هذا العمل الارهابي الجديد وهو الثاني خلال شهر، واستنادا الى كثير من المؤشرات، وطبيعة الموقف الاردني من أحداث وملفات المنطقة، له عدة تفسيرات وأهداف، قد تسلط الضوء على الجهة المنفذة، وقبل تناول هذه العناصر، فان الاردن له موقف داعم لسياسة دعم العصابات الارهابية من حيث معسكرات التجميع والتدريب المقامة على أراضيه منذ أكثر من سنوات خمس، وفتح حدودها أمام تدفق الارهابيين وشحنات الاسلحة باتجاه الدولة السورية، بتأثير واغراء وربما تهديد من المشاركين في المؤامرة الارهابية الكونية ضد الشعب السوري، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والمملكة الوهابية السعودية، حيث وجد الاردن نفسه في الخندق الداعم للارهاب الساعي لتدمير الساحات العربية، وبذلك، وبعد مضي سنوات خمس وأكثر على هذا الاصطفاف لم يعد النظام الاردني قادرا على التراجع عن دور فرض عليه لضرورات كثيرة، أو برضى كامل ورغبة لا يمكن اخفاؤها أو انكارها.
هذا الموقف الاردني، شجع آلاف العناصر من الاردن الى اللحاق بالارهابيين ، والانضمام الى العصابات الارهابية متعددة الاسباب، وهو موقف شكل حاضنة للارهاب، بمعنى أن التسهيلات الاردنية لتدفق الارهابيين من الاردن والعديد من الجنسيات المختلفة، فتح الباب لشرائح في الساحة الاردنية، بأن تعلي صوتها دعما للعصابات الارهابية ورعاة الارهاب، وربما أن الارهاب لا دين له، فان عصاباته تخضع للتطورات الميدانية في ساحة تشترك مع الاردن في حدود طويلة.
وفي الاشهر الاخيرة ، وبفعل ملاحقة الجيش العربي السوري للارهابيين في المنطقة الجنوبية، بدأت الاردن، تعيد النظر في سياستها المرتبطة بالنظام الوهابي السعودي، وهو أحد رعاة الارهاب الرئيسيين في المنطقة، واعادة النظر من جانب القيادة الاردنية، جاءت أيضا على خلفية تدفق التقارير الاستخبارية على العاصمة الاردنية تحذر من ارتداد ارهابي خطير قد يعصف بالساحة الاردنية، مما دفع بعض المسؤولين في الاردن والحريصين على سلامة ساحته، الى الاعلان صراحة عن ضرورة عدم القبول بما تطلبه المملكة الوهابية والحذر من سياسة الرياض التي تجرأت على المس بالقرار الاردني والسيادة الاردنية، من خلال التصرف بحرية في فتح معسكرات تدريب الارهابيين ونقل السلاح الى الارهابيين في الساحة السورية.
لكن، وحسب دوائر سياسية مطلعة، ان الاردن تباطا في الخروج بموقف يبعد عنه شرور الارتداد الارهابي، ولم يسارع للتضييق على التدخلات السعودية وغيرها، التي تدفع باتجاه تحويل الاردن الى ساحة داعمة بمعنى الكلمة للارهاب، هذه الدوائر أشارت أيضا الى أن القيادات الارهابية وداعمي العصابات الارهابية، شعروا بأن القيادة الاردنية، بدأت تتململ من الضغط والعبث السعودي في الساحة الاردنية، وراحت تفرض ضوابط محددة للحد من المشاركة الاردنية، لكن، بعيدا عن الحسم وببطء شديد، فكان الارتداد الارهابي أسرع، ومؤلما، متمثلا في الاعتداء الارهابي على موقع "الرقبان" وهو الاعتداء الثالث خلال شهر، الا أنه الأكثر دقة وتنظيما وايلاما، وتقول دوائر ذات اطلاع واسع لـ (المنـار) أن دولا بعينها، تقف وراء التفجير الارهابي عبر عصابات تقوم بتمويلها ودعمها، في اطار التنافس والصراع بين هذه الدول على التحكم بالساحة الاردنية، فهي، اذن ضحية لتصفية الحسابات وميدان لتصارع بعض الدول، وهي في ذات الوقت داعمة للارهاب وراعية له، لكنها، في حرب تزعم غير ظاهرة على السطح، أما التفسير الأكثر دقة لما حدث، وأحد الاسباب والعوامل الرئيسة التي تقف وراء هذا العمل الارهابي، فهو الارتداد الارهابي، الذي حذرت منه كثيرا القيادة السورية، والجهات الحريصة على ساحة الاردن وشعبها، فالهزائم التي تلحق بالارهابيين في سوريا، وفي المنطقة الجنوبية تحديدا، ستدفع بهم الى الساحة الاردنية لمواصلة جرائمها والخطط الموضوعة لها الهادفة الى تدمير كل الساحات العربية، خاصة وان موقف الاردن منذ بداية المؤامرة الارهابية أوجد حاضنة للارهاب في المملكة، سوف يلجأ اليها الارهابيون المهزومون ويستثمرونها لتنفيذ المزيد من الاعمال الاجرامية الارهابية.
الدوائر ذانها، تكشف عن امكانية تورط مشيخة قطر في الارتداد الارهابي، المتصاعد على الاردن، فهذه المشيخة في صراع وتنافس مع المملكة الوهابية السعودية، يشكل الاردن أحد ميادينه وكانت الحكومة الاردنية،قد ألقت القبض على خلايا ارهابية نائمة تمولها الدوحة، وتمتثل لتعليماتها، والقيادة القطرية تنظر الى الاردن على أنها منطقة نفوذ للملكة الوهابية السعودية، وبالتالي، لا تستبعد الدوائر مشاركة المشيخة في مخططات تخريبية قادة تستهدف الاردن.
وهاك تفسير آخر تورده الدوائر المذكورة، وهو أن العملية الارهابية ضد الموقع العسكري الاردني في "الرقبان"، قد تكون بتدبير من قوى التآمر على سوريا، لاجبار النظام الاردني والضغط عليه للاستمرار في دوره اللوجستي الداعم لسياسات رعاة الارهاب، وقطع الطريق على أي توجه أردني بالتخلي عن هذا الدور حفاظا على أمن المملكة.
وترى الدوائر أن من بين أهم سبل مواجهة الارهاب من جانب القيادة الاردنية، هو اتخاذ موقف حاسم رافض لاستخدام الاردن قاعدة ارهابية ضد الشعب السوري ومد جسور الاتصال والتنسيق مع القيادة السورية وانهاء القطيعة معها، لمواجهة الارتداد الارهابي الخطير على الساحة الاردنية.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هو: هل يستطيع النظام الاردني، وهل لديه الرغبة على فعل ذلك، ويتوقف عن الدور الذي أوكل اليه من جانب الدول الراعية للارهاب، حماية للساحة الاردنية ، التي تتهددها أخطار كثيرة.