته في استهداف “سوق الخميس