تناولت الصحف البريطانية قضية الاستثمارات الليبية في بنك غولدمان ساكس والتي بدأت المحكمة العليا النظر فيها مؤخرا، لافتة إلى تورط البنك في استعمال المومسات للاستحواذ على هذه الأموال.
والحديث لا يدور حول مبالغ صغيرة بل مليار ومئتا مليون دولار تعود للمؤسسة الليبية للاستثمار، وهو صندوق الثروة السيادية لهذا البلد ورأس ماله 67 مليار دولار، وكان بدأ تعاملاته مع هذا المصرف في عام 2007، واستعمل مسؤولو المصرف أساليب ملتوية لجذب هذه الاستثمارات ثم التلاعب بها، واستخدموا لهذا الهدف بائعات الهوى والرحلات الباذخة والفنادق الفخمة، واستغلوا أيضا قلة خبرة القائمين على الاستثمارات الليبية.
وتقاضي المؤسسة الليبية للاستثمار مصرف غولدمان ساكس وتتهمه بالمسؤولية في التسبب بخسارتها مليار ومئتي مليون دولار، مطالبة باستردادها.
وقد أفردت صحيفتا الديلي ميل والتايمز البريطانيتان صفحاتها للحديث عن هذه الفضيحة المالية الكبرى وكشفت عن الكثير من المفاجآت والأساليب المشبوهة التي استخدمها المصرف للاحتيال على زبائنه الليبيين بما في ذلك رشوة المسؤولين الماليين الليبيين بمختلف الوسائل.
وتتوجه أصابع الاتهام إلى دور رئيس لأحد المدراء التنفيذيين السابقين في مصرف غولدمان ساكس، وهو من أصول مغربية ويدعى يوسف القباج، وكان كلف عام 2007 بربط العلاقات مع المسؤولين الليبيين للظفر بحصة من عائدات النفط بعد رفع العقوبات عن هذا البلد.
وقد سخّر هذا الموظف كل مواهبة لخداع المسؤولين الماليين الليبيين بشتى الوسائل حيث تشير رسائله البريدية إلى أنه كان سخيا جدا معهم! وأنفق في غضون عام على علاج الموظفين الليبيين الكبار وعلى سفرياتهم وأكلهم ومبيتهم نحو 50 ألف باوند، وشملت الرحلات التي أعدت لهؤلاء واحدة إلى لندن لمشاهدة مباراة للركبي بين انجلترا وجنوب إفريقيا.
وأظهرت الرسائل النصية لقباج تورطه في تنظيم برنامج تدريب مشبوه لحاتم الزرتي أقيم في غولدمان ساكس للشقيق الأصغر لمصطفى الزرتي نائب الرئيس التنفيذي السابق للهيئة الليبية للاستثمارات.
وينفي مصرف غولدمان ساكس هذا الاتهام، ويصف ذلك بأنه مجرد عرض داخلي، وذلك لاعتقاده بأن الزرتي الصغير سيعمل في المستقبل في المؤسسة الليبية للاستثمار!
ولم يكتف القباج بالاهتمام بمستقبل الزرتي الصغير فقط، بل واصطحبه عام 2008 في رحلتين إلى المغرب ودبي بكامل وسائل الراحة والرفاهية تنقلا وإقامة زاد عليها بدفع مبلغ 600 دولار لبائعتي هوى مقابل أن تقضيا ليلة معهما في أحد أفخم فنادق دبي.
ولم يخف القباج في مراسلاته الالكترونية مع مرؤوسيه سخريته من القائمين على الاستثمارات الليبية ومن انعدام الخبرة المالية والمصرفية لديهم وذلك بعد أن اقنعهم المصرف بالاستثمار في شراء أسهم فقدت جدواها بعد عامين.
وتتهم الهيئة الليبية للاستثمارات مصرف غولدمان ساكس بأنه شجع صندوق الثروة السيادية الليبي على الدخول في استثمارات معقدة وخاسرة من خلال تسع صفقات مشبوهة عام 2008 كسب هو منها 270 مليون دولار.
ويدافع المصرف عن زبائنه الليبيين في الهيئة الليبية للاستثمارات قائلا عنهم إنهم يتعاملون مع 77 مؤسسة مصرفية ومالية دولية ولديهم خبرة في التمويل الدولي، ويصف الخدمات الترفيهية التي أسداها لزبائنه الليبيين بأنها متواضعة نسبيا!
وكان يوسف القباج غادر مصرف غولدمان ساكس عام 2008 حاملا معه بطريقة غامضة 3 ملايين جنيه استرليني ويعيش الآن في الولايات المتحدة، وادعى أنه اضطر إلى الفرار من العاصمة الليبية طرابلس نتيجة لتلقيه تهديدات من قبل جهاز استخبارات أجنبي ومن نائب رئيس الهيئة الليبية للاستثمار مصطفى الزرتي بسبب الخسائر التي تكبدتها مؤسسته.
المصدر: ديلي ميل